الفن في زمن المواجهة

“رضا مهدوي” يدعو إلى جهاد ثقافي يخلّد الكرامة ويلهب الوعي

خاص الوفاق: ما أجمل أن نكون نحن الفنانين وأهل الموسيقى في طليعة من يتحركون في هذه الأيام، وأن نُبدع ألحانًا.

في ظلّ العدوان السافر الذي شنّه الكيان الصهيوني على الأراضي الإيرانية، والذي كشف عن أبعاد جديدة من سياسات هذا الكيان المصطنع في إثارة الأزمات، برزت من جديد أهمية الوحدة الوطنية والتلاحم الشعبي كأقوى سند في مواجهة أطماع الأعداء. لم تكن الأسرة الفنية الإيرانية غائبة عن المشهد، بل عبّرت بصوتٍ واحد عن إدانتها لهذا العدوان، مؤكدةً من جديد دورها التاريخي في الدفاع عن الوطن والقيم الإنسانية.

 

ومنهم “رضا مهدوي” أستاذ السنطور الإيراني و المستشار في مركز الموسيقى والأناشيد التابع لهيئة الإذاعة والتلفزيون، والأمين العام لمهرجان فجر الموسيقي الذي له نشاطات فنية كثيرة، وأخيراً كان له حوارات متعددة حول العدوان الصهيوني على البلاد، وفيما يلي نقدّم قسم منها، حيث يبيّن آراء الفنان الإيراني في هذا المجال.

 

حب الوطن متجذّر في الثقافة

 

يرى رضا مهدوي، أن هذا العدوان الأخير شكّل نقطة التقاء لجميع الإيرانيين على اختلاف توجهاتهم السياسية، وأثبت أن حب الوطن متجذّر في الثقافة والمعتقدات الدينية لهذا الشعب.

 

ويؤكد أن على الفنانين أن يتجاوزوا حدود الفضاء الافتراضي، وأن يقدّموا أعمالًا فنية قيّمة تحمل رسالة الصمود وشرعية موقف الشعب الإيراني إلى العالم.

 

ويشير مهدوي إلى أن العدوان الصهيوني الأخير لم يكن سوى محاولة قديمة متجددة من الأعداء لإشعال فتيل الحرب وزعزعة استقرار المنطقة، وقد تمّ تنفيذه هذه المرة بتوجيه مباشر من الولايات المتحدة.

 

لكن النتيجة كانت هروب قادة الكيان الصهيوني واضطرابهم الداخلي، في مقابل وقوف الشعب الإيراني وقواته المسلحة – من الجيش والحرس الثوري والتعبئة- صفًا واحدًا في وجه العدوان، مؤكدًا أن هذا الخطأ الاستراتيجي سيسرّع من تفكك هذا الكيان وزواله، كما وعد قائد الثورة.

 

ويضيف أن العدوان على أرض إيران المقدسة كان مناسبة لتجاوز كل الخلافات السياسية، حيث وقف الجميع—من الشعب والفنانين والنخب، وحتى المنتقدين—صفًا واحدًا دفاعًا عن الوطن.

 

ويؤكد مهدوي على أن روح الوطنية وحبّ الوطن متأصلة في وجدان الإيرانيين، وأنهم لن يسمحوا أبدًا لأي معتدٍ بتدنيس أرضهم أو تهديد حياة نسائهم وأطفالهم.

 

ويضيف أن العدو لن ينجح في كسر هذا التماسك الوطني أو الترويج لأفكار تقسيم البلاد، لأن الشعب الإيراني أثبت عبر التاريخ أنه لا يتخلى عن أرضه، ولم يكن يومًا من دعاة الحرب.

 

للفنانين دور محوري في اللحظات المصيرية

 

وفيما يتعلّق بدور الفنانين، يرى مهدوي أن الفنّانين الإيرانيين لطالما لعبوا دورًا محوريًا في اللحظات المصيرية، واليوم أيضًا أعلنوا تضامنهم عبر الإعلام والفضاء الرقمي، لكن هذا لا يُعدّ سوى جزء بسيط من مسؤوليتهم.

 

ويقول: فالكثير منهم يعملون على إنتاج أعمال فنية تتناول المقاومة، والوطنية، وفضح جرائم العدو، وهي أعمال تتطلب وقتًا واستثمارًا جادًا.

 

ويشير إلى أن هناك أعمالًا قيّمة أُنتجت في السنوات الماضية لا تزال حيوية وفعّالة، وتُستخدم اليوم في شكل أناشيد مصوّرة.

 

ويؤكد أن الأيام المقبلة ستشهد إنتاج أعمال جديدة في مجالات الشعر، والنشيد، والموسيقى، والمسرح، والفنون البصرية، تحمل رسالة الصمود ووحدة الشعب الإيراني إلى العالم.

 

استهداف الكيان الصهيوني للمناطق السكنية

 

أما عن استهداف الكيان الصهيوني للمناطق السكنية، فيرى مهدوي أن هذا العمل الوحشي كشف مجددًا الوجه الحقيقي لهذا الكيان كقاتلٍ للأطفال وعدوٍّ للإنسانية. ويشير إلى أن القرآن الكريم وصف بني إسرائيل بأنهم قوم لم يكونوا أوفياء حتى لأنبيائهم، وكانوا دائمًا يسعون لتحريف الحقائق وتحقيق مصالح دنيوية وهيمنة على الآخرين.

 

ويضيف أن هذه الجرائم لا تقتصر على إيران، بل تمتد إلى فلسطين ولبنان وسوريا، حيث قُتل عشرات الآلاف من النساء والأطفال خلال عامٍ واحد. ويؤكد أن جرائم هذا الكيان تفوق حتى ما ارتكبه هتلر والمغول من وحشية، وأن الدول الغربية شريكة في هذه الجرائم بصمتها وتواطئها.

 

لكنّه يعبّر عن ثقته بأن الشعوب الحرة في العالم تدرك أن هذا الكيان سيُمحى عاجلًا أم آجلًا على يد المقاومة ويقظة الشعوب.

 

صمت الغرب نتيجة تبعية كاملة للصهيونية

 

وفي تحليله لصمت الغرب، يرى مهدوي أن هذا الصمت ليس حيادًا، بل نتيجة تبعية كاملة للصهيونية.

 

ويقول: يُرجع جذور هذا التواطؤ إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حين شعرت الدول الغربية، خاصة أوروبا وأمريكا، بأنها مدينة للحركة الصهيونية، فوفّرت لها الدعم المالي والعسكري والإعلامي والدبلوماسي، وأصبحت أداة لتنفيذ أجنداتها.

 

الهيمنة الإعلامية الغربية–الصهيونية

 

أما في مواجهة الهيمنة الإعلامية الغربية–الصهيونية، يرى رضا مهدوي أن من أكبر أخطاء العقود الماضية هو ضعفنا في بناء منظومة إعلامية قوية وعالمية.

 

ويقول: فكما استطاع شبابنا العلماء توطين الطاقة النووية السلمية رغم العقوبات والضغوط، كان ينبغي أن نخطو خطوات مماثلة في المجال الإعلامي.

 

ويضيف: الغرب، من خلال وسائل إعلامه الواسعة الانتشار وشبكاته النافذة، يُحرّف الحقائق ويُبدّل مواقع الظالم والمظلوم. ولمواجهة هذه الحرب النفسية والمعلوماتية، يجب أن يمتلك العالم الإسلامي مؤسسة إعلامية ضخمة بحجم قنبلة نووية إعلامية؛ مؤسسة تتمتع بالمرجعية الإخبارية وتجذب الجمهور الدولي نحوها.

 

ويؤكد مهدوي أن الهدف النهائي يجب أن يكون تحوّل إيران إلى قطب إعلامي للعالم الإسلامي، بحيث تلجأ الشعوب المسلمة والأحرار في العالم إلى إعلامنا للحصول على الأخبار الصحيحة، لا إلى وسائل الإعلام الغربية والصهيونية المضلِّلة.

 

عملية “الوعد الصادق 3”

 

أما عن عملية “الوعد الصادق 3″، فيراها مهدوي نقطة تحوّل في مسار المقاومة الإسلامية، وأثبتت أن إيران لا تكتفي بالشعارات، بل تمتلك الإرادة والقدرة على قلب معادلات العدو.

 

ويشير إلى أن الكيان الصهيوني لم يكن يتوقع أن تتلقى ضربات بهذا الحجم، وظنّ أن إيران تقوم باستعراض إعلامي فقط. لكن الواقع أثبت العكس، حيث بدأ قادة الكيان بالاستقالة واحدًا تلو الآخر، وأدركوا أن إيران لم تُظهر بعد سوى جزء من قدراتها العسكرية.

 

ويعتقد أن إيران قادرة على تدمير البنى التحتية الحيوية للكيان الصهيوني في وقت قصير باستخدام صواريخها المتطورة ذات الرؤوس الثقيلة، وأن هذا الكيان عالق اليوم في مستنقع لا مخرج منه.

 

ويؤكد على أن الجمهورية الإسلامية يجب أن تحسم هذا الملف بحزم، وألا تسمح لهذا الورم السرطاني بتهديد أمن المنطقة أكثر من ذلك.

 

فرصة تاريخية للإلهام والإبداع

 

وفيما يتعلّق بدور الفن، يرى مهدوي أن الظروف الراهنة تتيح للفنانين فرصة تاريخية للإلهام والإبداع.

 

ويقول: كما في الثورة الإسلامية والدفاع المقدس، حيث استلهم الفنانون من الأحداث وخلّدوا أعمالًا لا تزال حاضرة حتى اليوم، فإنّ المرحلة الحالية تتطلب من الفنانين في مجالات السينما، الرسم، الغرافيك، المسرح، الموسيقى، والأدب أن يوسّعوا رؤيتهم، وأن يخلقوا أعمالًا تبعث الأمل وتعكس الحقيقة، ليكونوا شركاء الشعب في طريق المقاومة والثبات.

 

ويؤكد على أن هذه الرسالة لا تعني فقط مواكبة الشعب في أوقات الأزمات، بل هي ضمان لتوثيق هذه المقاومة في الذاكرة الثقافية والتاريخية للأمم.

 

ويحثّ الفنانين على أن يبذلوا جهدًا حتى لا يندموا لاحقًا على تقصيرهم في لحظة مصيرية.

 

ويشير إلى أن بعض الفنانين قد عبّروا بالفعل عن مواقف داعمة للكرامة الوطنية، لكن المطلوب هو حضور أوسع وأكثر تأثيرًا، حتى لا يشعر أحدهم لاحقًا بالندم أو تأنيب الضمير بعد انتصار الحق على الباطل.

 

ويؤكد مهدوي على أن الفنانين، وخاصة الموسيقيين، يجب أن يبدعوا أعمالًا ملهمة ومشرقة، تُعزّز من معنويات الشعب الإيراني الجريح، وتُظهر للعالم أن فصلًا جديدًا من الوعي تجاه الصهيونية قد بدأ.

 

شبكة تعاون بين الفنانين في الدول الإسلامية

 

ويدعو مهدوي إلى تشكيل شبكة تعاون بين الفنانين في الدول الإسلامية، لإيصال رسالة موحدة من العالم الإسلامي إلى العالم، وذلك من خلال سياسات ذكية، ميزانيات كافية، وإتاحة المجال للشباب المبدعين والملتزمين.

 

ويؤكد مهدوي على أن الفن والإعلام والثقافة يجب أن يكونوا أذرعًا قوية للدبلوماسية العامة الإيرانية، وأن يُسهموا في توعية العالم بحقيقة ما يجري في هذه الأرض.

 

نهاية الكيان الصهيوني

 

ويشير مهدوي إلى ما قاله قائد الثورة الإسلامية حول أن عمر الكيان الصهيوني المشؤوم في الأراضي المحتلة لن يتجاوز 25 عامًا، وقد مضت سنوات على هذا التصريح، لكن يبدو أن نتنياهو الأحمق وقاتل الأطفال يسعى بنفسه إلى إنهاء وجود كيانه الإرهابي في الأيام القليلة القادمة.

 

ويضيف: إن الجرائم التي ارتكبها نتنياهو في غزة ولبنان وسوريا خلال العامين الماضيين، والتي جاءت نتيجة دعم دونالد ترامب، كانت تهدف إلى الوصول إلى إيران وباكستان، حسب زعمه. لكن، هذا وهم باطل، فقد أدرك العالم بعد سبعين عامًا أن هذا الكيان الخبيث والمصطنع لا يساوي شيئًا دون دعم أمريكا المستكبرة.

 

ويؤكد أن الشعب الإيراني الشريف والمظلوم، الذي صمد خلال ثماني سنوات من الدفاع المقدس ضد صدام التكريتي، أثبت مدى التزامه بعزة إيران والإسلام الحقيقي للنبي الخاتم (ص)، وأنه يضحّي بنفسه لكنه لا يفرّط في الوطن.

 

 

الروح القوية، المتضامنة، والشجاعة للشعب الإيراني

 

ويشير مهدوي إلى أن الروح القوية، المتضامنة، والشجاعة لشعبه في هذه الهضبة الجميلة، قد تجلّت بوضوح منذ ليلة العدوان الجبان للصهيونية، وأثبتت للعالم أن الرجال والنساء الإيرانيين يتمتعون بغيرة لا توصف، ولا يبالون بنواقص ناجمة عن 46 عامًا من الحصار، بل يفكرون بإبداع وفخر في عزة إيران.

 

الفنانون في طليعة الجهاد الثقافي

 

ويؤكد رضا مهدوي على أن الفنانين يجب أن يكونوا في طليعة الجهاد الثقافي، ويقول: اليوم هو يوم الميدان، لا يوم انتظار النتائج.

 

الروح الوطنية وحبّ الوطن لدى الشعب الإيراني

 

ويُضيف مهدوي أن الروح القوية، المتضامنة، والشجاعة لشعبه في هذه الهضبة الجميلة، قد تجلّت بوضوح منذ ليلة العدوان الجبان للصهيونية، وأثبتت للعالم أن الرجال والنساء الإيرانيين يتمتعون بغيرة لا توصف، ولا يبالون بنواقص ناجمة عن 46 عامًا من الحصار، بل يفكرون بإبداع وفخر في عزة إيران.

 

ويؤكد أن الشعب الإيراني، برجاله ونسائه، أظهر في الأيام الأخيرة روحًا وطنيةً لا تُضاهى، حيث تجاوز الخلافات السياسية وتوحّد في وجه العدوان، ما جعل ردود أفعاله نموذجًا يُحتذى عالميًا.

 

الفن سلاح ثقافي

 

ويعتقد مهدوي أن الفنّ يجب أن يتحوّل إلى سلاحٍ ثقافيٍّ في وجه الحرب النفسية والإعلامية التي يشنّها العدو، تمامًا كما تحوّلت التكنولوجيا النووية السلمية إلى رمزٍ للسيادة العلمية.

 

ويقترح إنشاء مؤسسة إعلامية كبرى بحجم “قنبلة نووية إعلامية”، تكون مرجعيةً للأحرار في العالم، وتُعيد صياغة الرواية من منطلق الحقّ لا الهيمنة.

 

أليس الصبح بقريب؟

 

كما يشير مهدوي إلى أن بعض العملاء المأجورين قد حاولوا تعكير صفو الشعب، لكن الإجراءات الأمنية الحكيمة للقوات الخاصة المخلصة أحبطت تلك المحاولات، ومنحت الشعب معنويات مضاعفة.

 

ويختم مهدوي حديثه بالقول: “ما أجمل أن نكون نحن الفنانين وأهل الموسيقى في طليعة من يتحركون في هذه الأيام، وأن نُبدع ألحانًا بأي شكل كان، كي نُسهم في تعزيز الأمل والحمية الوطنية والدينية، حتى لا نُصاب بالخجل أمام الله والشعب بعد انتصار الحق على الباطل. أليس الصبح بقريب؟

 

المصدر: الوفاق- خاص