جندي “إسرائيلي” ينتحر إثر معاناته النفسية من نقل جثث زملائه خلال حرب غزة

كشف موقع "والا" العبري، يوم الأحد، عن انتحار الجندي في جيش الاحتلال "الإسرائيلي" "دانيئل إدري" بعد أن أقدم على إحراق نفسه داخل سيارة في منطقة أحراش قرب مدينة صفد، شمال فلسطين المحتلةوذلك نتيجة معاناة نفسية طويلة عاشها عقب مشاركته في الحرب على قطاع غزة وجنوب لبنان.

ووفق رواية والدته للموقع، فإن إدري كان يعاني من صدمات نفسية حادة منذ عودته من ساحات القتال وقال لها ذات مرة: “أمي، أنا أشم رائحة الجثث وأراها طوال الوقت”، في إشارة إلى تأثير نقله لجثامين جنود الاحتلال خلال الحرب، وهو ما تكرر عدة مرات.

 

وأضافت والدته أن حالته النفسية تدهورت بشكل متسارع في الأسابيع الأخيرة، وأنه حاول الحصول على دعم نفسي، لكنه كان يتعرض لنوبات غضب شديدة خلال بعض الأيام، وصلت إلى حد تحطيم أثاث شقته بالكامل. وتسلط هذه الحادثة الضوء مجددًا على الأزمة النفسية العميقة التي يعاني منها عدد من الجنود الإسرائيليين العائدين من ميادين الحرب، في ظل تقارير متزايدة عن ارتفاع نسب الاكتئاب، ومحاولات الانتحار، وفشل العلاج النفسي داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

 

كشف تقرير للجيش الإسرائيلي عن ارتفاع معدلات الانتحار بين الجنود خلال عام 2024، إلى 21 حالة، ارتفاعاً من 17 حالة في 2023. ووفق البيانات الجديدة الصادرة عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الخميس، فإن هذه الأرقام تمثل أعلى معدل منذ عام 2011. وأشار التقرير إلى أن 12 من هؤلاء المنتحرين كانوا جنود احتياط، ما يعكس زيادة الضغوط بسبب تكثيف الخدمة العسكرية. ورصد التقرير تطور معدلات الانتحار بين صفوف الجنود الإسرائيليين خلال السنوات العشر الماضية، إذ أظهرت الإحصائيات التفصيلية تفاوتاً بين عام وآخر.

 

وفي حين كانت أقل الأرقام المسجلة 9 حالات في أعوام 2018 و2020، شهد عام 2024 قفزة ملحوظة بـ21 حالة، مما يعكس تزايد الضغوطات النفسية التي تعرض لها الجنود.

 

وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية قد كشفت في نوفمبر الماضي أن 6 جنود إسرائيليين على الأقل انتحروا خلال الأشهر الأخيرة، في تقرير أعدته عن “الوضع النفسي الهش للجنود الذين يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة بسبب الحرب في غزة ولبنان”.

 

وذكرت الصحيفة في تقريرها أن الجنود المنتحرين هم من الذين شاركوا لمدة طويلة في حربي غزة ولبنان، مشيرة إلى أن الرقم لا يعكس حقيقة ما يقع بشكل تفصيلي، بسبب رفض الجيش الإسرائيلي نشر العدد الكامل للجنود المنتحرين أو الذين حاولوا الانتحار. وأوضح التقرير أن الانتحار يُعد ثاني أكثر أسباب الوفاة بين الجنود بعد النشاط العملياتي. ففي عامي 2023 و2024، تسبب النشاط العملياتي في سقوط 807 جنود، بواقع 512 في عام 2023 و295 في عام 2024. كما شهدت “العمليات العدائية” ارتفاعاً في عدد القتلى، إذ سجلت 11 حالة وفاة في عام 2024 مقارنة بـ4 حالات فقط في عام 2023.

 

وسجل التقرير 558 حالة وفاة بين الجنود في عام 2023، بينما انخفض العدد إلى 363 حالة في عام 2024. وتنوعت أسباب الوفيات بين النشاط العملياتي وحوادث الطرق المدنية والعسكرية وحالات الانتحار المشتبه بها، والأمراض، و”العمليات العدائية”.

 

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن سلسلة من الإجراءات لدعم الصحة النفسية للجنود، وتشمل هذه الإجراءات افتتاح خط دعم نفسي يعمل على مدار الساعة، وزيادة عدد ضباط الصحة النفسية وتوسيع خدماتهم، وإنشاء عيادة متخصصة للعلاج النفسي لجنود الخدمة النظامية، وتعزيز برامج بناء الصلابة النفسية أثناء النشاط العملياتي.

 

ونقلت تقارير صحافية عن مكتب إعادة الإدماج التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية أن حوالي 5200 جندي إسرائيلي أو 43% من الجرحى الذين يتم استقبالهم في مراكز إعادة التأهيل، يعانون الإجهاد اللاحق للصدمة، مع توقع أن يتم علاج حوالي 100 ألف شخص، نصفهم على الأقل يعاني اضطراب ما بعد الصدمة بحلول عام 2030، كما أن حوالي 15% من المقاتلين النظاميين الذين غادروا غزة وتم علاجهم عقلياً لم يتمكنوا من العودة إلى القتال بسبب الصعوبات التي يواجهونها.

 

وبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ نظام تحقيق شامل في كل حالة انتحار مشتبه بها، مع مراجعة دقيقة للظروف التي أدت إليها. كما تم إطلاق تدريبات خاصة للقادة تهدف إلى مساعدتهم في التعرف على علامات الضيق النفسي لدى الجنود، والعمل على تحسين بيئة الخدمة العسكرية لتقليل الضغوط النفسية.

 

المصدر: ارنا