عبير شمص
في كل كلمة نطقها كانت فلسطين حاضرة، وفي كل معركة خاضها، كانت رايتها مرفوعة بأسمى معاني الكرامة، اليوم، وفي توديعه، يعلم الجميع أن فلسطين لن تُنسى، وأن ما زرع فيها سيظل ينبت أملًا ونضالًا حتى يتحقق الحلم الذي لطالما حلم به، حلم العودة، وحلم التحرير، وستظل راية فلسطين في السماء، وسيتحقق حلمه الذي نادى به ألا وهو تحرير فلسطين كل فلسطين، وفي هذا السياق حاورت صحيفة الوفاق الكاتب والإعلامي الفلسطيني حمزة البشتاوي، وفيما يلي نص الحوار:
يرى الإعلامي البشتاوي أن الحضور في مراسم التشييع على المستوى العددي والمشاركة السياسية الرسمية والشعبية كان كبيراً جداً وهذا ما سيترك أثرا على المستوى المحلي والإقليمي وصولاً إلى المستوى الدولي، شهد التشييع بالأمس مشاركة شعبية واسعة التفت حول شخصية سيد شهداء الأمة الإسلامية السيد حسن نصر الله هذا القائد الاستثنائي الذي حصد إجماعاً ليس فقط في لبنان والعالم العربي والإسلامي بل تخطاه ليطال كل الأحرار والمناضلين من أجل الحرية والعدالة في العالم ، شكلت شخصية هذا القائد التاريخي والاستثنائي أنموذجاً ملهماً للثوار فحضروا جميعاً للمشاركة في تشييعه. وقد حمل تشييعه المهيب رسائل متعددة الاتجاهات محلية وإقليمية ودولية، أكدت أن غياب الجسد لا يعني غياب الروح فالروح ما تزال حاضرة والفكرة كذلك والإنتماء يزداد عمقاً لدى المؤمنين بها والتي استشهد من أجلها سماحته ورفيق دربه السيد هاشم صفي الدين، رأينا في هذا التشييع تأكيد المشاركين في هذه الجموع المليونية على القول “إنا على العهد” وأن هذه المسيرة مستمرة وسوف تستمر لِما تركه سماحة السيد الشهيد القائد حسن نصر الله” من أثر فيها.
لا نهاب العدو
يؤكد الإعلامي البشتاوي بأن العدو الصهيوني حاول بشتى الطرق منع التشييع والتضييق عليه وتهديد المشاركين فيه، وكان آخر هذه التهديدات الاستعراضات الجوية لطائراته الحربية وخرق جدار الصوت في سعي لتخويف الناس، ولكنه برأيي كان هو الخائف بعدما رأى هذه الحشود المليونية التي سببت الإنزعاج لقادته السياسيين والعسكرييين الذين ادعوا أنهم هزموا حزب الله، ولمستوطنيه الذين ما زالت تتوالى الضربات عليهم من تحرير الأهالي لقراهم ورفع أعلام حزب الله على الحدود إلى هذه الحشود غير المسبوقة في تاريخ لبنان، فحاولوا التعويض عن ذلك بهذه الاستعراضات ونشر فيديو استهداف سماحته على وسائل الإعلام، هذه الجريمة الكبرى بقصفه بـ82 طناً من المتفجرات للتأكد من قتله، واعتقدوا بذلك أنهم سيقضوا على المقاومة، ونقول لهم أنتم نلتم من الجسد ولكن لم تقضوا على الروح التي ستبقى حاضرة، هذا السيد لا يعرف الغياب سيبقى حاضراً دائماً وأبداً في وجدان وضمير الشعب اللبناني والفلسطيني وشعوب المنطقة وسوف يزداد حضوراً أكثر لدى أبنائنا وأحفادنا في الحاضر والمستقبل”.
لم يترك فلسطين وبدورها لم تتركه
يؤكد الإعلامي البشتاوي بأن السيد دعم فلسطين وقضيتها واستشهد على طريق عاصمتها القدس، وهي بدورها لم تتركه فحضرت في تشييعه متمثلة بأبناء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المنتشرة في كل لبنان من الجنوب إلى الشمال من بيروت والبقاع، قدموا يحملون صور الشهيدين السيدين الكبيرين ويرفعون رايات فلسطين والمقاومة يودعون هذا القائد الذي ترك أمانه فلسطين لدى كل أبناء المقاومة ومؤيديها ومناصريها، ولم تقتصر المشاركة على لبنان بل كان هناك استعدادات ميدانية داخل فلسطين المحتلة وفي مدينة القدس المحتلة لإقامة مسيرة تشييع رمزي لسيد شهداء الأمة في باحات المسجد الأقصى، ولكن حال دون ذلك حالة الاستنفار والانتشار الكبير لعناصر الشاباك وجيش الاحتلال لمنع حدوثها، وإن لم يستطيعوا لكنهم أعلنوها مدويةً في قلوبهم وفي توديعهم الشهيدين الكبيرين السيدين العظيمين بالحزن وبالوعد بالبقاء على العهد والاستمرار بمسيرة المقاومة”.
محاولات متكررة فاشلة
يرى الإعلامي البشتاوي بأن العدو الصهيوني ومن معه يحاولون عبر الدعاية المضللة الترويج لمقولة الهزيمة والانكسار وتراجع الحضور والدور، ولكن جاءه رد الشعوب وفي مقدمتها الشعب اللبناني والفلسطيني في التشييع بأن المقاومة تزداد حضوراً وقوهً وقدرةً على تحقيق الإنجازات في مسيرتها المستمرة والتي دخلت في عصر سيد شهداء الأمة في عصر الانتصارات منذ عام 2000 وهي لم تتراجع عن هذه المسيرة، وكان هذا التشييع المليوني الجواب الحاسم والواضح لكذب العدو، فالمقاومة وبيئتها الحاضنة باقية إلى تحرير الأرض وزوال العدو الصهيوني”.
أعاد توازن الردع مع المقاومة
يشير الإعلامي البشتاوي بأن هذا التشييع عمل على إعادة توازن صورة المقاومة في لبنان والمنطقة ، باعتبارها الصورة التي تعبر عن وجدان وضمير الناس والإجماع حول أهمية وضرورة وجدوى ومشروعية المقاومة، وكان لافتاً لخصوم المقاومة وأصدقائها هذا التنظيم المدهش وغير المسبوق الذي تعجز الدول عن تنفيذه في الحالات العادية كيف وهو أتى بعد حرب حاقدة وقاسية استمرت 66 يوماً على المقاومة وبيئتها، مما يدلل أن هذه المقاومة ما زالت تمتلك قدرات كبيرة على مستوى التنظيم والحشد، وأثبت أن الصورة الحقيقية للمقاومة لا يمكن فهمها أو قراءتها من الدعاية الصهيونية أو الأمريكية ومن يدور في فلكهم، بل منها مباشرة ً ومن ناسها من شعوب الأمة الحية التي ما زالت تؤمن بأن لا يمكن التحرر من هذا الإحتلال إلا عبر المقاومة”.
فلسطين قضية السيد المركزية
يؤكد الإعلامي البشتاوي بأن فلسطين كانت وستبقى قضية السيد الشهيد حسن نصرالله الأساسية، وهو اختار طريق الشهادة على طريق القدس العاصمة الأبدية لفلسطين، سوف يتذكر الفلسطينيون وكل أحرار العالم بأن قضية فلسطين كانت حاضرة دوماً في مسيرته وفي خطاباته وخاصةً في يوم القدس العالمي والذي كان يؤكد فيه بأن القدس تحتاج إلى تضافر الجهود لمقاومة الاحتلال وأنها محور قضايا الأمة الإسلامية، وكان يعلنها ويرددها دائماً أننا لن نتخلى عن فلسطين لن نتخلى عن غزة وها هم أبناؤه ومحبوه في تشييعه يرددون كلامه هاتفين في تشييعه لبيك يا فلسطين لبيك يا قدس ويا غزة، لقد استطاع سيد شهداء الأمة أن يرسخ هذه القيم وهذه المفاهيم النبيلة في وجدان وضمير جمهور المقاومة الذي سيبقى على العهد عهد المقاومة ومواجهة قوى الباطل، عهد القدس وفلسطين”.