هل تكثر المشاكل العائلية في رمضان؟ وكيف نتجنبها بذكاء؟

مزيد من الإجهاد المادي والمعنوي، والتطلعات التي تفوق الميزانيات المتاحة وسط أزمات مادية خانقة، تقود إليها حالة التشجيع الشديدة على الشراء في المحال والأسواق، وحتى التلفزيون، مع كم ضخم من الأعمال الفنية تحملها القنوات تصيب بحالة من التشتت،

رغم حالة السعادة والترحاب بحلول شهر رمضان الكريم، فإن حالة من الترقب والقلق قد تسيطر على البعض بسبب المشكلات التي تجتاح العديد من المنازل تحت عنوان “متطلبات رمضان” والتي تنفجر في بعض المنازل مع الأيام الأولى من الصيام، لتتحول بهجة الشهر إلى قلق وشعور بالضيق، وتنقلب التجمعات العائلية المرتقبة إلى أفخاخ تٌحسب لها الحسابات، المادية والمعنوية، فضلا عن الكثير من الهموم المتعلقة بالإرهاق الناتج عن التسوق وعمليات التنظيف وإعداد الطعام بكميات أكبر من المعتاد في بقية الأيام، لكن المسألة تذهب أحيانا إلى أبعد من ذلك.

 

كلمة السر في “خلل الأولويات”

 

تروي الدكتورة إيمان عبد الله استشاري العلاج النفسي الأسري  قصة واحدة من الحالات التي تعاملت قبل وقت قصير وتقول “جاءتني سيدة تشكو إفراطها في شراء زينة رمضان، كانت تعاني من مشكلة حقيقية وإسراف غير منطقي في شراء الأغراض المتعلقة بالشهر الكريم، حتى من دون حاجة للدرجة التي يمكن أن تنفق معها مصروف شهر كامل على أغراض زائدة عن الحاجة مما دفعها لطلب المشورة، حيث تبين أن والديها قد اعتادا على طقوس بعينها قبيل الشهر الكريم، ومع وفاة والدها في سن صغيرة احتفظت السيدة بعادة الشراء المبالغ فيها، محاولة منها للتمسك بذكريات الماضي واستعادة السعادة التي اعتاد والدها بثها في المنزل”.

 

وتضيف “أكثر المشكلات التي تقع قبل حلول الشهر الكريم، أو خلاله، عادة ما تكون بسبب الخروج عن روح رمضان، وعن الأولويات التي يتطلبها، فبدلا من الاهتمام بالتجهيزات الروحانية الخاصة بالصلاة والصوم والعبادة، صار كثيرون يؤدونها بطريقة شكلية وآلية دون استشعار للطاقة الجبارة للشهر، مع انصراف تام عن الهدف، فصار حلول الشهر مرادفا لزيادة الإنفاق على الطعام بدلا من المحتاجين، والإسراف بدلا من الزهد، إجهاد مادي يضاف إليه الإجهاد البدني الناتج عن اختلال نظام الطعام والنوم، والطاقة الضخمة التي تبذل في الدعوات المتكررة (العزومات) وما يصاحبها من مشكلات عائلية تتجدد خلال الاجتماعات، وهكذا يتحول الصيام الذي يهدف في جوهره إلى التخلص من الضغوط والأمور الزائدة إلى عبء ومعاناة”.

 

مزيد من الإجهاد المادي والمعنوي، والتطلعات التي تفوق الميزانيات المتاحة وسط أزمات مادية خانقة، تقود إليها حالة التشجيع الشديدة على الشراء في المحال والأسواق، وحتى التلفزيون، مع كم ضخم من الأعمال الفنية تحملها القنوات تصيب بحالة من التشتت، وكما تقول المعالجة النفسية إيمان عبد الله إن ذلك كله يقود إلى خلل في تنظيم الوقت خلال رمضان، وتضيف “أحد أكبر المشكلات الصامتة التي تزيد من معاناة الأسر خلال شهر رمضان إلقاء المسؤولية بالكامل على عاتق الأم، بداية من العناية باحتياجات أهل المنزل، مرورا بأعمال التنظيف وإعداد الطعام، مع مزيد من المسؤوليات الخاصة بالمذاكرة للأولاد، والواجبات الاجتماعية مما يزيد من الضغوط على الكثير من النساء”.

 

 

 مشكلات أساسية بالتجمعات العائلية

 

تواجه العائلات على مستوى العالم مجموعة من التحديات أثناء اجتماعها في المناسبات السنوية، ومن بينها شهر رمضان الكريم. وتشير الباحثة والكاتبة في مجال علم النفس إيزادورا ألمان إلى ما تحمله التجمعات العائلية من مشاكل تنتج عن الاحتكاك لعدد كبير من أفراد العائلات بعد وقت طويل من الغياب، الأمر الذي يفتح الباب للعديد من المواقف المحرجة وغير المتوقعة، خاصة في حال وجود مشاحنات أو اختلافات قديمة، وهكذا يتم تجاهل البعض حول المائدة، أو توجيه كلمات جارحة لآخرين مقصودة كانت أو غير مقصودة. وبينما يشعر البعض بتحيز ضدهم، يشعر آخرون بإهمال متعمد وطريقة غير مريحة في التعامل، بالإضافة إلى تلك النقاشات التي تثير غضبا مفاجئا بين الجميع مع مناقشة أمر سياسي بسيط حوله اختلافات في وجهات النظر، تقود أحيانا البعض إلى مغادرة التجمع من الأساس.

 

وقد لخص مجموعة من المعالجين الأسريين أشهر المشكلات التي تواجه التجمعات العائلية في 6 مشكلات أساسية هي:

 

التعرض إلى طرح أسئلة بها تدخل في الأمور الخاصة والشخصية.

 

إعادة مناقشة بعض المشكلات القديمة أو الموضوعات غير المرحب بها من الجميع.

 

التعليق على سلوك الأطفال في العائلة، أو على ردود فعل وطريقة تربية الآباء لأولادهم.

 

معاملة البالغين الأصغر سنا كما لو كانوا ما يزالون أطفالا أو مراهقين.

 

سرد قصص عن الآخرين تعرضهم للإحراج وسط بقية أفراد العائلة.

 

ينشأ الصراع أيضا حول من يزور من وعلى الهدية التي يجب أن يتم جلبها وميزانيتها، ومن يجب أن يتحملها.

 

هكذا تقلل من المشاكل في شهر رمضان

 

تنصح الدكتورة إيمان عبد الله باستغلال شهر رمضان في تبني عادات جديدة لدى أفراد الأسرة جميعا “فممارسة عادة معينة لـ30 يوما متواصلة يحولها إلى سلوك، لهذا أنصح الأمهات بمعالجة انعدام الشعور بالمسؤولية لدى الأولاد خلال شهر رمضان الكريم بإشراكهم ومساعدتهم في المهام الملقاة على عاتقها، وهذه فرصة ذهبية لتعديل السلوكيات والتخلص من الأعباء بدلا من تبنيها”.

 

 

المصدر: وكالات