المخرج والإعلامي الجزائري مراد أوعباس للوفاق:

فيلم 444 يوماً.. الجزائر والدبلوماسية الصامتة في حل أزمة الرهائن الأميركيين

خاص الوفاق: رسالة الفيلم أنه على العالم العربي أن يروي تاريخه بنفسه، لا أن يتركه للمرويات الغربية أو التأويلات الموجهة

عبير شمص

 

«444» فيلم وثائقي للمخرج والإعلامي الجزائري مراد أوعباس يتناول حادثة اقتحام وكر التجسس(مقر السفارة الأميركية في العاصمة الإيرانية طهران سابقاً) في الرابع من نوفمبر / تشرين الثاني 1979، واحتجاز الجواسيس الأمريكان، والدور الذي أدته الجزائر في إيجاد حل لهذه الأزمة بعد 444 يوماً من اندلاعها. للحديث عن الفيلم وأهمية الدبلوماسية ودور الجزائر في نصرة فلسطين، وضرورة توثيق الحقائق في العالم العربي حاورت صحيفة الوفاق المخرج والإعلامي الجزائري مراد أوعباس، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

الجزائر الوسيط في أزمة الرهائن الأميركيين في طهران 

يشير الإعلامي الجزائري أوعباس أن الدافع الرئيسي كان شعوري بالمسؤولية تجاه التاريخ الوطني، خصوصًا أن دور الجزائر في هذه الأزمة كان محوريًا، ومع ذلك لم يُسلّط عليه الضوء كما ينبغي. أردتُ أن أُظهر كيف لعبت بلادي، التي خرجت حديثًا من الاستعمار، دور الوسيط النزيه والموثوق بين قوتين على طرفي نقيض — إيران والولايات المتحدة — في وقت كان فيه الحوار بينهما مقطوعًا بالكامل.

 

ويضيف أن الفيلم ليس فقط استعادة لحدث دبلوماسي بارز، بل رسالة سياسية أيضًا، مفادها أن الحوار والدبلوماسية قادران على حلّ أعتى الأزمات، بشرط وجود نية حقيقية وثقة متبادلة. الجزائر استطاعت، عبر الكواليس وبعيدًا عن الضجيج، أن تفتح القنوات وتعيد ترتيب الأوراق، ما أفضى إلى تحرير الرهائن بعد ٤٤٤ يومًا من التوتر.

 

أمّا بشأن المصادر الضرورية التي اعتمد عليها في إنتاج الفيلم فيقول الإعلامي أوعباس: حرصتُ على أن تكون المادة موثّقة بالكامل. لذلك، استغرقت مرحلة البحث حوالي سنتين، استعنتُ بأرشيف وزارة الخارجية الجزائرية، بالإضافة إلى وثائق فرنسية وأميركية، وبعض الوثائق الإيرانية التي رُفعت عنها السرية بعد مرور الزمن. كما أجريت مقابلات مع دبلوماسيين جزائريين كانوا فاعلين في الوساطة، واستندتُ إلى تحليلات أكاديميين ومراقبين دوليين لفهم أعمق للسياق الإقليمي والدولي في تلك الحقبة. هدفي لم يكن فقط رواية ما حدث، بل تحليل كيف ولماذا استطاعت الجزائر أن تنجح، وما الذي يمكن أن نتعلمه من تلك التجربة الفريدة.

 

الدبلوماسية ليست ضعفاً

 

يعتبر الإعلامي أوعباس أن الرسالة الأولى للفيلم هي أن الدبلوماسية ليست ضعفاً، بل هي أداة استراتيجية فعالة عندما تُمارس بحكمة واستقلالية. العالم اليوم مليء بالصراعات والقطيعة، والعودة إلى الحوار هي ما يحتاجه الجميع، والجزائر نموذجٌ حيّ في ذلك.

 

أمّا الرسالة الثانية هي أن على العالم العربي أن يروي تاريخه بنفسه، لا أن يتركه للمرويات الغربية أو التأويلات الموجهة. لدينا تجارب غنية، ويجب أن نمتلك السردية الخاصة بنا.

 

صوت التاريخ.. مسؤولية توثيق الحقيقة في العالم العربي

 

يعتقد المخرج والإعلامي الجزائري مراد أوعباس أن غياب التوثيق المهني والحيادي سبب رئيسي في تضليل الأجيال الجديدة، وفي تكرار الأخطاء السياسية. الفيلم الوثائقي ليس مجرد سرد جاف، بل هو أداة لتشكيل الوعي العام. العالم العربي بحاجة إلى ذاكرة بصرية حيّة تحفظ له تاريخه، وتمنحه أدوات للفهم والمساءلة.

 

فلسطين قضية ضمير.. والجزائر على العهد

 

يؤكد أوعباس أن الجزائر كانت وستظل في صفّ الشعب الفلسطيني دون تردّد، وهذا ليس مجرد موقف سياسي، بل مبدأ أخلاقي وثابت في وجدان الشعب الجزائري. نحن نرى فلسطين قضية تحرر وكرامة، ولا يمكننا إلا أن نكون مع المظلومين في وجه الظالم.

 

وعن أداء الجزائر في مجلس الأمن بشأن العدوان الصهيوني على غزة فيعتبر المخرج أوعباس أن الجزائر أدّت دورًا مشرّفًا في مجلس الأمن، فصوتها كان واضحًا وقويًا في إدانة جرائم الاحتلال والدفاع عن المدنيين في غزة. هذا الموقف لا يمثل فقط السياسة الجزائرية، بل هو صوت الشعوب العربية والإفريقية الرافضة للعدوان والقتل والتطهير العرقي.

 

 

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص