مروة ناصر
صمّت الدول الغربية آذانها عن نداء سوريا الاستغاثي وغطّت عيونها بما يسمى “قانون قيصر” عن مشاهد آلاف السوريين، ولا سيما الأطفال منهم، وهم تحت أنقاض الزلزال “الأقوى منذ 100 عام” – حسب وصف “اليونيسف” – الذي ضرب منطقة شرقي المتوسط فجر الاثنين في السادس من شباط / فبراير الجاري. فيما لبّت دول أخرى واجبها الإنساني كاسرةً الحصار على دمشق وكاشفةً عن الوجه الحقيقي للغرب الذي غذّى معاناة الشعب السوري طوال 11 سنة من الحرب.
لبنان
اتخذ لبنان قراره بالتضامن انسانيًا مع سوريا، وفتح وزير أشغاله العامة المطار والموانئ اللبنانية لتسهيل وصول المساعدات وبدون رسوم وفرق الإنقاذ إلى سوريا في حال كان لدى “بعض الشركات والمنظمات حرج من الهبوط في المطارات السورية”، وهذا “أقل ما يمكن تقديمه للشعب السوري”، وفق “حميّة” الذي صرّح بعد تكليفه من رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أن “الدولة اللبنانية، تضع كافة ما يمكنها تقديمه من خبرات ودعم ميداني مطلوب من الأشقاء في سوريا في سبيل التخفيف من تداعيات هذه المأساة” وهي على أتم الاستعداد لتقديم المساعدات الممكنة وضمن الإمكانات المتاحة”.
بالإضافة الى ذلك، انطلق فريق من الجيش اللبناني والدفاع المدني وفوج الإطفاء للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ الى جانب الفرق السورية في المناطق المتضررة. وكان “ميقاتي” قد بادر بالاتصال بنظيره السوري حسين عرنوس واضعًا “الإمكانات اللوجستية المتاحة في لبنان في خدمة جهود الإغاثة الجارية”.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية
تعزيزًا لموقفها في دعم سوريا منذ بداية الحرب عليها، والتي قدّمت خلالها الجمهورية الإسلامية الإيرانية “مساعدات هائلة للشعب السوري ربما تجاوزت المبلغ الثلاث وعشرين مليار دولار عدى عن الدعم العسكري والدعم التسليحي بالإضافة الى الشروط الميسرة في إمداد سوريا بالطاقة (الفيول والنفط الخام)”، حسب حديث الكاتب السياسي السوري الدكتور أحمد الدرزي لموقع “الخنادق”، حضرت فرق الاغاثة الإيرانية الى جانب تلك السورية في المناطق المنكوبة.
ومنذ الساعات الأولى للزلزال “تحرك المستشارون العسكريون الإيرانيون في سوريا للمساعدة وعمدوا لتجهيز مطار حلب الدولي لاستقبال طائرات المساعدات”، وفق تصريح القنصل الإيراني في مدينة حلب السورية نواب نوري لقناة “الميادين”. وقد شملت المساعدات الأولية الأدوية ووسائل التدفئة. وقد نصبت القنصلية الإيرانية في حلب خيمة إغاثة لتقديم المساعدات للشعب السوري.
كما أرسلت طهران طائرات شحن محمّلة بالمساعدات فيما انطلقت شاحنات أخرى عبر الحدود العراقية. وقد أعلن حرس الثورة الإسلامية استعداده “لإرسال فرق الإغاثة والانقاذ والمساعدات الطبية والغذائية ووسائل التدفئة”.
العراق
شكّل العراق خلية أزمة خاصة للوقوف الى جانب الشعب السوري في هذا الوضع الإنساني الصعب. ومنذ الساعات الأولى أعلن رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني فتح جسر جوي الى كلّ من سوريا وتركيا لإرسال المساعدات الاغاثية العاجلة التي تتضمن موادًا طبية واسعافات الأولية ومستلزمات الإيواء وكميات من الدواء والوقود.
فيما هبطت طائرتين عراقيتن في مطار دمشق تحمل كلّ منها حوالي 70 طناً من المواد الغذائية والطبية والبطانيات والمستلزمات الضرورية. الى جانب مساعدات انطلقت عبر البر. وقد صرّح وزير النفط العراقي حيان عبد الغني في بيان صحفي بـ “إرسال قافلة عاجلة تضم 28 حوضية تحمل وقود (البنزين وزيت الغاز) إلى جانب المساعدات الأخرى لإسناد الأشقاء في سوريا والوقوف معهم”.
بدوره حضر الحشد الشعبي أيضًا الى جانب السوري، ميسرًا اسطولاً ضخماً من المساعدات والمواد الاغاثية ضم 200 شاحنة، بالإضافة الى فرق هندسية وطبية وإغاثية من كوادره.
الجزائر
كانت الجزائر أيضًا من بين الدول التي هبّت سريعًا لنجدة الشعب السوري عبر إرسال فريق للدعم والإغاثة للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ في المناطق المتضررة ولا سيما حلب، وتبعه بعد ساعات فريق آخر تألّف من 86 شخصاً بمختلف الرتب، وذلك بتوجيه مباشر من رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون.
تونس
أوصى الرئيس التونسي قيس سعيد بإرسال مساعدات عاجلة لسوريا وتركيا. على أن تتولى طائرات عسكرية نقل هذه المساعدات إلى البلدين. وتحدث مصادر إعلامية تونسية عن ارسال 14 طنًا من الأغطية والطعام وحليب الأطفال، كما تولي الهلال الأحمر التونسي تقديم المساعدات للمتضررين.
روسيا
صباح اليوم، وصلت طائرة روسية من نوع “إل – 76” تابعة لوزارة الطوارئ، إلى سوريا وعلى متنها رجال إنقاذ وفرق طبية ومعدات خاصة، للمشاركة في مواجهة تداعيات الزلزال، الى جانب فرق إنقاذ ومعدات روسية، للمساعدة في عمليات البحث وإنقاذ الضحايا.
بالإضافة الى هذه الدول، أرسلت الامارات أيضًا طائرة تحمل مساعدات الى سوريا، وقد صرّح رئيس منظمة الهلال الأحمر العربي السوري المهندس خالد حبوباتي أن “الهلال الأحمر الكويتي كان أول المتبرعين لمساعدة المتضررين من الزلزال”.
اللافت في تصريحات “حبوباتي” كان إعلانه الاستعداد “لإيصال المساعدات الإغاثية لجميع مناطق سوريا، بما في ذلك المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة”، مضيفًا “نحن على استعداد للدخول إلى إدلب وتقديم المساعدات في المناطق المتضررة، بمجرد فتح معبر آمن”. في وقت تنتهج فيه الغرب وبعض الدول سياسة التفريق بين المناطق السورية في ظلّ واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية، وقد قال مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ أن “سوريا مستعدة للتنسيق مع الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية لكل السوريين في كافة أرجاء البلاد”.
تُتابع عمليات الانقاذ والبحث والإغاثة في سوريا منذ أكثر من 30 ساعة، لذا لن تكون هذه هي المبادرات الإنسانية التي سجّلت هي الأخيرة للدول بل إن المساعدات ستستمر بالتدفّق لسدّ فجوات خلقها “قانون قيصر” في سوريا.