مدير مؤسسة شهيد فلسطين للوفاق:

تحقيق إنجازات عالية رغم الاعتداءات العسكرية والسياسية

المؤسسة على مسافة واحدة من جميع عوائل الشهداء لا تفرق في تقديم الخدمة بينهم سواء على أسس سياسية أو حزبية في الوقت التي تعج به الساحة الفلسطينية بالصراعات الحزبية على كل صغيرة وكبيرة

عبير شمص

الوفاق/ خاص

يتفق الكل الإنساني على أن قطاع غزة  والذي تبلغ مساحته 365 كيلومتراً، ويتجاوز عدد سكانه المليوني نسمة، جلّهم من الشباب حيث تبلغ نسبة الأعمار من 15 إلى 29 (43%) من النسبة العامة للسكان.

ويعتبر القطاع منطقة جغرافية من أكثر المناطق كارثية على حياة الإنسان في جميع مجالات الحياة وخاصةً الأساسية منها، إذ تعتبر منظمات حقوق الإنسان أنّ قطاع غزة في عام 2020 بقعة جغرافية غير صالحة للسكن والإقامة البشرية ونسبة المياه الصالحة للشرب لا تتجاوز ما نسبته 2% من مياه القطاع بسبب التلوث الناتج عن دخول مياه الصرف الصحي ومياه البحر المالحة لأحواض المياه الجوفية.

أضف لذلك ممارسات الاحتلال وسياساته المنصبة على رؤوس السكان المتمثلة في العدوان على مدار اللحظة وسياسات الحصار المفروضة براً وجواً وبحراً من الجهات الثلاثة للقطاع، والمصائب لا تأتي منفردة، فهناك الفساد الداخلي والذي من أكبر مظاهره هو الانقسام. إضافةً إلى التجاذبات الحزبية، فالخدمات والوظائف تُقدم على أسس حزبية فقط ضاربةً بعرض الحائط الكفاءة والحاجة وهذا ظاهر في ممارسات الإدارات الحاكمة في الضفة وغزة والجمعيات والمؤسسات التابعة لهم.

أمّا المؤسسات الأجنبية صاحبة الميزانيات الضخمة والكبيرة تصرف كرواتب على موظفيها ومعظم هذه الميزانيات تصرف بعيداً عن التنمية وتطوير قطاعات اجتماعية أو محاربة الفقر، بل تذهب نحو نشر الثقافة الغربية مثل مشروع حرية المرأة، العنف ضد المرأة، المساواة بين الرجل والمرأة والكثير من العناوين التي تهدف إلى سلخ المجتمع عن أصالته.

في ظل هذه الأجواء تعمل مؤسسة الشهيد – فرع فلسطين كمجتمع مدني وجمعية خيرية تؤمن بأصالة الشعب الفلسطيني وتنحاز لخياراته والتي في مقدمتها خيار المقاومة ورعاية ومساندة الفئات المستضعفة والمظلومة بفعل سياسات المحتل والفساد الداخلي. وللإطلاع بشكل موسع على الجمعية وأهم إنجازاتها أجرت صحيفة الوفاق مقابلة مع مدير المؤسسة – فرع فلسطين “نافذ الأعرج”، وكان معه الحوار التالي:

رؤية وأهداف مؤسسة شهيد فلسطين

تهدف مؤسسة شهيد فلسطين وفقاً للأعرج:” إلى تبوء مكانة بارزة بين الجمعيات غير الحكومية في فلسطين من خلال العمل المتميز والإنصاف بين المستفيدين دون أي فرقة. أمّا أهم قيّمها فهي الإخاء والعدل والمساواة بين الفئات المستفيدة دون أي تمييز أو فرقة على أساس الدين أو الجنس أو العمر أو القومية أو العقيدة السياسية ودون المساس بإنسانيتهم أو كرامتهم، فمؤسسة شهيد فلسطين هي للكل الفلسطيني ولكافة شرائح المجتمع دون تمييز. ولمؤسسة شهيد فلسطين توأم وهي جمعية الأنصار الخيرية بل هما روح في جسدين لا ينفصلان ولا يقبلا القسمة. أمّا الأهداف فتتوزع على كفالة الأيتام والفقراء والمحتاجين والمتضررين من فقدان من يعيلهم ومساعدة كل ضحايا سياسات الاحتلال سواء على المستوى الإنساني أو المادي بما يخدم الفئة المستهدفة وهم الأيتام والشهداء، وإقامة مشروعات تنموية تخدم برامج ومشاريع الجمعية وتكون مصدر من مصادر التمويل.

صمود المؤسسة أمام التهديدات الأميركية

يعتقد مدير المؤسسة الأعرج بأنهم حققوا خطوات كبيرة يعترف بها الصديق والعدو ، فيقول:” عمل العدو على تدمير المؤسسة أكثر من مرة عبر قصف مقرها والنيل من عزيمة وصلابة العاملين في الميدان، ولمّا شعر بفشله في سياسة كسر الإرادات بالقوة والقصف بالطائرات توجه نحو سياسة تجفيف منابع الدعم، وذلك عبر تهديده للمصارف التي نمتلك فيها أرقام حسابات إما بإغلاقها حساباتنا أو محاكمة المصارف بتهمة تمويل الإرهاب، ما دفعها لإلغاء حسابات الجمعية، ويضيف:” على الرغم من هذه الصعوبات استطعنا خلق بدائل لتأمين المال وإيصاله للفئات المحتاجة بعيداً عن أيّ تمييز حزبي أو قومي أو ديني، وعندما شعر المحتل بفشل إجراءاته، أوكل المهمة إلى أبناء جلدتنا وخاصةً الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، عبر منعنا من إيصال الخدمات والحقوق لأصحابها في الضفة وذلك بذريعة أن مصادر المال من الجمهورية الإسلامية في إيران، لكننا تغلبنا على كل هذه المضايقات وأوصلنا الدعم والعون لأسر الشهداء ولأصحاب البيوت المدمرة بفعل ممارسات الإحتلال”.

العدوان الإسرائيلي المباشر على المؤسسة

يتابع الأعرج: “إذا أردنا أن نذهب للغة الأرقام والتواريخ التي لا تعرف المجاملة نسرد ما تعرضت له مؤسسة الشهيد من عدوان على النحو التالي: مع بداية عام 2003 سطت قوات الاحتلال الإسرائيلي على أموال الجمعية وصادرتها، كذلك تعرضت الجمعية لعدوانٍ مباشر في تواريخ مختلفة، ففي العام 2004م تعرض مقر المؤسسة لقصف طائرات الأباتشي الصهيوني ما أدى إلى تدمير مقرها بكل محتوياته وأجهزته وأرشيفه، لكننا بالرغم من العدوان استمرت المؤسسة في تقديم خدماتها ورسالتها التي قامت من أجلها. وتكررت الاعتداءات الاسرائيلية على المؤسسة لتكون خاتمتها مع نهايات عدوان 2008م والتي تدمرت على إثره  كل محتويات المؤسسة من أجهزة ومقتنيات وأرشيف للمعلومات”.

آلية سير العمل ونشاطات المؤسسة

يشير الأعرج بأنّ:”عمل مؤسسة شهيد فلسطين يصب في المجال الإغاثي ويستهدف الفئات التي تضررت بفعل سياسات الاحتلال وممارساته الوحشية وخاصةً عوائل الشهداء وأصحاب البيوت المدمرة والفئات المهمشة والمستضعفة، ويتابع قائلاً:”أصبح الشارع الفلسطيني يطلق على مؤسستنا إسم المؤسسة الإيرانية والسبب في ذلك يعود إلى تأكيدنا مع كل خدمةٍ نقدمها لأي مواطن فلسطيني أن مصدر الدعم والتمويل هو الجمهورية الإسلامية في إيران”.

برنامج رعاية عوائل الشهداء

الشهداء هم ملح الأرض وشرف وجودها، دماءهم تلون السماء والأفق وعيونهم تتلألأ نجوماً في ليالي الشتاء لتغمر كل أحبائهم والفقراء بالدفء والأمل، تتلعثم الكلمات  كعادتها وتقف عاجزة والأقلام تجف ولو كان عددها عيدان الأشجار والبحار لها مداد لما حصت دموع أطفالهم وحسرات أمهاتهم وأراملهم.

من هنا أخذت المؤسسة وفقاً للأعرج على عاتقها منذ لحظة التأسيس الوقوف إلى جوار عوائل الشهداء وإسنادهم وتقديم الدعم المعنوي والمادي لهم، حتى أصبحت المؤسسة قبلةً لعوائل الشهداء وكهفاً يلوذون إليه وقت شدائدهم والكل يشيد بأدائها الذي يقوم على أساس من المساواة والعدالة بين الجميع”، ويضيف قائلاً: المؤسسة على مسافة واحدة من جميع عوائل الشهداء لا تفرق في تقديم الخدمة بينهم سواء على أسس سياسية أو حزبية في الوقت التي تعج به الساحة الفلسطينية بالصراعات الحزبية على كل صغيرة وكبيرة. هذا ويبلغ عدد الشهداء عدد شهداء الضفة الغربية 2966، وعدد شهداء قطاع غزة 7500. تقدم المؤسسة لهذه العوائل الخدمات من أجل تعزيز صمودهم ومساندتهم في جميع مجالات حياتهم. ويكمل الأعرج حديثه:” استطاعت المؤسسة أن تقدم العون والمساندة للمئات من أيتام الشهداء عبر برنامج كفالة أيتام الشهداء الذين بلغ عددهم حتى كتابة هذا التقرير 588 طفلا”.

مشروع مساعدة أصحاب البيوت المهدمة

يقول الأعرج بأنه :” لا يخفى على أحد سياسات الإحتلال التي تُمارس على مدار الساعة ضد كل ما هو فلسطيني على هذه الأرض المباركة والمقدسة، ولا يقتصر الصراع على الحجر والشجر والإنسان بل على أبسط مقومات الحياة وتكاد تكون المعركة على كل شبرٍ من أرض فلسطين، فالاحتلال يستهدف تدمير بيوت كل من يشارك بالعمل المقاوم ضد الاحتلال بغرض تخويف عائلات المقاومين والمجتمع المقاوم من الاستمرار بالمقاومة، لذلك:” تقوم مؤسستنا بتقديم الدعم المالي لأصحاب هذه البيوت المدمرة على أيدي القوات الصهيونية، والتي فقد بلغ عددها 300 منزل، وتهدف هذه المساعدة المالية تمكين أصحاب هذه المنازل من إعادة إعمارها وتعزيز الصمود الفلسطيني”.

 إحياء يوم القدس

وفيما يتعلق بإحياء  يوم القدس العالمي كل عام، يقول الأعرج:”هذا اليوم الذي تقف فيه الأمة الإسلامية في كل أصقاع الأرض أمام قضيتها المركزية فلسطين ودرة تاجها القدس والمسجد الأقصى المبارك، وقد أحيت المؤسسة في عام 2022م هذا اليوم عبر طباعة ونشر شعار يوم القدس والذي جاء تحت عنوان (القدس هي المحور)، ونحن أول من نشر هذا الشعار في الساحة الفلسطينية، ويضيف :”نسقنا مع قوى المقاومة لإنجاح مهرجان يوم القدس العالمي، وقمنا سوياً بتوزيع المكرمة على عوائل شهداء معركة سيف القدس بعد الانتهاء من مراسيم المهرجان مباشرةً، وتجدر الإشارة في الأعوام السابقة أننا كنا نقيم فعالية يوم القدس العالمي بمفردنا ولكننا في تلك السنة شاركنا بوفدٍ كبير في مهرجان قوى المقاومة “.

السلة الغذائية

يشير الأعرج بأنّ:” الفقر والفقر المدقع يُعتبر سمة في تشخيص الواقع الفلسطيني وعملنا في السنوات الماضية وخاصةً في شهر رمضان المبارك على توزيع السلة الغذائية التي تقدم للأسر الفقيرة والمتعففة وتبلغ قيمة كل سلة ما يزيد عن خمسين دولاراً أمريكياً، وذلك عبر علاقات وصداقات المؤسسة في الداخل والخارج وما نتطلع إليه ونعمل من أجله هو زيادة الدعم واستمراره”.

مشروع ملابس العيد للأطفال

يوضح الأعرج بأنّ :”العيد في كل أرجاء الأرض وعند جميع الشعوب ومختلف الديانات لا تكتمل الفرحة به إلا بفرحة الأطفال وفرحة كل طفل تتوج بملابس العيد وبما أن لكل شعبٍ ثقافته المحلية فقد شاعت مقولة في أوساط  شعبنا تقول”العيد ليس لمن لبس الجديد ولكن لمن مات شهيد” وهي مقولة فيها الكثير من التحدي ومواجهة الواقع، لذلك عملت الجمعية لتأمين ملابس العيد للأطفال وتسعى لاستمرارية الدعم لهذا المشروع”. ويضيف:” كذلك نفذت الجمعية مشروع توزيع أضحية العيد للعوائل المتعففة في ظل الارتفاع الكبير للأسعار، وخاصةً في المناسبات الدينية، كذلك نفذت الجمعية عدداً من المشاريع لمساعدة أبناء قطاع غزة نذكر منها إقامة عرس جماعي لأبناء الشهداء وتقديم كل ما يلزم لهم. وكذلك مشروع مساعدات يومية عاجلة للأسر الفقيرة وتتمثل هذه المساعدة المساهمة في ثمن علاج _ إطعام مسكين وفقير _ تعبئة أسطوانة غاز منزلي للطهي _ الخبز_ أجرة مواصلات للفقراء وغيرها …

ويؤكد الأعرج :”أنّ عمل المؤسسة مستمر ونسعى لتنفيذ مشروعات جديدة أهمها: مشروع الإقراض الحسن لعوائل الشهداء والأسر الفقيرة عبر دعم مشروعات صغيرة أو قروض زواج على أن يتم إرجاع المبلغ للجمعية على دفعاتٍ ميسرة، ما يساهم بالتخفيف عن كاهل هذه الفئات، التي تثقلها الفوائد في المصارف التي كانت تلجأ إليها سابقاً، لذا سيساهم هذا المشروع بالحد من الفقر، وتقدر قيمة تنفيذ المشروع بخمسين ألف دولار أمريكي”. ويتابع بأن الجمعية :” تسعى لتنفيذ جمعية تعاونية استهلاكية للمواد التموينية تستفيد منها عوائل الشهداء وأعضاء الجمعية وأصدقاؤهم وتهدف لتوفير الاحتياجات الأساسية بأسعار أقل من السوق ودعم المنتج الوطني وتحقيق ربح بسيط يدعم بعض مشروعات الجمعية ويحقق العديد من فرص العمل ويبلغ رأس مال المشروع ما يقارب من خمسين ألف دولار أمريكي.

علاقة المؤسسة بالإعلام والقوى السياسية المختلفة

يتحدث الأعرج عن علاقات المؤسسة بوسائل الإعلام المختلفة فيقول بأنّها:”ترتبط  بعلاقات جيدة مع وسائل الإعلام سواء المحلية منها أو الخارجية”، كذلك تجمعها علاقات مميزة وجيدة مع العديد من القوى السياسية المختلفة ومع منظمات المجتمع المدني وذلك كله يصب في خدمة ومصلحة أبناء الشعب الفلسطيني المقاوم”.