وكان الوفد الإيراني برئاسة وزير الخارجية سيد عباس عراقجي، قد وصل صباح السبت إلى روما، من أجل المشاركة في الجولة الثانية من المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني السلمي، وتولّت سلطنة عمان مهمة نقل الرسائل بين الجانبين الإيراني والأمريكي خلال هذه الجولة أيضاً.
وعقب انتهاء الجولة الثانية من المفاوضات، صرّح وزير الخارجية لوسائل الإعلام الإيرانية: ستنطلق المفاوضات الفنية على مستوى الخبراء يوم الأربعاء القادم في سلطنة عمان، في حين ستُعقد الجولة القادمة من المفاوضات غير المباشرة في مسقط يوم السبت القادم، مُؤكداً إحراز تقدم في هذه الجولة من المفاوضات. كما دعا عراقجي الشعب إلى عدم الإنصات للأخبار المفبركة والشائعات المتداولة في بعض وسائل الإعلام المغرضة.
*احترام الحقوق المشروعة للجمهورية الإسلامية الإيرانية
وقُبيل حضوره إلى مكان المفاوضات غير المباشرة مع أمريكا، إلتقى عباس عراقجي مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاجاني.
وفي إشارة إلى إلتزام إيران بالدبلوماسية والتاريخ الطويل للتفاعل بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول الأخرى بشأن القضية النووية، ذكّر عراقجي جميع الأطراف بضرورة اغتنام الفرصة للتوصل إلى إتفاق منطقي ومعقول من شأنه، مع احترام الحقوق المشروعة للجمهورية الإسلامية الإيرانية ورفع العقوبات الجائرة وغير القانونية، على أن يتم رفع أي شكوك حول البرنامج النووي السلمي الإيراني من خلال بناء الثقة الطوعي.
وأكد وزير الخارجية على الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني ورفض أسلحة الدمار الشامل وفقاً للقيم الدينية والوطنية للإيرانيين ووفقاً للعقيدة الدفاعية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، واعتبر أن العقبة الوحيدة أمام تحقيق شرق أوسط خال من الأسلحة النووية هي الكيان الصهيوني، الذي يسعى إلى جانب الإبادة الجماعية وانتهاك القانون والعدوان على دول المنطقة، إلى التحريض على إيرانوفوبيا وزعزعة الأمن في الشرق الأوسط، الأمر الذي يتطلب من أوروبا والمجتمع الدولي اتخاذ موقف مسؤول ضدها، بعيدا عن الصور النمطية المفروضة.
كما التقى عراقجي مع وزير خارجية عمان بدرالبوسعيدي قبيل بدء المفاوضات غيرالمباشرة مع امريكا، وبحث الطرفان خلال اللقاء آخر مستجدات المفاوضات.
*البرنامج النووي الإيراني يتوافق مع المعايير الدولية
في السياق، أكد المتحدث باسم الخارجية، اسماعيل بقائي: ان استمرار المفاوضات يعتمد على تقدمها. وقال في احدث تصريح له خلال المحادثات غيرالمباشرة مع الولايات المتحدة في روما: “لقد شاركت إيران في مفاوضات تخفيف العقوبات بكل جدية واستعداد كامل، وستواصل التعاون طالما استمرت المفاوضات بشكل بناء”.
واكد ان استمرار المحادثات يعتمد على تقدمها، وقال: “إن البرنامج النووي الإيراني سلمي تماما، وإيران مستعدة لتبديد أية شكوك في هذا الصدد”. وتابع بقائي: “يجب رفع العقوبات غير القانونية بشكل آمن ومع الضمانات اللازمة. إن موقف إيران من هاتين القضيتين ثابت ومبدئي”.
وكان المتحدث باسم الخارجية اسماعيل بقائي، قد أكد يوم السبت، أن هذه الجولة من المفاوضات، كما الجولة الأولى، ستكون غير مباشرة، برعاية بدر البوسعيدي وزير خارجية سلطنة عمان، وعن سبب اختيار روما مكانا للمفاوضات، قال: “تم اختيار روما بناء على اقتراح وزير الخارجية العماني وموافقة إيران واميركا، وتم اتخاذ الترتيبات اللازمة من قبل الحكومة العمانية بالتنسيق مع الحكومة الإيطالية”.
وفيما يتعلق بمحتوى المفاوضات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية: “إن البرنامج النووي السلمي الإيراني يتوافق تماما مع المعايير والوثائق الدولية ذات الصلة، بما في ذلك معاهدة منع الانتشار النووي، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، في الإطار المقبول دوليا، مع الوفاء بالتزاماتها، عازمة على الحفاظ على حقوقها المشروعة والقانونية في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وممارستها”.
* مطالب ايران واضحة
وأضاف بقائي: “إن إطار مواقف ومطالب الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشأن رفع العقوبات غير القانونية والقضية النووية واضح تماما وتم اطلاع الجانب الآخر به في الجولة الأولى من المفاوضات. وفي الوقت نفسه، ونظراً للمواقف المتناقضة التي سمعناها من مختلف المسؤولين الأميركيين خلال الأيام القليلة الماضية، فإننا نتوقّع من الجانب الأميركي أن يقدم أولاً توضيحاً في هذا الصدد، وأن يزيل نقاط الغموض الجادة التي نشأت حول نواياه وجديته.
واستذكر تاريخ أميركا في التنصل من الالتزامات وطرح المطالب الزائدة، مؤكداً: “إن تكرار الأساليب الماضية لن يكون مفيداً بالتأكيد، ولا يمكن تحقيق “خطوة إلى الأمام” إلا إذا امتنع الجانب الآخر، بواقعية ودون التأثر بالمحافل المتطرفة المحرضة على الحروب، بما في ذلك الكيان الصهيوني، عن طرح مطالب غير واقعية وغير معقولة، والتي تتعارض أيضاً مع القواعد والأعراف الدولية المقبولة، واعتمد نهجاً بناء ومعقولاً”.
*وفدان متواجدان في قاعتين منفصلتين
كما أكد المتحدث باسم الخارجية، أن الوفد الايراني المفاوض يتّخذ الخطى بأعين مفتوحة، وبسجل حافل بخبرات الماضي، مُؤكداً أن المفاوضات عقدت في قاعتين منفصلتين لتكون مثل الجولة الأولى، بشكل غير مباشر، وعبر بدر البوسعيدي وزير خارجية سلطنة عمان.
وأكد أن إيران تدرك عدم استواء مسار المفاوضات، وكتب: “نحن نتخذ الخطى بعيون مفتوحة وسجل حافل بخبرات الماضي”. ونشر بقائي، مدونة على شبكة التواصل الاجتماعي إكس، كتب فيها: “السلام الدائم يولد من الحوار الصادق بين الأمم، وليس من فرض القوة”. وأكد بقائي: “إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أظهرت دائما، بحسن نية ونهج مسؤول، التزامها بالدبلوماسية كأسلوب حضاري لحل القضايا، مع التزام المصالح العليا للشعب الإيراني”.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية: “في الوقت نفسه، نعلم أن الطريق أمامنا ليس ممهداً، نحن نتخذ الخطى بعيون مفتوحة وسجل حافل بخبرات الماضي”.
*آلية إجراء الجولة الجولة الثانية
وفي معرض شرحه لمسار هذه المفاوضات، قال بقائي: “إن آلية إجراء هذه الجولة من المفاوضات لا تزال هي نفسها التي اتبعت في الجولة الأولى (مسقط)، حيث يتواجد الوفدان في قاعتين منفصلتين، وكان لوزير الخارجية العماني يوم حافل، وهو يتبادل الزيارات باستمرار بين وزير الخارجية الإيراني والجانب الأميركي لنقل الرسائل والمواقف.
وتابع: “قبل بدء المفاوضات غير المباشرة بالشكل السابق تم عقد لقاء مع وزير خارجية عمان، وتم بحث كيفية إنجاز العمل، وتجري المفاوضات، على غرار الجولة الأولى، بوساطة غير مباشرة من سلطنة عمان.
وعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية على الأخبار التي نشرتها بعض وسائل الإعلام حول المفاوضات الجارية: إن انتاج ونشر جميع أنواع الأخبار المزيفة والروايات الكاذبة ليس أمرا غير طبيعي، لقد واجهناهم من قبل، ومن المهم أن نفهم نحن، كوزارة الخارجية، واجبنا في تقديم المعلومات في الوقت المناسب، وأن تولي وسائل إعلامنا أيضًا اهتمامًا بعدم إعطاء وزن لهذه الأخبار والروايات، بل متابعة الأخبار الدقيقة من وسائل إعلامنا ووزارة الخارجية.
وأضاف: كل ما قيل غير صحيح وهذا جزء من عملية تهميش هذه المفاوضات، قرارنا هو التركيز على تأمين مصالح الشعب الإيراني من خلال التركيز على العمل وتجاهل هذه التهميشات.
*المفاوضون يتمتّعون بكامل الصلاحيات
من جهته، اشار مستشار قائد الثورة الإسلامية، علي شمخاني، الى توجه المفاوضين الإيرانيين إلى روما لخوض جولة ثانية من المفاوضات مع امريكا بشان الملف النووي الايراني وقال ان المفاوضين الايرانيين يتمتعون بكامل الصلاحيات.
ولفت شمخاني الى ان المفاوضين الايرانيين يسعون الى التوصل إلى اتفاق شامل يستند إلى 9 مبادئ: الجدية، تقديم الضمانات، رفع العقوبات، رفض نموذج ليبيا / امارات، تجنب التهديدات، السرعة في التفاوض، كبح مثيري الاضطرابات (مثل إسرائيل)، وتسهيل الاستثمار. إيران جاءت من أجل التوصل إلى اتفاق متوازن، لا من أجل الاستسلام.
*الحكومة: لانربط شؤون البلاد بالمفاوضات
كما أوردت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، في مقال لها تناولت فيه مفهوم “التوافق الوطني”، أن الحكومة تؤكد على نهجها الاستقلالي واعتمادها على الطاقات الذاتية، ولاتربط شؤون البلاد بالمفاوضات الخارجية.
وكتبت قائلة: من المسلّمات الأساسية في الحوكمة، وسط عالم يشهد تحولات متسارعة، أن تمتلك الدولة قاعدة دعم داخلية عميقة ومستدامة؛ وهي قاعدة لا تُختزل في الثروات الطبيعية أو أدوات القوة، بل تكمن في رأس المال الاجتماعي، الذي يتولد من الثقة، والتضامن، والمشاركة، والأمل المجتمعي. وحده هذا الرأسمال قادر على تمهيد الطريق الوعر نحو التقدم والتنمية.
وأردفت المتحدثة قائلة: إن التوافق الوطني لا يمكن تحقيقه من دون ثقة عامة، وهذه الثقة لا تتولد إلا عندما يرى الشعب أن الحكومة لا تنتظر انفراجات خارجية، بل تنزل إلى ميدان العمل وتبذل أقصى طاقتها لحل الأزمات الداخلية. وأشارت إلى أن تمكين النخب، والاستفادة من الطاقات المحلية، ودعم الإنتاج الوطني، ومكافحة الفساد، وتحقيق العدالة، كلها عوامل محورية في تعزيز رأس المال الاجتماعي وتحقيق التوافق الوطني.
*الحكومة لم تربط شؤون البلاد بالمفاوضات
وتعتمد الحكومة الرابعة عشرة في خضم مفاوضاتها مع الجانب الأميركي على استراتيجية كان قد أكد عليها قائد الثورة الاسلامية، استراتيجية متمثلة بعد ربط شؤون البلاد بالمفاوضات، لكنها في الوقت نفسه ترحب بالاتفاق، وهو اتفاق يجب أن يكون مشرفاً ويتضمن المصالح الوطنية.
وعقدت الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأمريكا في مسقط، وأعربت الأطراف عن رأيها الإيجابي بشأن الجولة الأولى من المحادثات، في حين أقيمت الجولة الثانية في روما بإيطاليا.