في 10 آب/أغسطس 2021، هبط ليونيل ميسي في باريس لينضم إلى باريس سان جيرمان، في حدث أثار ضجة إعلامية غير مسبوقة. تجمعت حشود الصحفيين والمشجعين في مطار لو بورجيه وملعب بارك دي برانس لاستقبال الأسطورة الأرجنتينية، التي وُصفت بأنها القطعة الناقصة لتحقيق حلم النادي بالتتويج بدوري أبطال أوروبا.
وفقًا للموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، سيظل هذا اليوم محفورًا في ذاكرة الفرنسيين، حيث أشعل وصول ميسي حماسًا استثنائيًا في عالم الكرة الفرنسية. عند وصوله، قال ميسي: “أشكر الباريسيين على استقبالهم الحار، لقد كان الأمر مذهلاً”.
توقعات كبيرة وطموحات أوروبية
كان انتقال ميسي من برشلونة، حيث صيغت أسطورته، إلى باريس سان جيرمان يحمل آمالاً عظيمة. اعتقد الكثيرون أن النجم الأرجنتيني سيمنح الفريق الباريسي المفتاح لتجاوز عقبة دوري أبطال أوروبا، التي فشل فيها النادي مرارًا.
أشاد نيكو كوفاتش، مدرب موناكو آنذاك، بميسي قائلاً: “إنه أفضل لاعب في العالم، وسيكون وصوله إضافة كبيرة للدوري الفرنسي، لكنه تحدٍ لمنافسي باريس”.
لكن، رغم التوقعات العالية، لم يتمكن ميسي من قيادة الفريق لتجاوز دور الـ16 في البطولة الأوروبية.
لحظات ساحرة في الملعب
على الرغم من الإخفاق الأوروبي، قدم ميسي لجماهير باريس لحظات ساحرة لا تُنسى. تألق بمهاراته الفذة، مراوغاته الرائعة، ولمساته الإبداعية، وسجل 32 هدفًا وصنع 34 تمريرة حاسمة في 75 مباراة.
من أبرز لحظاته هدفٌ مذهل بمقصية في مرمى كليرمون فوت ضمن فوز بخماسية نظيفة، حيث نال تصفيقًا حارًا من جماهير الفريق المنافس.
كما شكّل ميسي ثلاثيًا هجوميًا مميزًا مع نيمار وكيليان مبابي، حيث تحول إلى صانع ألعاب بارع، ساهم في استعادة لقب الدوري الفرنسي في موسم 2021/2022 بعد خسارته أمام ليل في العام السابق.
الدوري الفرنسي: منصة للتألق العالمي
يُعد الدوري الفرنسي من أكثر الدوريات تطورًا فنيًا، وقد شهد ظهور نجوم مثل ريموند كوبا، ميشيل بلاتيني، رونالدينيو، وزين الدين زيدان.
لكن قلة من النجوم العالميين في قمة تألقهم لعبوا فيه، إذ لم يمر أساطير مثل دييجو مارادونا أو يوهان كرويف أو كريستيانو رونالدو بفرنسا.
لذا، كان وصول ميسي، الذي كان لا يزال في أوج عطائه، حدثًا تاريخيًا أثار موجة من الإثارة نادرًا ما شهدها الدوري الفرنسي.
تحضير مثالي لكأس العالم 2022
كان اختيار ميسي اللعب في الدوري الفرنسي قبل كأس العالم 2022 قرارًا استراتيجيًا. وفرت له البيئة التنافسية في باريس الظروف المثالية للحفاظ على لياقته البدنية وتركيزه، مما مهد الطريق لقيادته الأرجنتين للفوز باللقب العالمي في قطر.
ومع ذلك، جاء فوزه على فرنسا في النهائي بنتيجة 4-2 بركلات الترجيح بعد تعادل 3-3، ليثير مشاعر متباينة في باريس. وقال ميسي: “كان من الصعب الاحتفال باللقب في باريس، لأننا تغلبنا على فرنسا، موطن النادي”.
إرث ميسي في باريس
على الرغم من خيبة الأمل الأوروبية، يفخر الفرنسيون باستضافة ميسي لمدة عامين.
وبعد فوز باريس سان جيرمان بدوري أبطال أوروبا في 31 أيار/مايو 2025، شعر الكثيرون أن ميسي، إلى جانب نجوم آخرين، ساهم في تمهيد الطريق لهذا الإنجاز التاريخي.
غدًا، سيواجه باريس سان جيرمان فريق إنتر ميامي بقيادة ميسي في دور الـ16 من كأس العالم للأندية على ملعب مرسيدس بنز في أتلانتا.
ومع عودة الأسطورة إلى ناديه السابق، من المتوقع أن يستقبله الجمهور بحفاوة، كما عبرت الصحافة الفرنسية: “فرنسا لم تنسَ ليونيل ميسي، ولن تنساه أبدًا”.