هدّد الكيان الصهيوني المحتلّ بتدمير هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية وهياكلها، لكن الجميع في المؤسسة واصلوا عملهم كالمعتاد… فجأة، دوّى صوت انفجار عنيف بالقرب من الاستوديو؛ ومع ذلك، لم ترفّ عين المذيعة الإيرانية، لم تتحرّك من مكانها، فقط تغيّر نبرتها، ورفعت إصبعها مشيرة إلى الكاميرا.
كتب الإعلامي شهرام شكيبا تعليقًا خاصًا حول الهجوم الصهيوني على هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، واعتبر هذه اللحظات انعكاسًا لصمود الإيرانيين في وجه التهديدات، وردًّا تجاوز صداه موجات البثّ التلفزيوني.
وجاء في هذا المقال:
“لا شأن لي بالماضي ولا بالمستقبل، لا أتحدث عن ماضي هيئة الإذاعة والتلفزيون، ولا عن مستقبلها، بل أتحدث فقط عن خمس دقائق، وأكتفي بها.
الكيان الصهيوني المحتلّ هدّد بتدمير الهيئة وهياكلها، ومع ذلك، كان الجميع يعملون.
في قناة الأخبار، كانت مذيعة تجلس أمام الكاميرا وتقدّم برنامجًا مباشرًا.
الجميع يعلم أن الهيئة مهدّدة، لكن لا أحد يخاف؛ الجميع منشغلون بعملهم، لأن البلاد في حالة حرب.
فجأة، يُسمع صوت انفجار عنيف، يقع بالقرب من الاستوديو؛ المذيعة الإيرانية لا ترفّ لها عين، لا تتحرّك من مكانها، فقط يتغيّر نبرتها، وتشير بإصبعها نحو الكاميرا، وتتّخذ نبرة ملحمية.
وكأن كلّ النساء البطلات في الأساطير قد تجسّدن فيها، وكأن كلّ النساء الحقيقيات البطلات في أرض إيران قد حللن في روحها.
في لحظة، تتحوّل المذيعة إلى مرآة لجرأة نساء إيران من البدايات حتى اليوم. تتحدّث بثبات، وتُطلق رجزًا، حتى لحظة وقوع انفجارات أخرى تعصف بالاستوديو، وتنطفئ الأضواء، ويصبح من المستحيل مواصلة البثّ.
هذه الخمس دقائق كانت مرآة لكلّ بطولات الإيرانيين عبر التاريخ. كانت هذه اللحظات، أكثر اللحظات وطنية في تاريخ الإعلام.
لسنوات، نُفخ في الأبواق بأن هيئة الإذاعة والتلفزيون منفصلة عن الشعب؛ بأنها “مِيلي” أي “حسب ما تحب” لا “ملّي” أي “وطني”. نعم، الهيئة لم تكن خالية من الأخطاء، لكن تلك الخمس دقائق، في أكثر اللحظات التاريخية حساسية، كشفت جوهر الحقيقة.
الإيراني، مهما كان انتماؤه أو معتقده أو جنسه أو قوميته، حين يُهدَّد وطنه، فإن الوطن يصبح أولويته، وتتلاشى سائر القضايا.
لعلّ العدو قد أدرك ذلك، وأصبحت الهيئة أكثر احترامًا في أعين الناس. آمل أن تتعمّق هذه العلاقة يومًا بعد يوم، وأن تُدرك الهيئة قيمة هذه الفرصة الفريدة، وتواصل هذا النهج.
أيها المواطن، لا تنسَ: في زمن الحرب، يجب أن نلجأ إلى إعلامنا، لا إلى إعلام العدو، الذي هو صوته ولسانه.
هذه الأيام ستمضي، وبعون الله وأهل البيت (ع)، سننتصر، وسينساب النسيم في راية التشيّع المرفوعة، وسنُحاسَب جميعًا على تصرّفاتنا. حتى لو لم يلحظها أحد، فإننا نُحاسَب أمام أنفسنا وضمائرنا.
وكما قال الشاعر: “المسافة بين الشقاء والسعادة، هي بمقدار بندقية؛ يتوقّف الأمر على أيّ طرف منها تقف”.
عاشقٌ لإيران والإيرانيين
سيد شهرام شكيبا