وقع الزلزال المدمر في تركيا وسوريا بالتوازي، وبالتأكيد أن الأضرار على مختلف المستويات كانت اعلى في تركيا منها في سوريا، إلا ان التعاطي الدولي لا سيما الغربي الاميركي والاوروبي ومن خلفه الإقليمي وبالتحديد في الخليج الفارسي كشف تفاوتا في مدى التعبير عن التضامن والسرعة في الدعم وارسال المساعدات، انطلاقا من مواقف سياسية وفي خرق فاضح للانسانية وحقوق بني البشر، وفي دليل واضح كيف ان هذه المنظومة الاميركية ومن يدور في فلكها اوروبياً او عربياً ومن دول الخليج الفارسي، تكيل بمكاييل متعددة ولا تنظر للأمور بعين الأخلاق والانسانية والحريات وحقوق الانسان كما يسمعون العالم منذ عشرات السنين وحتى اليوم.
وهذه المسألة لا نقولها هنا وكأننا نكشف سرا، فهي باتت واضحة وضوح الشمس لمن يريد أن يرى أو يفقه، والأدلة حاضرة وعبر التاريخ اكثر من أن تعد او تحصى، بدءا من استخدام الأسلحة المحرمة دوليا منذ الحرب العالمية وصولا الى الحصار اللاإنساني على سوريا، والذي بات يصنف كجريمة حرب في ظل وجود اطفال ونساء ومدنيين أبرياء تحت الانقاض، بينما لا يرف أي جفن للاميركي ولمن ينصاع له من منظمات ودول تتغنى ليل نهار بما تدعي انه حقوق إنسان ونراها متلهفة للبحث عنها في مجالات الشذوذ والإنحراف فقط، والجميع يدرك ان شعارات حقوق الانسان والحريات هي أدوات بيد بعض الدول على رأسها الولايات المتحدة الاميركية للتدخل في شؤون الدول الاخرى او لفرض احتلال مبطن او لفرض حصار على دولة لا تخضع لسياساتها، بينما الواقع مختلف تماما وكل شيء له أثمانه السياسية والاقتصادية.
وأما من يعادي أميركا من روسيا الى إيران وباقي دول وحركات محور المقاومة نراها تسارع لتلبية نداء الإنسانية، سواء بإرسال فرق الإنقاذ والمسعفين او سيارات الاسعاف والمواد الغذائية واللوجستية والطبية الضرورية والمتوفرة، مع التأكيد ان الشعبين التركي والسوري في نفس الخانة لا فرق بينهما على أساس الاختلافات السياسية أو أي أمر آخر، وهنا لا مجال للمقارنة بين المحور الأميركي الذي تسكنه الشرور والمصالح وبين محور يقدم كل ما لديه لنصرة الانسان والمظلوم، وخير معيار للفصل بينهما هو القضية الفلسطينية والوقوف بجانب الشعب الفلسطيني المظلوم، فهذه هي البوصلة وبعد ذلك يمكن القياس وتصنيف من يدخل في خانة الإنسانية والحقوق والاستقلال ومن يخرج منها الى حيث اللاإنسانية والظلم والقهر والتبعية.
وبهذا السياق، قال نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في مداخلة خلال برنامج “بانوراما اليوم” على شاشة قناة المنار مساء الثلاثاء 7-2-2023 ” نحن نعتبر ان الشعبين السوري والتركي أهلنا وأحبتنا وسنكون الى جانبهما”، وأكد “هناك انحياز دولي ضد سوريا الشعب وهذا لا ينسجم مع أدنى المعايير الانسانية”.
ولا شك ان نكبة كالزلزال القوي الذي ضرب تركيا وسوريا يستوجب من كل الدول والمنظمات التكافل والتضامن لمد يد العون للمنكوبين والمتضررين وتقديم كل أنواع المساعدة لإزالة الأضرار الكارثية وإعادة بناء ما تهدم، ولكن هذه المسائل تعيقها التبعية للأميركي والرضوخ التام له، خاصة ان الادارة الاميركية تحاصر سوريا عبر ما يسمى بـ “قانون قيصر” الذي بات يشكل فعليا زلزالا إضافيا ولكن وحشياً مقصوداً متعمداً يحصد أرواح المئات ويزيد من المأساة بينما الضمير العالمي في ثبات وسكون خوفا من الصهيونية الاميركية.
وهذا يدفعنا للسؤال من جديد أين “المنظمات الإنسانية العربية والدولية”؟ أين مجلس الأمن والأمم المتحدة؟ أين جامعة الدول العربية وأين هذه الدول التي تدعي رفعها راية الإسلام؟ أليس ما يحصل هو محطة تظهر فعلا مَن الصديق ومَن الشقيق؟ وليكون السؤال الجوهري “إذا لم تتحرك هذه الدول الآن، فمتى تتحرك؟”
ذوالفقار ضاهر / كاتب لبناني