جسرًا حيويًا يربط بين آسيا الوسطى والقوقاز والخليج الفارسي

جزيرة قشم.. قطـب جديد للطاقة واللوجستيات في إيران

خاص الوفاق: أكبر جزيرة إيرانية في الخليج الفارسي، التي تعتبر مركزًا لوجستيًا حيويًا في المنطقة، تلعب دورًا محوريًا في ممر الشمال-الجنوب، الذي يشكل جسرًا حيويًا يربط بين آسيا الوسطى والقوقاز والخليج الفارسي، مما جعل قشم أحد نقاط التركيز التجاري والسلعي.

جزيرة قشم (جنوب البلاد)، أكبر جزيرة في الأراضي الإيرانية، يبلغ طولها حوالي 135 كيلومترًا، وتبدأ من مدخل مضيق هرمز – مقابل مدينة بندرعباس – وتمتد غربًا حتى مقابل مدينة بندر لنجة على البر الرئيسي.

 

ويبلغ أقصى عرض للجزيرة في الجزء الأوسط منها، من ميناء لافت في الشمال إلى قرية شیب دراز، حوالي 40 كيلومترًا، بينما يبلغ أصغر عرض لها من ميناء صیادي سلخ في الجنوب إلى قرية طبل في شمال الجزيرة حوالي 9.4 كيلومترات.

 

ويُقدّر متوسط عرض الجزيرة بـ11 كيلومترًا، ومساحتها بحوالي 1500 كيلومتر مربع، مما يجعلها أكبر بحوالي 2.5 مرة من البحرين وثلاث مرات من سنغافورة.

 

وتبعد مدينة قشم (في أقصى شرق الجزيرة) عن مدينة بندرعباس 22 كيلومترًا، بينما تقع أقرب نقطة منها إلى البر الرئيسي عند منطقة لافت کهنة وميناء بندر بل على الساحل المقابل، على بُعد كيلومترين فقط.

 

متوسط درجة الحرارة السنوية في جزيرة قشم يبلغ حوالي 26.9 درجة مئوية، حيث تصل درجات الحرارة إلى ذروتها من شهر يوليو إلى سبتمبر، وتنخفض إلى أدنى مستوياتها السنوية خلال أشهر ديسمبر إلى فبراير.

 

اختيار قشم كمنطقة صناعية وتجارية حرة عام 1990م من قبل حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية يُعتبر بمثابة “عصر النهضة الحديثة” لهذه الجزيرة عبر تاريخها.

 

كما أن الموقع الجغرافي والإستراتيجي لهذه الجزيرة العالمية، ووجود موارد غنية للطاقة مثل حقول توسن، غورزين، سلخ، هرمز، تفتان وغيرها من حقول النفط والغاز؛ بالإضافة إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والإعفاءات الضريبية والجمركية الجذابة، كلها عوامل اجتمعت لتحول قشم إلى وجهة مثالية للاستثمار المحلي والأجنبي في مجال الطاقة واللوجستيك.

 

مع تزايد أهمية الطاقة واللوجستيك في الاقتصاد العالمي يومًا بعد يوم، يُمكن أن تشكل الاستثمارات في قشم فرصة ذهبية لتحقيق الأرباح والمشاركة في التنمية المستدامة لهذه الجزيرة الجميلة كـ”البوابة التجارية الجديدة لإيران”.

 

تحويل الجزيرة إلى مركز للطاقة وتطوير البنية التحتية

 

وقال جعفر خليقي مدير النفط والطاقة في منطقة قشم الحرة في حديثه مع مراسل وكالة الجمهورية الاسلامية للأنباء “إرنا” رداً على سؤال حول الخطط المقررة لتحويل الجزيرة إلى قطب للطاقة وتطوير البنية التحتية للطاقة: تقدم قشم “جوهرة الخليج الفارسي” بموقعها الاستراتيجي ومزاياها الاقتصادية الخاصة، فرصاً فريدة لتطوير أعمال متنوعة تشمل إنتاج الطاقات المتجددة ومصافي النفط والغاز ومحطات النفط والغاز والاستيراد والتصدير ومستودعات التخزين الحديثة وما شابه ذلك.

 

وأضاف خليقي: من بين هذه الفرص تطوير المصافي بطاقة أولية تبلغ 35 ألف برميل يومياً مع إمكانية الزيادة إلى 70 ألف برميل باستثمار 700 مليون دولار، واستكمال خط أنابيب غاز بقطر 30 بوصة وطول 52 كيلومتراً لنقل 25 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، وبناء رصيف حرا النفطي بسعة 70 ألف طن باستثمار 53 مليون يورو، وإطلاق عمليات تزويد السفن بالوقود “البنكرينغ”.

 

وأوضح قائلاً: كما يعد تطوير السلسلة البتروكيماوية وإنشاء وحدات إنتاجية عالية القيمة المضافة، وتوسيع البنية التحتية للنقل بما في ذلك الموانئ وجسر الخليج الفارسي والمراكز اللوجستية، وتطوير صناعات المصافي والصناعات البتروكيماوية المصاحبة، من بين الأولويات الحالية لتطوير صناعة النفط والغاز في جزيرة قشم.

 

وقال مدير النفط والطاقة في منطقة قشم الحرة: إن تجميع الصناعات البتروتكريرية وإنشاء مجمعات صناعية للصناعات المصاحبة سيسهل إدارة العوامل البيئية وتقديم الخدمات والمرافق والتسويق للمنتجات، كما سيوفر إمكانية دمج المنتجات المصنعة وإنتاج منتجات أحدث في المنطقة.

 

وفي ردّه على سؤال حول عدد البرامج المقررة لإكمال سلسلة صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات في قشم، أضاف خليقي: إجمالاً، هناك أكثر من 30 مشروعاً وخطة رئيسية قيد التنفيذ أو في مرحلة جذب المستثمرين لإكمال سلسلة القيمة، تشمل هذه الخطط خمسة مجمعات بتروكيماوية تعمل بالغاز وتنتج الميثانول والبروبيلين والبولي بروبيلين قيد الإنشاء، والتخطيط لإنشاء مجمعات بتروكيماوية، وتطوير محطات توليد الطاقة ذات الدورة المركبة والطاقة الشمسية، وقد تم في هذا الإطار بناء رصيف حرا النفطي بطاقة 15 مليون طن سنوياً.

 

تعزيز التعاون المشترك مع رابطة الدول المستقلة

 

وأجاب خليقي على سؤال حول وجود خطط لتعزيز التعاون المشترك في مجال النفط والطاقة مع رابطة الدول المستقلة CIS: توقيع إتفاقية توأمة بين جزيرة قشم ومدينة كراسنودار الروسية، والتعاون في إطار ممر الشمال-الجنوب، وتطوير محطات الطاقة الشمسية لتقليل الانبعاثات الملوثة، جميعها تدخل في إطار هذه النشاطات المشتركة، كما تم إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي EIA  “Environmental Impact Assessment” لجميع المشاريع.

 

وفي ردّه على سؤال حول موعد بدء عمليات تزويد السفن بالوقود “البنكرينغ” في قشم والمرحلة الحالية لها، أوضح: تم الانتهاء من تشغيل مجمع البنكرينغ في سلخ عام 2020، والذي يشمل منشآت تخزين بسعة 600/52 طن ومنشأة مينائية مزودة برصيف بسعة 000/10 طن لتحميل السفن وتزويدها بالوقود في منطقة سلخ بالخليج الفارسي، باستثمارات تجاوزت 60 مليون دولار.

 

وأضاف: كما تم التخطيط للعام المقبل لإنشاء عدة أرصفة إضافية في الميناء النفطي بسلخ بسعات 10 آلاف و30 ألفاً و50 ألف طن، لزيادة عمليات تزويد الوقود إلى 750 ألف طن سنوياً في المرحلة الأولى، وصولاً إلى 4 ملايين طن سنوياً في النهاية، وذلك في إطار خطة شاملة لإكمال سلسلة عمليات البنكرينغ.

 

حجم التداول المالي لصناعة البنكرينغ

 

وفي ردّه على سؤال حول حجم التداول المالي لصناعة البنكرينغ في منطقة الخليج الفارسي ومضيق هرمز، قال خليقي: في عام 2018، قُدرت قيمة سوق البنكرينغ النشط في منطقة الخليج الفارسي بأكثر من 30 مليار دولار، كان 27 مليار دولار منها من نصيب الإمارات العربية المتحدة.

 

ويُعتبر ميناء الفجيرة بالإمارات، بقدرة تزويد وقود تصل إلى أكثر من 16 مليون طن سنوياً للسفن، أكبر ميناء في الخليج الفارسي في مجال أنشطة البنكرينغ. وأضاف: كما أن تزويد السفن بـ50 ألف طن من الوقود يتطلب توظيف ما لا يقل عن 40 عاملاً.

 

ورداً على سؤال حول المزايا الاقتصادية غير القابلة للمنافسة لتزويد السفن العابرة بالوقود في مضيق هرمز والخليج الفارسي، أضاف خليقي: المسافة بين الممر الدولي لعبور السفن والسواحل الجنوبية لجزيرة قشم تبلغ حوالي 5 أميال بحرية، وإلى منطقة تزويد الوقود فقط ميلين بحريين، وهي مسافة قصيرة جداً مقارنة بالمسافة البالغة 50 ميلاً بحرياً بين الممر وميناء الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة.

 

وأوضح قائلاً: كما أن العمق الملاحي المناسب وتقديم وقود بأسعار تنافسية، يشكلان ميزة اقتصادية غير قابلة للمنافسة لجزيرة قشم وإيران، مما يتيح فرصة تحقيق إيرادات كبيرة للجزيرة والبلاد.

 

وفي ردّه على سؤال حول حصة إيران من التداول المالي مع تطوير هذه الصناعة في قشم، قال مدير النفط والطاقة في الجزيرة: يبلغ حجم التداول المالي لصناعة البنكرينغ عالمياً حوالي 200 مليار دولار سنوياً، بينما تتراوح حصة منطقة الخليج الفارسي بين 30 إلى 50 مليار دولار، ولا تتجاوز حصة إيران مليار دولار كحد أقصى.

 

وأضاف: تمثل الفجيرة في الإمارات حوالي 80% من إجمالي النشاط في المنطقة، بينما تقدم كل من عُمان وقطر خدمات محدودة في مجال البنكرينغ.

 

جزيرة قشم مركز للطاقة وصادرات مشتقاته

 

وفي رده على سؤال حول قدرة 17 حقلًا نفطيًا وغازيًا في قشم على تلبية احتياجات محافظة هرمزجان والبلاد من الطاقة، أردف خليقي: تمتلك جزيرة قشم إمكانات هائلة لتصبح مركزًا للطاقة في البلاد.

 

وتشير التقديرات إلى أن هذه الحقول قادرة على تغطية احتياجات محافظة هرمزجان من الطاقة بالكامل، كما يمكنها المساهمة بشكل كبير في صادرات إيران من الطاقة. ومع التخطيط السليم وتنفيذ مشاريع التطوير، يمكن لقشم أن تلعب دورًا محوريًا في اقتصاد الطاقة الإيراني، وتعزز مكانة البلاد في الأسواق العالمية للطاقة.

 

وفي رده على سؤال حول حصة قطاع النفط والطاقة في صادرات المنطقة الحرة بقشم بشكل عام، أوضح: شهدت المنطقة نموًا ملحوظًا في الصادرات خلال السنوات الأخيرة، حيث يشكل النفط ومشتقاته والبتروكيماويات الجزء الأكبر منها.

 

ووفقًا للبيانات المتاحة، فإن حوالي 90٪ من صادرات المنطقة تأتي من المنتجات النفطية، والتي يتم تصدير معظمها عبر رصيف حرا النفطي.

 

وأكّد مدير النفط والطاقة في المنطقة الحرة بقشم: بلغت قيمة الصادرات النفطية للمنطقة الحرة بقشم حوالي 180 مليون دولار في العام الماضي، مما يشكل جزءاً كبيراً من إجمالي صادرات المنطقة، ويعكس الدور المحوري للصادرات النفطية في تحسين الميزان التجاري لقشم، وهذا يبرز القدرات الكبيرة للمنطقة الحرة بقشم لتصبح أحد المراكز الرئيسية للتصدير في البلاد، خاصة في قطاع الطاقة والبتروكيماويات.

 

ورداً على سؤال حول وضعية الجزيرة في مجال إنتاج واستهلاك الكهرباء، قال خليقي: تضم الجزيرة حالياً ثلاث محطات توليد كهرباء بدورة مركبة ومحطة واحدة للطاقة الشمسية، بإجمالي قدرة إنتاجية تصل إلى حوالي 1060 ميغاواطاً. هذه القدرة الإنتاجية تفوق بكثير احتياجات الجزيرة من الاستهلاك، وتكفي بالكامل لتغطية احتياجات قشم من الكهرباء.

 

وأضاف: هذه القدرات لا تضمن فقط استدامة الطاقة في الجزيرة، بل توفر أيضاً أساساً متيناً لتطوير الصناعات الكبيرة ومشاريع النفط والبتروكيماويات، وكذلك لتصدير الطاقة في المستقبل. وبفضل هذه البنية التحتية القوية، تُعد جزيرة قشم اليوم واحدة من المناطق الاستراتيجية في البلاد في مجال الطاقة.

 

المصدر: الوفاق/خاص