عدم تطبيق أوامر الله والتقصير في حقوق الوالدين لدرجة العقوق سبب للمشاكل والأزمات التي يعاني منها الكثير من الشباب في هذا العصر ومنها الأمراض العضوية والنفسية والشقاء وعدم التوفيق في الدراسة والعمل والحياة الزوجية وغيرها. بينما بر الوالدين التي هي مفتاح لكل خير بل ان الوالدين هما الجنة والنار…
كل إنسان يتمنى لنفسه ولأفراد عائلته السعادة والخير والتوفيق والفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، ومن سعادة الوالدين أن يروا عيالهم بأفضل حال في جميع الجوانب الدينية والأخلاقية والاجتماعية والدراسية والعملية والمادية، ينعمون بالاستقرار.
برّ الوالدين من أفضل الأعمال وأحبها لله (عز وجل) ولرسوله (ص) ولأهل البيت (عليهم السلام) وهي من أهم السمات التي يتصف بها كل من ينتمي لمدرسة أهل البيت (صلوات الله عليهم).
ومن أهم الأمور لتحقيق السعادة والتوفيق والنجاح في الدنيا والآخرة …؛ هي البرّ بالوالدين والإحسان إليهما والاهتمام والعناية بهما التي هي أعظم حق على عاتق الولد (ذكر أو أنثى) بعد الإيمان بالله (عز وجل).
وان عدم تطبيق أوامر الله (عز وجل) والتقصير في حقوق الوالدين لدرجة العقوق سبب للمشاكل والأزمات التي يعاني منها الكثير من الشباب في هذا العصر ومنها الأمراض العضوية والنفسية والشقاء وعدم التوفيق في الدراسة والعمل والحياة الزوجية وغيرها.
بينما بر الوالدين التي هي مفتاح لكل خير بل ان الوالدين هما الجنة والنار كما قال رسول الله (ص): “لما سئل عن حق الوالدين على ولدهما -: هما جنتك ونارك”.
إذن من يعاني من عدم التوفيق وعدم السعادة والرضا.. فليراجع علاقته مع والديه، ويتأكد هل يقوم بواجبه نحو والديه؟.
من المؤسف جدا أن يهتم البعض بالعلاقات الاجتماعية والتظاهر بالكرم والاحترام للآخرين.. وأن يسامح الناس..؛ ولكنه مقصر مع والديه ولا يتواصل ولا يجلس معهما ويؤنسهما بالتحدث معهم طويلا وإدخال السرور على قلبهما، وهناك من يقصر بالإنفاق عليهما؛ لانه زعلان من والديه …، وهناك من يقصر بصلة الرحم والتواصل مع أهله من إخوان وأخوات. وهناك من علاقته مع أفراد عائلته: زوجته وأولاده وبناته وأحفاده..؛ خشنة، قاسية، تخلو من الرحمة والمودة والمحبة والعطف والحنان..، وللأسف الشديد هذه العينة تنتشر في أوساط المجتمع.. في ظل الحياة المادية وحب البروز والمظاهر الاجتماعية، والانشغال الدائم بالأعمال والأمور الدنيوية وملذاته التي لا تنتهي !.
كيف لإنسان يسامح من أساء إليه ويعطي من حرمه لعامة الناس، ولكنه لا يسامح والديه ولا أهله ولا اقرباءه لانه زعلان منهم؟!.
وحتما من أسباب كل ذلك عدم تطبيق أمر الله تعالى ببر الوالدين، حيث هناك عقوبات كثيرة في الدنيا والآخرة بسبب عقوق الوالدين. كما ان هناك خير وبركة وتوفيق وفلاح ونجاح في الدنيا والآخرة بسبب بر الوالدين.
مدرسة أهل البيت وترسيخ قيم بر الوالدين
في مدرسة ومنهج الرسول الأعظم محمد (ص) وأهل بيته (عليهم السلام). يوجد الكثير من الأحاديث والروايات التي تؤكد على أهمية بر الوالدين والإحسان إليهما، والتحذير من التقصير بحقهم. فالإحسان للوالدين وطاعتهم واجبة إلا إذا أمرا بإرتكاب المعصية، ويجب على الولد إذا كان مستطيعا أن ينفق على والديه المحتاجين.
روي عن رسول الله (ص) – وقد سأله ابن مسعود عن أحب الأعمال إلى الله تعالى – قال (ص): “الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين”
وعنه (ص) قال: “من بر والديه طوبى له زاد الله في عمره”.
وروي ع الإمام الرضا (ع): “إن الله عز وجل…أمر بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله”.
الوالدان أولى !!
الإسلام يدعو المؤمن للإحسان إلى من أساء إليه والتواصل وصلة من قاطعه مع عامة الناس مع الغرباء؛ فكيف إذا كان من أساء إليك أو قاطعك هو والداك؟.
فهما أحق وأولى بالإحسان والتواصل من باب ديني وأخلاقي في المقام الأول، ومن جهةٍ أخرى هما الوالدان هما الأصل في وجودك فلولاهما لم تكن موجودا.
بر الوالدين والإحسان لهما وخدمتهما والسعي للحصول على رضاهما والإنفاق عليهما.. باب من أبواب التوفيق والفلاح والنجاح وقضاء الحوائج وتيسير الأمور، فهناك روايات تشير إلى ذلك ؛ روي عن الإمام السجاد (ع): جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: يا رسول الله ما من عمل قبيح إلا قد عملته، فهل من توبة؟.
فقال رسول الله (ص): فهل من والديك أحد حي؟. قال: أبي. قال (ص): فاذهب فبرّه. فلما ولّى قال رسول الله (ص): لو كانت أمه.
ما هي أهم آثار بر الوالدين؟
1/ محبّة النبيّّ (ص)
2/ النظر إليهما حجة مبرورة
عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): “ما من رجل ينظر إلى والديه نظر رحمة، إلّا كتب الله له بكلّ نظرة حجّة مبرورة” قيل: يا رسول الله، وإن نظر إليه في اليوم مائة مرّة؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: “وإن نظر إليه في اليوم مائة ألف مرّة”.
3/ رضاهما السبيل إلى الجنّة
روي ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: “من أصبح مُرضيًا لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى الجنة.
4/ قبول الدعاء
عن الصادق الإمام (عليه السلام) قال: “ثلاثُ دعواتٍ لا يُحجبن عن الله: دعاء الوالد لولده إذا برّه، ودعوته عليه إذا عقّه، ودعاء المظلوم على من ظلمه، ودعاؤه لمن انتَصر له منه”.
5/ كثرة المال وزيادة العمر والمحبة
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): “من يضمن لي: برّ الوالدين وصلة الرّحم أضمن له: كثرة المال، وزيادة العمر، والمحبّة في العشيرة”.
هناك الكثير من الآيات والروايات التي تنهي عن عقوق الوالدين ولو أدنى العقوق.
ما أدنى العقوق؟.
عن الإمام الصادق (ع) قال: “لو علم الله شيئًا هو أدنى من أفٍّ لنهى عنه، وهو من أدنى العقوق. ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحدّ النظر إليهما”.
ما هي آثار عقوق الوالدين؟
أ/ تعجيل العقوبة
عن أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: ” قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاثة من الذنوب تعجّل عقوبتها، ولا تؤخّر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، والبغي على الناس، وكفر الإحسان”.
ب/ لا تقبل الصلاة
عن الإمام الصادق (ع) قال: “من نظر إلى أبويه نظر ماقت، وهما ظالمان له، لم يقبل الله له صلاة”.
ج/ لا يرى الرسول (ص)
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: “كلّ المسلمين يروني يوم القيامة، إلّا عاقّ الوالدين، وشارب الخمر، ومن سمع اسمي ولم يصلّي عليَّ”.
د/ جزاؤه النار
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: “كن بارًّا واقصر على الجنّة، وإن كنت عاقًّا فاقصر على النار”.- وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: “من أصبح مسخطًا لأبويه، أصبح له بابان مفتوحان إلى النار”.
ه/ لا يشمّ ريح الجنّة
روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: “قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كلام له: إيّاكم وعقوق الوالدين، فإنّ ريح الجنّة توجد من مسيرة ألف عام، ولا يجدها عاقّ، ولا قاطع رحم، ولا شيخ زان، ولا جارٍ إزاره خُيلاء. إنّما الكبرياء لله ربّ العالمين”.
– وقال الإمام الصادق (عليه السلام): ” إذا كان يوم القيامة، كُشف غطاءٌ من أغطية الجنّة فوجدَ ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام، إلّا صِنفٌ واحدٌ، فقيل له: من هم؟ قال عليه السلام: العاقّ لوالديه”.
ما واجبات بر الوالدين؟
1/ الدعاء والصلاة لهما
الدعاء لهما عن معمّر بن خلاد قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: أدعو لوالدَي إذا كانا لا يعرفان الحقّ؟ قال عليه السلام: “ادع لهما وتصدّق عنهما، وإن كانا حيّين لا يعرفان الحقّ فدارهما، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنّ الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق”.
2/ بر الوالدين في حياتهما ومماتهما
عن محمّد بن مروان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: “ما يمنع الرجل منكم أن يبرّ والديه حيّين وميّتين، يصلّي عنهما، ويتصدّق عنهما، ويحجّ عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الّذي صنعَ لهما، وله مثل ذلك. فيزيده الله عزّ وجلّ ببرّه وصِلته خيرًا كثيرًا”. عن أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) قال: “إنّ العبد ليكون برًّا بوالديه في حياتهما، ثمّ يموتان فلا يقضي عنهما ديونهما، ولا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقًّا، وإنّه ليكون عاقًّا لهما في حياتهما، غير بارٍّ بهما فإذا ماتا قضى دينهما، واستغفر لهما فيكتبه الله عزّ وجلّ بارّا”.
3/ احترام الوالدين في المجلس والمشي
عن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال: “قم عن مجلسك لأبيك ومعلّمك ولو كنت أميرًا”.
4/ النظر إلى الوالدين رحمة وعبادة
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: “النظر إلى وجه الوالدين عبادة”.
5/ الإنفاق على الوالدين هو الأفضل
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “هل تعلمون أيّ نفقة في سبيل الله أفضل؟” قالوا: الله ورسوله أعلم، قال صلى الله عليه وآله وسلم: “نفقة الولد على الوالدين”.
نصيحة ذهبية للوالدين
ملاحظة مهمة جدا للوالدين، لقد تحدثنا في الأعلى حول بر الوالدين. هنا نريد الإشارة حول أهمية دور الوالدين في تحمل المسئولية في رعاية وتربية الأبناء بشكل صحيح، فالأبناء هم عادة نتيجة تربية الوالدين إلا ما ندر، فالتربية الصحيحة عبر ترسيخ الإيمان والقيم الأخلاقية والتعامل الإيجابي وبناء الثقة بالنفس وحب العلم والعمل والاجتهاد منذ الطفولة حتما تنعكس على سلوك الأبناء ويجني الوالدان ما زرعوه.
ولهذا لابد من التأكيد على سعة صدر الوالدين وإظهار المحبة والاحترام والعطف واللطف والحنان والكرم مع عيالهم وقضاء أكبر وقت معهم بالتحدث معهم والتقرب منهم ولو باللعب معهم والخروج معهم والسفر معهم. فالقسوة والشدة وعدم مجالسة العيال وعدم السفر معهم وعدم تحملهم ومشاركتهم فيما يحبونه لتطوير العلاقة؛ سيتسبب في وجود فجوة بين الوالدين والأبناء ومع الأيام ستزداد الفجوة والصعوبة لدرجة، عدم الارتياح ان الأبناء لا يتمنون وجود الوالدين أو أحدهما معهم.. تصل لدرجة تمني وفاتهم والعياذ بالله من هذا الفكر الشيطاني المدمر الذي ينعكس على أفراد الأسرة!.
التقرب من الأبناء وإظهار المحبة والعطف والحنان وحب الجلوس والتحدث معهم يطور العلاقة ويجعل الأبناء والوالدين كروح واحدة لا احد يستغني عن الآخر.
العمر قصير والصحة غير باقية.. فعلى الوالدين استغلال عمرهما وصحتهما بالتقرب إلى أفراد العائلة، وتطوير العلاقة والألفة والمحبة..، ليقوموا بواجب البر الواجب عليهم إتجاه الوالدين.
وفي الأخير دعوة لكل ولد (ذكر وأنثى) أن يتوجه إلى والديه ويطلب رضاهما ودعاءهما فهما باب الرحمة والتوفيق والنجاح وتيسير الأمور.
الله الله بوالديك وخاصة أمك (إن الجنة تحت أقدام الأمهات).