موناسادات خواسته
إستشهد قادة المقاومة السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، ولكن باستشهادهما بقيت حرقة في القلب، ولو تركوا تراث المقاومة الخالد، ومدرستهما ستربي الجيل المقاوم، جيلاً بعد جيل، وسيحضر تشييعهما أحرار العالم من مختلف أنحاء العالم، وهم ينادون: “إنا على العهد”، فعلى أعتاب تشييعهما إغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً مع الخبير الإعلامي اللبناني والناقد السينمائي الأستاذ “جهاد أيوب”، الذي له الكثير من النشاطات وتكرّس إسمه كناقد بفعل تراكم الخبرة والحضور في الكثير من المجالات المستحقة للنقد، وفيما يلي نص الحوار:
الإنسان الحر شريك الأرض
بداية كان الحديث عن شخصية الشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، فقال الأستاذ جهاد أيوب: إستشهاد القادة يعلمنا أن الوطن السيادي هو القضية، وأن الإنسان الحر شريك الأرض والشرف وأن الله حق… واستشهاد القائد سيد الصدق والعنفوان والعنوان المقاوم حسن نصرالله وسيد الحسم والطيب السيد هاشم صفي الدين صفعة على خد الزمن، ووجع للأيام بكل فصولها، صحيح ان السيدين نالا ما تمنيا، ولكنهما ذهبا إلى الحبيب العادل الجبار، ونحن باقون في خوض الطعنات ومواجهة الأعداء وشياطين الأرض!
خسارة السيد الشهيد حسن نصرالله خسارة كبيرة لا تعوض كما لو قطعنا جذور الشجرة المثمرة، نحن هنا لا نرفض الموت، والموت حق، إلا أن هكذا قائد عاش بيننا، شرب ما نشرب، أكل من طعامنا، فكر بنا، واهتم لوضعنا وفرحنا وشرفنا وعرضنا من الصعب تقبل خبر رحيله، ومن الصعب العيش من دونه في بلد احتضن العملاء كي يشمتوا بالموت وبنا، وقدم الشهداء أيضاً!
الشهيد السيد حسن نصرالله واحة خضراء في غابة كبيرة ومخيفة عرف أن يحمينا من الشوك والغدّارين، كان شريكنا خلال ٣٢ عاماً أعاد من خلالها صياغة الوطن، وأحاك الكرامة بعد أن خانها بعض العرب!
السيد حسن نصرالله شريكنا في الوجود منتصرين على عدو غدّار وكافر، وهو بحكمته وصبره وبصيرته أهدانا الإنتصارات التي لم نعهدها منذ زمن… خسارته دمعة أكبر من العين، واغتيال السيد حسن نصرالله هزة إنسانية في النفس البشرية… وجع لن ينضبط!
أحدث هذا الإغتيال ردود إنسانية وروحية، جمّار، إنفجار، هذا التشييع يُحارب قبل أن يحدث، لكنه إعلان لإنتمائنا للمقاومة، وإعلان ولاية الوحيد الذي قال “لا” لـ “إسرائيل” و “أمريكا”، والوحيد الذي وقف ضد فرعون العصر، والوحيد الذي كان يدافع عن الأمة العربية والإسلامية.
والسيد هاشم صفي الدين شريك السيد حسن نصرالله منذ طفولتهما وفي أصعب المراحل، لم يعش بعد الشهيد المقدس إلا أربعة أيام ليلحق به شهيداً في أرض المعركة… كان سيداً في القول والفعل، يحسم ولا يجامل، وكنا في فكرة دائماً، ونظراته لا تغيب عنها الشمس…خسارتنا في فقدان السيد هاشم صفي الدين كبيرة ومربكة ولكن الله باق باق باق!
السيد في المقاومة باقٍ
فيما يتعلق بتأثير استشهادهما على المجتمع اللبناني والمقاومة بشكل عام، يقول أيوب: لا شك خسارة السيد حسن كبيرة على لبنان وعلى محور المقاومة، نحن في الوطن سنفتقد للعامل والذي لا ينام إلى حين تأكد أننا بخير، ورحيله صنع بداخل القلب والوطن جرحاً وجعه أكبر من نزيفه، لقد خسر لبنان الحكمة، والعمل السياسي الصادق بعد أن اعتدنا نفاق السياسة وسياسة النفاق!
غداً سيدرك الجميع في الوطن أعداءً وأحباباً إنهم خسروا الوفاء والكبرياء والرجل وذهبت المواقف الصادقة وكبرياء الوطن…!
وعلى صعيد المقاومة بالتأكيد الوجع كبير لكنها ليست خسارة دائمة بل السيد في المقاومة باقٍ باقٍ، وتلاميذه سيكملون المسيرة، وتلاقيه بهم لن يعرف الأفول، فهو المدرس والطبيب والمفكر والمخطط والمتواضع والحاسم، وترك خلفه عشرات الآلاف لينشروا مداميك مدرسته.
وتأثير السيد هاشم صفي الدين يعني فقدنا الحنكة السياسية، والذكاء، والإيمان والصابر…فقدانه كما تفقد الروح النفس، وهذا ما اصابنا بعد استشهاده!
إستشهاد القادة يقدم للعالم أصول المجابهة
أما حول الدرس الذي علّموه قادة الشهداء لشباب المقاومة، باستشهادهم، يقول أيوب: في إستشهادهما وإستشهاد القادة يتعلم العالم أصول المجابهة، وكيف القادة لا يهربون مع أسرهم، بل يواجهون مباشرة ومن حدود الصفر، لا فرق بينهم وبين الشباب المقاوم، إنهم أسياد العقيدة والفكر والمعركة وكل الجبهات، وشهادتهم أثبتت أن رجال المقاومة هم رجال الله، واختارهم منارة في الوصول إلى نور العقيدة، والعقيدة إثبات وجود، ووجودنا شهادة.
الفن والثقافة بعد إستشهادهما
عندما سألنا الأستاذ جهاد أيوب عن رأيه حول ردة فعل الفنانين بعد استشهادهما والذي على عاتق الفنانين، هكذا أبدى عن رأيه، قائلاً: يوجد قلة قليلة من الفنانين المثقفين الذين وقفوا سداً منيعاً أمام الجبروت الأميركي، ويدركون أننا نقاتل أميركا، والباقون مجرد أوراق حمامات بالية… نعم كما قال الإمام الخميني(قدس): “أميركا الشيطان الأكبر”… وحينما استشهد السيد، أصيب الفنان والمثقف بالدهشة وبجمود الحضور، والوجع احتل الأمكنة، وربما بعد التشييع سيكتشفون عظمة الحدث!
بعد فترة سنجد أن للفن والفنانين دوراً مهماً في تقديم فكر وعالم الشهداء القادة، وكذلك من تبقى في الثقافة سيترجم أوجاعنا بثقافة مسؤولة، وأعتقد ان الأفلام الوثائقية ستزداد، وربما السينما ستشارك بنشر ثقافة المقاومة جراء استشهاد هؤلاء القادة.
وجع الصوت
وفي الختام يقول الأستاذ جهاد أيوب: لو كان للوجع صوت لنطق بآلامه على رحيل السيد حسن نصرالله، ولو كان للشجر أغنية لردد وفاء للسيد هاشم… يعزينا في لبنان أن تراب الوطن سيكون الكفن والمنتظر لجسدهما بعد أن اشتاق الله لهما فأخذهم في أعظم معركة وأخطرها في العالم… والمسيرة ستكمل، والله هو من يعطي، وهو يعرف انتهاء الدور ليبدأ دور الأحياء وقد يكون أخطر وأهم… نحن أمة اعتادت الشهادة وننتظرها، ولكننا نحب الحياة ونتصدى لكل جبروت!