فورين بوليسي:الكيان الصهيوني يواجه معضلة دولية وخطر التحول لكيان معزول

نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالا لمحرر الشؤون الاقتصادية وكاتب العمود في الطبعة الإنكليزية من صحيفة “هآرتس” ديفيد إي. روزنبرغ، قال فيه إن "الإسرائيليين" لديهم قلق دائم من أن يصبحوا معزولين.

وقال روزنبرغ: “إسرائيل”، وهي كيان صغير يعتمد اعتمادا كبيرا على التجارة والاستثمار الأجنبيين، يعتقد أنه جزء من عائلة الديمقراطيات الغربية، وسيكون أقل قدرة بكثير من دول مثل إيران وروسيا على التعامل اقتصاديا وعسكريا ونفسيا مع العقوبات والاستنكار العالمي.

 

ويعلق الكاتب أن هذه المخاوف لم تتحقق، إلا أن التهديد في الأسبوعين الماضيين بات واضحا والسبب المباشر هو قرار “إسرائيل” تجديد هجومها على قطاع غزة ومنع المساعدات الإنسانية، ووراء كل هذا تطورات طويلة الأمد لا تبشر بالخير لإسرائيل. ويضيف: “إسرائيل” دولة صغيرة تعتمد على التجارة والاستثمار الأجنبيين، وتعتقد أنها جزء من عائلة الديمقراطيات الغربية، وستكون أقل قدرة بكثير من دول مثل إيران وروسيا على التعامل مع العقوبات والاستنكار العالمي.

 

وقد جاء التهديد الأكثر واقعية من أوروبا، فقد أعلن الاتحاد الأوروبي في 20 أيار/ مايو أنه سيراجع اتفاقية شراكته مع إسرائيل، والتي تشمل، من بين أمور أخرى، اتفاقيات التجارة الحرة. وفي اليوم نفسه، علقت بريطانيا المحادثات مع إسرائيل بشأن اتفاقية التجارة الحرة الثنائية. وتوقفت بعض الدول الأوروبية عن توريد الأسلحة أو علقت تراخيص التصدير، ودعت إسبانيا الشهر الماضي إلى فرض حظر عام على توريد الأسلحة إلى إسرائيل.

 

وأصدرت مجموعة من الدول، بما في ذلك ألمانيا وغيرها من الدول الصديقة لإسرائيل، بيانات تنتقد بشكل غير معتاد تجدد الحرب في غزة. وعلى الورق، لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة تجاه إسرائيل كعادتها، وتتدفق شحنات الأسلحة دون انقطاع. لكن عمليا، وجدت إسرائيل نفسها باستمرار على الجانب الخطأ من أولويات إدارة ترامب في الشرق الأوسط.

 

ففي إيران، اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التفاوض بدلا من مهاجمة المنشآت النووية، وهو ما فضلته إسرائيل، وفي سوريا، تجاهل ترامب المخاوف الإسرائيلية وأسقط العقوبات وأعاد فتح مقر إقامة السفير الأمريكي، أما مع “الحوثيين” (انصار الله)، فقد توصلت الإدارة إلى هدنة تركت إسرائيل تقاتلهم بمفردها.

 

ولعل الأهم من ذلك كله هو أن زيارة الرئيس الرسمية إلى الخليج الفارسي حددت ما هي مصالحه في المنطقة: إبرام صفقات تجارية وتجنب المواجهات العسكرية التي يبدو أن رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو عازم على خوضها.

 

ويعتقد الكاتب ‌أن لا شيء من هذا حتى الآن يشير إلى عزلة وشيكة لإسرائيل. على سبيل المثال، لكي تفضي مراجعة الاتحاد الأوروبي إلى أي خطوات ملموسة، يجب أن توافق أغلبية الدول، وهو أمر مستبعد في الوقت الحالي. ولن يكون حظر الأسلحة ذا معنى ما لم تنضم إليه الولايات المتحدة، التي تزود إسرائيل – إلى جانب ألمانيا – بمعظم الأسلحة المستوردة. (مع ذلك، أعلنت إسبانيا في 3 حزيران/ يونيو أنها ستلغي صفقة أسلحة بقيمة 285 مليون يورو، مما يسهم في تحقيق “انفصال” عن إسرائيل في المسائل الأمنية). وقد جمدت بريطانيا مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، لكن اتفاقيتها التجارية الحالية مع إسرائيل لا تزال سارية.

 

وبرأي الكاتب إذا أنهت إسرائيل حربها في غزة قريبا، وهو أمر غير مسلم به، فمن المرجح أن يُرفع التهديد المباشر بالعزلة التي تواجهها، وإن كان ذلك سيفاقم من تراجع”مكانتها الدولية”. لكن الاتجاهات طويلة الأمد التي تعرض إسرائيل لمثل هذا الخطر لا تزال قائمة.

 

وأولها الرأي العام في الولايات المتحدة وأوروبا. وإن لا يزال الأمريكيون أكثر تعاطفا مع الإسرائيليين منه مع الفلسطينيين، وفقا لاستطلاعات غالوب، لكن الفجوة تضيق على مدى العقد الماضي. في شباط/ فبراير، عندما أجرت غالوب آخر استطلاع لها، كانت النسبة لصالح إسرائيل 46% مقابل 33%، وهي ليست أغلبية ساحقة في بلد يعتمد بشدة على احتياجات الدعم الأمريكي.

 

 

المصدر: العالم