توترات في جيش الاحتلال بسبب إصابات المدنيين المرتفعة في غزة: قد تهدد حياة “المختطفين”

قال الكاتب الصهيوني نداف آيال: "كان من المفترض أن يُعقد، في هذا الأسبوع، اجتماع في قيادة المنطقة الجنوبية، بحضور كبار القادة، بينهم قائد المنطقة الجنوبية اللواء يانيف عاسور وقادة سلاح الجو، وفي مقدمتهم قائد السلاح اللواء تومر بار، إلا أن الاجتماع تأجّل"، مشيرًا إلى أنّ: "سبب التأجيل يعود إلى توتر آخذ في التصاعد داخل الجيش "الإسرائيلي"، ويبدو أنه بدأ يخرج إلى العلن". 

ونقل آيال، في تقرير له نُشر في موقع “يديعوت أحرونوت”، عن مصدر أمني رفيع تحذيره من أنه: “من دون معالجة عاجلة، قد يتحول هذا التوتر إلى أزمة ثقة حقيقية بين قيادة المنطقة الجنوبية وسلاح الجو”.

وأضاف: “الخلفية الأساسية للتوتر هي ما يُعرف في لغة الجيش بـ”أضرار جانبية”؛ تصيب المدنيين غير المتورطين الذين يُقتلون خلال الغارات الجوية. المدنيون الذين ماتوا بينما القنبلة لم تكن موجّهة نحوهم”. ولفت إلى أنّه: “في الشهرين الأخيرين، تزايد عدم الرضا داخل سلاح الجو تجاه قيادة المنطقة الجنوبية، ويرجع ذلك – جزئيًا – إلى عدد المدنيين الذين قُتلوا في بعض الغارات منذ استئناف العمليات العسكرية في القطاع. وبلغ التوتر حدًا جعل قائد سلاح الجو تومر بار، هذا الأسبوع، يصادق شخصيًا على كل هجوم لسلاح الجو يُنفذ في القطاع. وكأنّه يقول للطيارين: “ربما لا تثقون ببعض الأشخاص في الجيش، لكن ثقوا بي. سأكون صمّام الأمان الذي يضمن أن عملياتنا تُنفذ بما يتماشى وقيم الجيش “الإسرائيلي””.

وأردف آيال: “الأمر لا يتعلق فقط بالقيم الأخلاقية، بل بالمهنية العسكرية كذلك؛ أي حادثة يُسجَّل فيها “ضرر جانبي” أعلى من المتوقع تمثل خطرًا جسيمًا على حياة “المختطفين””، مشيرًا إلى أنّه: “بشكل عام، يشعر الطيارون والملاحون بالمسؤولية عن الأضرار التي يسببونها؛ هم يريدون التأكد من أن الهدف يستحق الهجوم، وإذا قُتل مدنيون، فيجب أن يكون العدد معروفًا ومحدّدًا ومسوغًا. هذا أيضًا مسألة قانونية بحتة؛ يجب أن يكون هناك توازن بين أهمية الهدف والأضرار الجانبية التي تحدث نتيجة لتحقيقه. “الطيارون والملاحون الذين يخرجون للمهام، في قطاع غزة، بضربة واحدة يمكنهم قتل عشرات الأشخاص”. قال لي أحد أفراد سلاح الجو، “ولذلك، في سلاح الجو، منذ الأزل، كان الطيارون يعرفون أكبر قدر ممكن عن أهدافهم؛ هذه هي الثقافة”. من بين الأمور، يحصلون أيضًا على تقييم، قبل الهجوم، للأضرار الجانبية التي من المحتمل أن تحدث. يجب أن يثق سلاح الجو بالمنظومات الأخرى– في المقام الأول قيادة الجنوب – ليعرف الملاح أن إطلاق القنبلة قانوني ويتوافق مع قيم الجيش “الإسرائيلي””.

 

وتابع: “إليك ما حدث في الشهرين الأخيرين: ينتهي الطيارون من تنفيذ هجوم بعد أن يُزودوا بتقييمات معينة عن الأضرار الجانبية، وعن احتمال قتل مدنيين غير مشاركين مع الهدف العسكري؛ ثم يفتحون هواتفهم ويكتشفون أرقامًا مختلفة تمامًا.. أعلى بكثير. على سبيل المثال، في يوم السبت الماضي، أفاد الفلسطينيون بمقتل 52 شخصًا في غزة – حتى الساعة السابعة مساءً- عندما يريدون التحقق من السبب، ويحاول سلاح الجو التحقيق لاحقًا – وهو جهاز يتمتع بمصداقية عالية داخل الجيش “الإسرائيلي” – لا يتلقون التعاون المناسب، حسبما أفاد مسؤولون بارزون في سلاح الجو”.

 

وأضاف الكاتب الصهيوني: “من المهم التأكيد: سلاح الجو وقيادة المنطقة الجنوبية يعملان معًا كل يوم، وكل ساعة، بشكل وثيق. علاقات العمل تؤدي بشكل كامل. وقال مسؤول رفيع في سلاح الجو “علاقات العمل مع قيادة المنطقة الجنوبية جيدة جدًا”. لا توجد خلافات حيال اختيار الأهداف، وبحال وجدت تُحلّ قبل الهجوم. “جميع الأهداف ذات قيمة”، قال لي مسؤول في سلاح الجو. النقطة هي المعلومات التي تصل قبل الهجوم، والتي تؤدي إلى القصف، وما يتم فعله بنتائجها. الأخطاء تحدث. ولكن عندما لا يُحقق فيها بشكل جيد، وإذا تكررت، فذلك يخلق انطباعًا بين كبار المسؤولين في سلاح الجو بوجود إصبع غير مهني على الزناد؛ أي تفريغ للقوة في استخدام النار التي تقتل المدنيين، وربما ليست مجرد خطأ”.

 

كما أشار الكاتب إلى أنّه: “سيقول البعض: “ماذا تغير الآن، بعد أكثر من 18 شهرًا من القتال وآلاف المدنيين الذين قُتلوا في القطاع؟ فجأة بدأ سلاح الجو في الاستيقاظ”. الجواب: الشعور في سلاح الجو، وفي بعض أجزاء شعبة الاستخبارات، هو أن هناك تغييرًا للأسوأ. هم يعزون ذلك إلى العملية الجديدة في القطاع، والتآكل والانخفاض في عدد الأهداف عالية الجودة، وأيضًا إلى دخول قائد القيادة الجديد اللواء ينيف عاسور.

 

الشعور هو أن الهجمات أصبحت أكثر عدوانية، والاهتمام بموت المدنيين قد انخفض، وأن النتائج العملياتية لم تتحسن نتيجة لذلك. يُعدّ عاسور “حصانًا مجنونًا”؛ من نوع القادة الذين يُفترض بهم تحقيق “النصر المطلق” وفقًا للمفهوم السائد الآن في الجيش الإسرائيلي. قائد القيادة هو الشخصية الأهم في هذا السياق؛ هو الذي يمكنه وضع شروط عند الموافقة على الأهداف، لمحاولة تقليل الأضرار الجانبية، أو الموافقة أو رفض الهجوم في الوقت الفعلي في أثناء القتال”.

 

 

وتابع آيال: “مع التصريحات التي أدلى بها سموتريتش وآخرون، والذين يقللون من قيمة إعادة “المختطفين”، قد تنشأ عاصفة كاملة في سلاح الجو: من جهة هناك خوف من “طهارة” السلاح، ومن جهة أخرى هناك شكوك حول أهداف الحرب وأولوية “المختطفين” (الأسرى). ينعكس الشك في العريضة التي ردّ عليها قائد سلاح الجو بشدة، وأعلن أن الموقعين عليها لن يستمروا في الخدمة – على الرغم من أنه يجب التأكيد على أنهم لم يُفصلوا بالكامل من الخدمة الاحتياطية- هذه لحظة مستحيلة لأزمة كهذه، في وقت يستمر فيه سلاح الجو في الاستعداد لهجوم واسع النطاق على المنشآت النووية في إيران”.

 

 

وختم الكاتب الصهيوني: “في أيلول/ سبتمبر 2023، أجريتُ محادثة مع مسؤول كبير في محيط رئيس الوزراء نتنياهو. تحدثنا عن الطيارين الذين توقفوا عن الطيران احتجاجًا على التعديلات القضائية، وكانوا على وشك أن يخرجوا من الكفاءة العملانية. هذا لم يحدث في النهاية؛ في الحرب، جميع الطيارين والملاحين حضروا. لكن رجل نتنياهو كان هادئًا تمامًا. قال: “إنها مثل لدغة نحلة”. إذًا، سيتوقفون عن الطيران ويخرجون من الكفاءة. “لكن بعد اللدغة، تموت النحلة. لا يمكنهم العودة. المشكلة حُلت”. كان يتحدث وكأنّ “إسرائيل” ليس لديها مشكلات أمنية. الطيارون الذين يعانون بسبب آلام ضميرهم الأخلاقية، هم مجرد نحلة مزعجة لمرة واحدة”.

 

 

 

المصدر: العهد