عارف، في إجتماع أعضاء منصة حوار منظمة التعاون الإسلامي:

اعتماد أول وثيقة مشتركة حول الذكاء الاصطناعي للدول الإسلامية

خاص الوفاق: أكّد النائب الأول لرئيس الجمهورية على ضرورة وضع برنامج بين الحكومات وتعاون فعّال بين دول العالم الإسلامي لزيادة حصة الدول الإسلامية في السوق العالمية للذكاء الاصطناعي، معتبرًا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤمن بأن مسار التطور المستقبلي للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي يجب أن يقوم على ثلاثة مبادئ، هي: تطوير البنى التحتية المشتركة، والتعاون متعدد الأطراف، والتكامل العلمي. وقدّم عارف مقترحات الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتوسيع وتعزيز التعاون بين الدول الإسلامية في مجال تطوير العلوم والتكنولوجيا في حقل الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أن الاجتماع الختامي لأعضاء منصة حوار منظمة التعاون الإسلامي (OIC-15) سيشهد إصدار بيان كأول وثيقة مشتركة للدول الإسلامية في مجال الذكاء الاصطناعي، وقال: هذه الوثيقة تعكس العزم المشترك لنا للسير في طريق سياسات متقاربة.

وقال الدكتور محمدرضا عارف، الإثنين (19 مايو 2025)، في الاجتماع الثاني لوزراء التعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا في الدول الأعضاء بمنصة حوار (OIC-15): لا يوجد مجال أكثر ملاءمة ومرونة لتحقيق وحدة الأمة الإسلامية من ساحة العلم والتكنولوجيا.

 

واستعرض عارف جزءًا من إنجازات الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجال تطوير التكنولوجيا، مضيفًا: خلال الـ46 عامًا الماضية بعد انتصار الثورة الإسلامية، تم إنشاء أكثر من 2500 جامعة ومؤسسة تعليم عال في البلاد، ويبلغ عدد الطلاب حالياً أكثر من 3 ملايين طالب، مقارنة بحوالي 176 ألف طالب فقط قبل الثورة.

 

*الإنجازات العلمية لإيران تحققت رغم العقوبات

 

وأوضح النائب الأول لرئيس الجمهورية: في المجال الطبي، كنا في المرتبة 43 عالميًا قبل الثورة، بينما نحن الآن في المرتبة التاسعة عالميًا. لحسن الحظ، حققت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في العقود الأخيرة تقدمًا ملحوظًا في مجالات مثل تكنولوجيا النانو، والفضاء، والتكنولوجيا الحيوية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والطب، والاختراعات، والميداليات الأولمبية، وزيادة معدل محو الأمية بين النساء. أما في الجانب الصناعي، فكنا في المرتبة 64 عالميًا قبل الثورة، بينما نحن الآن في المرتبة 17 عالميًا.

 

وأشار عارف إلى وجود 80 معهدًا بحثيًا في البلاد قبل انتصار الثورة الإسلامية، وأكد: “لدينا الآن أكثر من 340 معهدًا بحثيًا. كما ارتفع عدد أعضاء هيئة التدريس في الجمهورية الإسلامية من 900 قبل الثورة إلى أكثر من 63 ألفًا الآن؛ بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء أكثر من 13 ألف شركة معرفية في البلاد. وقال: هذه الإنجازات العلمية والتكنولوجية تحققت رغم العقوبات غير القانونية والظالمة وغير الإنسانية التي فرضها الغرب، خاصة الولايات المتحدة.

 

 

*أول وثيقة مشتركة للذكاء الاصطناعي للدول الإسلامية

 

وأكّد النائب الأول لرئيس الجمهورية أنه إذا كان العلماء في العلوم الاجتماعية والتخطيط الاقتصادي يعتبرون النمو الاقتصادي، وتوسع التجارة، والاستثمار المباشر، والسياسات النقدية والمالية في الماضي محركات التقدم والتنمية، فإن هناك اليوم إجماعًا متزايدًا على أن التنمية المستدامة للمجتمعات البشرية تمر حتمًا عبر العلم والتكنولوجيا والابتكار، وقد تجلّى هذا الواقع بشكل أكبر في المجتمعات الإسلامية النامية التي جعلت طلب العلم “من المهد إلى اللحد” شعارًا لها.

 

وأوضح عارف أن النظام العالمي يشهد تحولًا جذريًا، وقال: نحن كحكومات وصنّاع سياسات في الدول الإسلامية نتحمل مسؤولية كبيرة في جعل العلم والتكنولوجيا محورًا أساسيًا لتنمية بلداننا. في عصرٍ تتخطى فيه التحديات العالمية مثل تغير المناخ، والأوبئة، والفقر والبطالة، وجفاف الأراضي، وأزمة المياه، والتلوث البيئي والاحتباس الحراري، يجب علينا كقادة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والتعليم في الدول الإسلامية أن نعمل على توحيد الاستراتيجيات الوطنية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، مع الحفاظ على سياسات التميز العلمي في هذا المجال. وأضاف: اتفق أعضاء منصة حوار منظمة التعاون الإسلامي (OIC-15) على تقديم بيان ختامي كأول وثيقة مشتركة للذكاء الاصطناعي للدول الإسلامية، تعبّر عن عزمنا المشترك لتبني سياسات متقاربة في هذا المجال.

 

 

*الدور المحوري للمرأة ضامن لتحقيق أهداف التنمية الوطنية

 

وأكد النائب الأول لرئيس الجمهورية أن وضع السياسات المتوافقة في مجال العلوم والتكنولوجيا بين الحكومات والدول الإسلامية، خاصة فيما يتعلق بالشباب والمرأة، أصبح ضرورة حتمية، فأكثر من مليار و800 مليون من سكان العالم اليوم هم من الشباب والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و24 عامًا، ويعيش غالبيتهم في الدول النامية، التي ننتمي إليها أيضًا. هذه الفئة المتحمسة والطموحة تمثل فرصة فريدة للأمة الإسلامية للاستفادة من طاقتها وإبداعها وقدرتها على التعلم، فالشباب هم في الواقع الخط الأول للتقدم العلمي العالمي.

 

وقال عارف: يجب على الدول الإسلامية أن تولي اهتمامًا جادًا لإنشاء مراكز متخصصة، وتشكيل شبكة إسلامية لسفراء الشباب في العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وإطلاق منصات مجانية أو منخفضة التكلفة في مجالات التكنولوجيا الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، وتكنولوجيا النانو.

 

وتطرق إلى الدور الخاص للمرأة في العلوم والتكنولوجيا، وقال: في أي نموذج تنموي للعلوم والتكنولوجيا والتميز، المبني على ضرورات وقدرات وأولويات الدول، يظل الدور المحوري للمرأة، التي تشكل نصف المجتمع، ضامنًا لتحقيق أهداف التنمية الوطنية. فتحسين جودة وكمية التعليم الجامعي للنساء، وتمكينهن رياديًا، والاستفادة من إبداعاتهن، وإيجاد حلول عملية لتوظيف قدراتهن في المختبرات وورش العمل والمشاريع البحثية، يمكن أن يعزز بشكل جدي وفعال قدرة الدول الإسلامية على تحقيق تنمية مستدامة”.

 

 

*حصة العالم الإسلامي من مجال الذكاء الاصطناعي

 

وأكد النائب الأول لرئيس الجمهورية أن التقديرات تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر على ما يقارب 40 – 60٪ من الوظائف حول العالم، حيث من المتوقع أن يُفقد حوالي 83 مليون فرصة عمل خلال السنوات الأربع المقبلة، بينما سيُخلق ما لا يقل عن 69 مليون فرصة عمل جديدة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

 

وأشار عارف إلى أن حصة العالم الإسلامي من إنتاج المعرفة، وتطوير التكنولوجيا، والقيمة الاقتصادية المضافة في مجال الذكاء الاصطناعي تُقدّر بأقل من 5٪، مؤكدًا أن هذه النسبة لا تعكس الإمكانات والطاقات الكامنة في الدول الإسلامية. وأضاف: إن وضع برنامج حكومي مشترك وتعزيز التعاون بين دول العالم الإسلامي لزيادة حصتها في السوق العالمية للذكاء الاصطناعي يعد أمرًا بالغ الأهمية.

 

وأوضح: أن العوامل التالية تمثل إمكانات كبيرة للدول الإسلامية في تطوير الذكاء الاصطناعي:

 

– وجود شاب مهتم بالتطوير واستخدام التكنولوجيات الناشئة، خاصة الذكاء الاصطناعي.

 

– توفر رأس مال بشري ديناميكي ومتنامٍ في مجالات العلوم الأساسية والهندسة والتخصصات ذات الصلة.

 

– امتلاك دول العالم الإسلامي سوقًا محليًا كبيرًا يضم أكثر من 8/1 مليار مسلم حول العالم، مع طلب متزايد على منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي.

 

 

*اقتراحات إيران لتعزيز التعاون بين الدول الإسلامية

 

وأكد عارف أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بإدراكها الاستراتيجي لأهمية الذكاء الاصطناعي، تؤمن إيمانًا راسخًا بتطوير العلوم والتكنولوجيا في هذا المجال، مشيرًا إلى أن تشكيل “لجنة تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها” تحت إشراف رئيس الجمهورية يُعد دليلًا على عزم البلاد في النهوض بهذا القطاع. كما أشار إلى أن قانون البرنامج السابع للتنمية قد أكد على توفير البنى التحتية المتكاملة وتعزيز النظام البيئي التكنولوجي في مجال الذكاء الاصطناعي كأحد القطاعات المحركة للتنمية والريادة. وأضاف: إن إيران اتخذت خطوات عديدة لتطوير البنى التحتية، وتقديم الدعم الذكي، وتعزيز بيئة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك:

 

– دعم مشاريع البحث والتطوير التكنولوجي، خاصة “مساعدات الذكاء الاصطناعي” للأجهزة التنفيذية والوزارات لتحسين الكفاءة والشفافية في الخدمات العامة.

 

– تنظيم البيانات والذكاء الاصطناعي لتعزيز الابتكار وحماية حقوق المستخدمين.

 

– تقديم دعم مالي ومِنَح للشركات التكنولوجية والناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي لتسريع تطوير التكنولوجيا المحلية وتشكيل السوق الداخلية.

 

– التخطيط لتطوير بنى تحتية سحابية وطنية كخطوة نحو تحقيق حوكمة ذكية وريادة تكنولوجية.

 

وأكد عارف أن إيران ترى أن مستقبل تطوير الذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي يقوم على ثلاثة مبادئ:

 

– التعاون متعدد الأطراف

 

– التآزر العلمي

 

– تطوير بنى تحتية مشتركة

 

واقترحت إيران عدة مبادرات، منها:

 

– تشكيل فريق عمل رفيع المستوى لتطوير الذكاء الاصطناعي في منظمة التعاون الإسلامي لاتخاذ القرارات ومراقبة التطورات العالمية.

 

– وضع خارطة طريق متوسطة وطويلة الأجل للتعاون العلمي والتكنولوجي في مجال الذكاء الاصطناعي مع تحديد أهداف واقعية وخطوات تنفيذية.

 

– إنشاء شبكة مراكز بحثية وجامعية إسلامية في مجال الذكاء الاصطناعي لتبادل الخبرات وتعزيز البحث المشترك.

 

– تمويل مشترك لمشاريع الذكاء الاصطناعي والبنى التحتية البحثية باستخدام موارد الدول الإسلامية والبنك الإسلامي للتنمية.

 

– وضع ميثاق أخلاقي إسلامي للذكاء الاصطناعي يستند إلى الشريعة الإسلامية، والكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية.

 

واختتم النائب الأول لرئيس الجمهورية بالتأكيد على استعداد إيران للمساهمة الفاعلة في تطوير الذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي، قائلًا: الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تكنولوجيا، بل له تأثير شامل على الصناعة والاقتصاد والمجتمعات. إذا سار المسلمون بإرادة جماعية وعلم وتعاون، فسنتمكن من خلق مستقبل يكون فيه الذكاء الاصطناعي في خدمة الأعمال والحكومات والإنسانية والتنمية والكرامة.

 

* تداعيات التغيرات العالمية المتسارعة في ظل الذكاء الاصطناعي

 

من جانبه، حذر وزير العلوم وتكنولوجيا المعلومات الإيراني، حسين سيمائي صراف، من تداعيات التغيرات العالمية المتسارعة في ظل الذكاء الاصطناعي. وأكد أنه في وقت يقوم فيه الذكاء الاصطناعي بإعادة تشكيل مؤشرات التقدم والتنمية العالمية، فإن تقاعس الأمة الإسلامية عن الاستثمار في البحث والتطوير سيزيد من اتساع الفجوات القائمة، مما قد يشكل تهديدًا كبيرًا للجميع.

 

وأشار سيمائي صراف، خلال الاجتماع، إلى ضرورة التعاون في مجال البحث والابتكار وتطوير بنية الذكاء الاصطناعي، بدءًا من تعزيز الحوكمة الأخلاقية والموثوقة، مرورًا بدعم مشاركة القطاعين العام والخاص في هذا المجال، ووصولًا إلى تعزيز تنافسية الدول الإسلامية. ووصف هذه المحاور بأنها تمثل إطارًا لوثيقة تقدمية توضع أمام أعين الجميع.

 

وفي إشارة إلى إطلاق أول وثيقة مشتركة حول الذكاء الاصطناعي للدول الإسلامية خلال هذا الاجتماع، أوضح سيمائي صراف أن هذه الوثيقة -مثل غيرها من وثائق منظمة “كومستيك” ومنظمة التعاون الإسلامي- تُعد إرثًا مشتركًا وثمرة ساعات وأيام من جهود خبراء وباحثي الذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي، مما يؤكد عزمنا الجاد على تحقيق التكامل في صنع السياسات.

 

واستشهد وزير العلوم بدراسة دولية موثوقة تثبت أن التعاون والشراكات تعزز الإنتاجية، مؤكدًا أن تعزيز مثل هذه الشراكات يضمن توافق الأبحاث مع احتياجات الصناعة، ويمكّن المبتكرين من الوصول إلى الأسواق.

 

يذكر أن أعمال القمة الثانية لوزراء التعليم العالي في الدول الأعضاء بمنصة حوار منظمة التعاون الإسلامي (OIC)  اختتمت أمس الإثنين في طهران، بعد يومين من المناقشات على مستوى وزراء العلوم في الدول الإسلامية.

 

 

 

 

المصدر: الوفاق-خاص