في ذكرى تحرير مدينة مهران

ملحمة وطنية صنعتها الإرادة والصمود

تحرير مهران عزز من الموقف السياسي لإيران في المحافل الدولية، وأثبت أن الشعب الإيراني قادر على الدفاع عن أرضه وسيادته مهما كانت التحديات.

تحلّ علينا ذكرى تحرير مدينة مهران، واحدة من أعظم المحطات في تاريخ الدفاع المقدّس للجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث سجّلت القوات الإيرانية صفحةً ناصعة من البطولة، وتجلّى فيها الصبر الوطني والتماسك الشعبي في مواجهة العدوان والاحتلال.

 

مهران؛ مدينة في قلب المعركة

 

تقع مدينة مهران في محافظة إيلام، بمحاذاة الحدود الغربية لإيران. وقد كانت هذه المدينة هدفاً استراتيجياً مهماً خلال الحرب المفروضة بسبب موقعها الجغرافي الحيوي. وفي عام 1986، وبعد أن سيطرت القوات الصدامية على المدينة، تحوّلت مهران إلى رمز للمواجهة والتحدي بالنسبة للشعب الإيراني.

 

عملية كربلاء 1.. بداية النصر

 

في الأول من يوليو عام 1986، أطلقت القوات الإيرانية عملية «كربلاء 1» لتحرير مدينة مهران، وذلك بعد تخطيط دقيق واستعداد ميداني طويل. وبتعاون كبير بين القوات البرية وحرس الثورة الإسلامية والتعبئة الشعبية، تمكّنت القوات الإيرانية خلال أيام من تحرير المدينة بالكامل وإعادة السيادة الوطنية إليها.

 

وقد اعتُبرت هذه العملية واحدة من أنجح المعارك خلال الحرب، حيث أظهرت قدرة إيران على استعادة زمام المبادرة وتحقيق نصر ميداني كبير، رغم الظروف الصعبة والعوائق الجغرافية.

 

البعد الرمزي لتحرير مهران

 

لم يكن تحرير مهران حدثاً عسكرياً فحسب، بل حمل أبعاداً رمزية كبيرة. فقد تحوّلت المدينة إلى عنوان للعزة الوطنية، وردّ حاسم على محاولات تقويض الإرادة الإيرانية. وقد اعتبر الإمام الخميني (قدس) هذا التحرير «نصراً من الله»، مؤكداً أن الصمود والعقيدة هي السبيل الحقيقي للغلبة على الأعداء.

 

كما أن تحرير مهران عزز من الموقف السياسي لإيران في المحافل الدولية، وأثبت أن الشعب الإيراني قادر على الدفاع عن أرضه وسيادته مهما كانت التحديات.

 

من جبهات الحرب إلى جسور التواصل

 

بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على التحرير، باتت مهران مدينة السلام، وبوابة للتواصل بين إيران والعراق، خاصة خلال مواسم زيارة العتبات المقدّسة. وقد شهدت السنوات الأخيرة جهوداً تنموية كبيرة لإعادة إعمار المدينة وتعزيز بنيتها التحتية، مما جعل منها نقطة تلاقي حضاري وثقافي بين الشعوب.

 

في هذه الذكرى الخالدة، نستحضر تضحيات الشهداء والمضحين الذين خطّوا بدمائهم درب الانتصار. وتبقى مهران عنواناً للإرادة الفولاذية لشعبٍ لم يستكن، وجيشٍ لم ينكسر، وأمّةٍ حملت راية الكرامة وصمدت في وجه كل الطغيان.

 

المصدر: الوفاق