إدانات دولية واسعة ضد العدوان الصهيوني

تضامن عالمي مع إيران.. ومظاهرات شعبية تكسر حاجز الصمت

لم تتوقف ردة الفعل على العدو الصهيوني على إيران عند حدود الدبلوماسية بل اجتاحت العواصم والمدن الكبرى حول العالم موجة احتجاجات تضامنية مع إيران

 

شن العدو الصهيوني عدوانًا عسكريًا مفاجئًا على الجمهورية الاسلامية الإيرانية في 13 يونيو/ حزيران 2025، استهدف منشآت مدنية وعسكرية، وأدى لارتقاء عدد من الشهداء بينهم علماء وخبراء بارزون. جاءت هذه العملية الوحشية في سياق تصعيد ميداني وإعلامي متراكم، ينذر بمزيد من التوترات في المنطقة، وقد رأت معظم دول العالم في هذا العدوان عملًا عدائيًا وانتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي.
جاء الرد العالمي سريعًا وقويًا، اتحدت الدول والمنظمات وحركات المقاومة وشخصيات عامة من مختلف القارات لإدانة الهجوم والتعبير عن تضامنها الصريح مع إيران، في مشهد نادر يعكس حجم القلق الدولي من مغامرات الاحتلال الصهيوني. لم يكشف العدوان الصهيوني على إيران فقط عن حجم التهديد الذي يُمثله كيان العدو  للأمن الإقليمي، بل عرّى كذلك ازدواجية المعايير في تعاطي بعض القوى الكبرى مع القانون الدولي. في المقابل، برز مشهد عالمي لافت من التضامن من آسيا إلى أميركا اللاتينية يؤكد أن مشروع الهيمنة العسكري يواجه اليوم وعيًا دوليًا متناميًا ورفضاً متزايداً.
المواقف الإسلامية والدولية ؛ احتجاجات دبلوماسية حادة
ردود الأفعال الرسمية من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية عكست إجماعًا نادرًا في انتقاد العدوان واعتباره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ومبدأ السيادة. منظمة التعاون الإسلامي كانت في طليعة الهيئات التي دانت الهجوم، مطالبة بردٍ دولي حازم. وفي آسيا، عبّرت قوى وازنة مثل روسيا والصين عن قلقٍ عميق، وحذّرتا من تداعيات التمادي الصهيوني على الاستقرار الإقليمي والعالمي. أمّا في أميركا اللاتينية، فقد تميّزت المواقف بحدّتها ووضوحها، إذ استخدمت دول مثل فنزويلا وبوليفيا ونيكاراغوا لهجة شديدة في وصف العدوان، مؤكدةً دعمها الثابت لإيران ومطالبة بتحرّك أممي عاجل.
روسيا: أعلنت موسكو دعمها الكامل لسيادة إيران وحقها في الرد، ووصفت العدوان بأنه «تهديد مباشر للاستقرار الإقليمي»، ودعت مجلس الأمن إلى الانعقاد الفوري.
الصين: عبّرت عن «قلق بالغ» تجاه العدوان، ودعت إلى ضبط النفس وحلّ النزاعات بالوسائل السلمية، مشددة على ضرورة احترام سيادة الدول في كافة الظروف.
منظمة التعاون الإسلامي: أصدرت بيانًا رسميًا دانت فيه الهجوم بشدة، واعتبرته انتهاكًا فاضحًا لسيادة دولة عضو وانتهاكًا لميثاق الأمم المتحدة، داعيةً إلى موقف دولي حازم ضد السياسات الصهيونية العدوانية.
باكستان وإندونيسيا :عبّرت باكستان عن دعمها لحق إيران في الدفاع عن نفسها، معتبرةً العدوان «عملًا غير مبرر»، بينما حذّرت إندونيسيا من أن استمرار التصعيد سيهدد أمن المنطقة بأسرها، ودعت إلى التهدئة والحوار، أمّا ماليزيا فقد أيدت حق إيران في الدفاع عن نفسها.
أمّا تركيا فأدانت العدوان واعتبرته استفزازًا خطيرًا.
أميركا اللاتينية .. محور التضامن الجنوبي
شهدت أميركا اللاتينية مواقف حازمة في إدانة العدوان الصهيوني على إيران، انسجامًا مع مواقفها التاريخية الداعمة للقضايا العادلة في الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وقد جاءت ردود الفعل من عدة دول على النحو التالي:
فنزويلا: أدانت الحكومة الفنزويلية العدوان بشدة، ووصفت الهجوم بأنه «عمل إرهابي سافر يهدد الأمن الإقليمي والدولي». الرئيس «نيكولاس مادورو» أكد في خطاب متلفز أن «إيران ليست وحدها، وفنزويلا تقف معها في خندق واحد ضد العدوان والإمبريالية».
بوليفيا: أعلنت وزارة الخارجية البوليفية أن «العدوان الصهيوني على إيران يُمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي»، ودعت إلى تحرك أممي عاجل لوقف التصعيد. كما عبّر الرئيس البوليفي «لويس آرسي» عن تضامنه الكامل مع الشعب الإيراني.
نيكاراغوا: أصدرت الحكومة في نيكاراغوا بيانًا رسميًا أدانت فيه العدوان، واعتبرته «امتدادًا لسياسات الاحتلال والهيمنة»، مؤكدة ًدعمها لحق إيران في الدفاع عن سيادتها.
كوبا: أعربت كوبا عن إدانتها الشديدة للهجوم، ووصفت العدو الصهيوني بأنه «قوة احتلال خارج عن القانون»، كما دعت إلى محاسبة المسؤولين عن العدوان أمام المحاكم الدولية.
البرازيل: عبرت عن قلقها، فيما أبدى سياسيون يساريون دعمًا واضحًا لطهران.
تشيلي وكولومبيا: استدعتا سفيريهما في تل أبيب للتشاور، في خطوة رمزية تعبّر عن رفضهما للسياسات العدوانية الصهيونية، بما في ذلك العدوان الأخير على إيران. وكذلك كان للعديد من الشخصيات الأميركية اللاتينية مواقف بارزة حول العدوان الصهيوني على إيران، فدعا إيفو موراليس «الرئيس البوليفي السابق» إلى طرد السفراء الصهاينة من أميركا اللاتينية، واصفًا العدو الصهيوني بـ«الكيان الخارج عن القانون». وطالب رافاييل كوريا «الرئيس الإكوادوري السابق» بمحاكمة الاحتلال دوليًا، وعبّر عن خيبة أمله من موقف بعض الدول الغربية.
الزخم الشعبي.. شوارع العالم تنبض بالتضامن
لم تتوقف ردة الفعل عند حدود الدبلوماسية، بل اجتاحت العواصم والمدن الكبرى حول العالم موجة احتجاجات تضامنية مع إيران. خرجت حشود شعبية ترفع لافتات وشعارات تُندد بالعدوان، وتطالب بوقف الاعتداءات الصهيونية، وتعكس وعيًا شعبيًا آخذًا في التوسّع حول قضايا العدالة الدولية والمساءلة.
اللافت أن هذه التحرّكات جاءت في دولٍ متباينة من حيث الجغرافيا والثقافة السياسية، مما يدل على أن التضامن مع الشعوب المتضررة من العدوان الصهيوني لم يعد حكرًا على منطقة معينة، بل أصبح صوتًا عالميًا موحّد النبرة.
فقد خرجت مظاهرات في أكثر من 70 مدينة عالمية، من جاكرتا إلى كراكاس، مرورًا بلندن وباريس، تندد بالعدوان وتدعو لمحاكمة قادة الاحتلال. كما نُظمت مظاهرات حاشدة في الولايات المتحدة عقب الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت إيران، حيث تجمع المتظاهرون في ساحة التايمز سكوير في مدينة نيويورك حاملين الأعلام واللافتات، كما دعوا أيضًا لوقف الصراع. وقد رفعت شعارات في هذه المظاهرات الداعمة لإيران في كافة أنحاء العالم، تطالب بوقف الانتهاكات الصهيونية، مثل: إيران ليست وحدها، العدوان على طهران عدوان علينا، أوقفوا الحروب غير القانونية. كما أصدرت منظمات حقوقية مثل «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولية» بيانات طالبت فيها بتحقيق دولي مستقل، وتركيز خاص على استهداف المدنيين والمنشآت غير العسكرية.
تكشف هذه الإدانات والتعاطف مع إيران الذي طال مختلف البلدان وخاصةً في أميركا اللاتينية حجم العزلة الدولية التي يواجهها العدو الصهيوني نتيجة سلوكه العدواني، ويشير إلى عودة قطبية أخلاقية تقودها شعوب ودول ترفض الحروب والهيمنة العسكرية. أما إيران، فقد أكدت عبر الردود الإقليمية والدولية المتعاطفة، أنها ليست وحدها، وأن العدوان عزز روابطها الاستراتيجية مع قوى المقاومة والدول المستقلة عن المحور الأميركي. وهكذا لم يحقق العدوان الصهيوني أهدافه، بل كشف هشاشة أسطورة «الردع المطلق»، وأثبت أن زمن الحروب الصامتة قد انتهى، وأن الشعوب أصبحت شريكة في رسم المعادلات الجيوسياسية.
نقطة تحوّل في الوعي الدولي
يُشكل هذا الهجوم العدواني من قبل الكيان الغاصب محطة مفصلية في تموضع العدو الصهيوني على الخريطة السياسية الدولية. فبينما كان يعتمد سابقًا على الغطاء الدبلوماسي من بعض القوى الكبرى، يواجه اليوم اتساع دائرة الرفض الشعبي والرسمي لسياساته العسكرية. وفي المقابل، أظهرت إيران قدرتها على تحشيد دعم دولي، ليس بالضرورة انطلاقًا من تحالفات سياسية، بل من التقاء إنساني وأخلاقي مع مبدأ رفض العدوان.
المصدر: الوفاق