مؤرخ وباحث ديني إيراني للوفاق:

أهل البيت(ع) أسمى نماذج الكرامة في المجتمع الإنساني

خاص الوفاق: د. رجبي دواني: عشرة الكرامة هي فرصة للتعرف على القيم الإسلامية النقية، التي يجب أن نتعلمها ونطبقها من سلوك المعصومين(ع).

موناسادات خواسته

 

مازلنا في أيام عشرة الكرامة المباركة، ويصادف اليوم السبت، يوم تكريم أحفاد الأئمة(ع) والسيد صالح بن موسى الكاظم(ع) في إيران، ففي هذه الأجواء أجرينا حواراً مع الخبير في التاريخ والباحث الديني، الأستاذ “محمدحسين رجبي دواني” الذي لديه تأليفات كثيرة في هذا المجال، وحصل على عدة مناصب وجوائز خلال نشاطاته الواسعة، حول الكرامة عند أهل البيت(ع)، بما أنهم ينبوع الكرم وأولادهم وأحفادهم أنموذج كامل في هذا المجال، وفيما يلي نصه:

 

 

أهل البيت(ع) منجم الكرامة

 

بداية تحدث الدكتور “محمدحسين رجبي دواني” عن مفهوم الكرامة وقال: للكرامة معاني كثيرة، ولكن بمناسبة عشرة الكرامة، يجب القول إن الكرامة هنا تعني الكرم والسخاء، وعلى هذا الأساس أهل البيت(ع) كانوا ولا يزالون أسمى نماذج الكرامة في المجتمع الإنساني.

 

ويتابع: ما بين ذكرى ميلاد السيدة فاطمة المعصومة(س) وميلاد الإمام الرضا(ع)، أطلقوا على هذه الفترة اسم عشرة الكرامة لتذكير جميع أفراد المجتمع بالإهتمام بأسلوب حياة وسلوك الأئمة المعصومين(ع).

 

الكرامة، باعتبارها إحدى السمات البارزة للأئمة(ع) وكقيمة إنسانية يجب رعايتها وصيانتها في المجتمع ومنعها من الانتهاك، وكانت دائماً موضع اهتمام خاص من قبل المعصومين(ع).

 

في الحقيقة، كان هؤلاء النبلاء منجم الكرامة، ومن المناسب أن نحاول في هذه العشرة المباركة، أن نبذل المزيد من الجهد للحفاظ على كرامة الإنسان وتقدير شخصية الأفراد.

 

هذه العشرة المباركة هي رمز لإظهار إحدى السمات البارزة لأهل البيت(ع) جميعاً، أي الكرامة، التي يمكن رؤيتها في حياة وسلوك كل هؤلاء النبلاء، من النبي الأعظم(ص) إلى صاحب الزمان(عج). حياة كل المعصومين (ع) مليئة بالكرامة والسخاء والشهامة ورعاية المحرومين والوقوف مع معاناة المجتمع.

 

كرامة النبي(ص)

 

يبدأ الأستاذ بذكر أنموذج عن كرامة النبي(ص) ويقول: لم يكن للنبي (ص) أي شيء مالي، ولكن بعد زواجه من حضرة خديجة الكبرى(س)، أعطت هذه السيدة العظيمة كل ثروتها لنبي الإسلام العظيم وقت زواجها، وأنفقت كل هذه الثروة في سبيل الإسلام، خاصة عندما كان بنو هاشم تحت العقوبات والضغط في “شعب أبي طالب”.

 

على سبيل المثال، اعتنق يهودي يدعى “مخيريق” الإسلام وقدم وصية بأنه عند وفاته، ستنتقل كل ممتلكاته  إلى النبي(ص)، فكان ينفقه للفقراء.

 

أمير المؤمنين(ع) والكرامة

 

أما عن الكرامة عند أميرالمؤمنين(ع) يقول الدكتور محمدحسين رجبي دواني: كان أمير المؤمنين(ع)  يتقاضى أجراً لفترة من خلال سحب المياه من الآبار وسقي بساتين أهل المدينة المنورة، ولكن بعد فترة ذهب إلى منطقة تسمى “ينبع” وهناك قام بأعمال زراعية مكثفة على شكل إنشاء بساتين النخيل وحفر الآبار الثمينة، والتي أصبحت هذه البساتين بعد فترة مثمرة جدا، وقد كرس هذه البساتين العظيمة لأبناء والده ووضع الإمام الحسن(ع) مسؤولا عن هذه الأوقاف.

 

كما حفر الإمام آباراً كبيرة ووصل إلى المياه التي استقرت حتى يومنا هذا وتعرف  بـ “آبار علي(ع)”، وأهدى الإمام هذه الآبار للعموم.

 

وقصص رعايته للمحتاجين في منتصف الليل بشكل مجهول معروفة ومشهورة في حياته الرائعة، ومن المظاهر القيمة لكرم أمير المؤمنين(ع) تحرير العبيد.

 

نعم كان أمير المؤمنين(ع) دقيقاً جداً في حسابات الخزينة ولم يسمح حتى بدفع مبلغ صغير من الخزانة لمن لا حق له فيه، أما إذا رأى أن الناس محتاجون أكثر مما يحصلون عليه من الخزينة كان  يدفع لهم بسخاء وبكرامة من ثروته حتى لشخص مثل “أسامة بن زيد” الذي كان يجهل أمير المؤمنين(ع).

 

السيدة فاطمة الزهراء(س) والكرامة 

 

وفيما يتعلق بكرم السيدة فاطمة الزهراء(س) يقول رجبي دواني: السيدة فاطمة(س) في حياة النبي (ص) وعندما كانت تمتلك “فدك”، عاشت في منزل بسيط وغير مفروش، وكان من الشائع جدا أن أمير المؤمنين والسيدة فاطمة الزهراء وأولادهما عليهم السلام كانوا يقضون أيامهم بدون طعام ويعطون ما لديهم للمحتاجين.

 

في عظمة كرامتها كان يكفي أن يكون لديها إيرادات كبيرة من “فدك”، لكنها لم تستخدمها شخصياً، وكانت تعطي كل عائداتها للمحتاجين بكرامتها العظيمة، تلك القصة الشهيرة عن نزول سورة “الدهر” ونزول الآية المباركةَ”يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا” (انسان/8)، وقصته معروفة للجميع.

 

الإمام الحسن(ع) والكرامة

 

أما عن الكرامة عند الإمام الحسن(ع) يقول الأستاذ رجبي دواني: من المعروف عن الإمام الحسن (ع) أنه كان يجلس مع الناس ويستمتع بأشخاص مختلفين ، ويكفي أن نعرف أن هذا الكائن المقدس كان كريما جدا لدرجة أنه أعطى كل ممتلكاته للمحتاجين مرتين في حياته وبدأ حياته المالية من الصفر.

 

وزّع الإمام الحسن المجتبى (ع) خلال حياته كل ثروته على المحتاجين مرتين على الأقل. وكان دائماً عندما يريد مساعدة شخص محتاج، كان يفعل ذلك بطريقة لا يخجل المتسوّل ويحافظ على كرامته الإنسانية.

 

الإمام الحسين(ع) والكرامة

 

بعد ذلك يتطرق الأستاذ إلى الكرامة عند الإمام الحسين(ع) ويقول: الإمام الحسين (ع)، الذي نعرفه بشكل أساسي من خلال انتفاضته واستشهاده، هو التجسيد المثالي للكرم والكرامة، على سبيل المثال، كان للإمام الحسين (ع) جارية دخلت ذات يوم على الإمام(ع) وأعطته باقة من الزهور، فأمر الإمام بتحريرها.

 

كما أن الإمام الحسين(ع) كان عنده عبد وارتكب جريمة قبيحة عندما انزعج الإمام الحسين(ع) وأمر بجلده، لكن في تلك اللحظة تلا العبد جزءا من الآية “والكاظمين الغيظ”، فقال الإمام: “لا تضربوه”. بعد ذلك تلى العبد: “والعافين عن الناس”، قال الإمام: “لقد سامحتك”. وتلا الجزء الأخير من الآية: “والله يحب المحسنين”، قال الإمام: “لقد حررتك”، فأطلق سراحه على الفور، وهذا هو أعظم كرم.

 

أولاد الإمام الكاظم(ع) بركة في إيران

 

وتابع “محمدحسين رجبي دواني” حديثه بالقول عن الكرامة عند أولاد الإمام الكاظم(ع) وبركة وجودهم في إيران قائلاً: إن الإمام الرضا(ع) والسيدة فاطمة المعصومة(س) هما بركتان عظيمتان وملجأ للشعب الإيراني وفي شرح الخصائص الفريدة لهذين النبيلين قال: كلاهما من أبناء الإمام موسى الكاظم(ع)، وقد جلب هذان النبيلان معهما العديد من البركات من خلال وجودهما في إيران.

 

مظاهر الإهتمام بالكرامة الإنسانية في السيرة الرضوية

 

وأشار رجبي دواني إلى أن الإمام الرضا(ع) مثال رائع على هذه الفضيلة العظيمة وهناك العديد من التقارير في تاريخ الإسلام عن دعمه للمحرومين، منها أنه حتى عندما كان في منصب الوصي، كان يدعم الطبقات الدنيا في المجتمع واحترم كرامتها ويحافظ عليها بشكل جيد، وكان يتشارك معهم الطعام.

 

إن عشرة الكرامة هي فرصة للتعرف على القيم الإسلامية النقية، التي يجب أن نتعلمها ونطبقها من سلوك المعصومين(ع).

 

وشرح  بعض النقاط حول حياة الإمام الرضا(ع) وجهوده للحفاظ على الكرامة الإنسانية لجميع أفراد المجتمع، وتحدث عن كفاح  الإمام لكسر الأساليب والتقاليد الخاطئة التي تقوض كرامة الإنسان وكرامته، وقال: لم يكن الإمام الرضا(ع) مستعدا لاستبدال القيم الإنسانية السامية بالخيرات الدنيوية. كان ينظر إلى البشر من خلال عدسة الكرامة، لقد كسر الإمام (ع) الأخلاق غير اللائقة التي يفرضها الحكام وتضر بكرامة البشر.

 

إن وجوده المبارك الذي نقترب من عيد ميلاده المبارك، مثل الأئمة الآخرين، سعى دائما إلى حل مشاكل الناس.

 

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص