عبير شمص
شهدت السنوات الأخيرة تحولًا ملحوظًا في الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية، حيث باتت المجتمعات الغربية أكثر وعيًا بالانتهاكات المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، خاصةً في ظل العدوان المتواصل على غزة. هذا التحول لم يقتصر على الأفراد، بل امتدّ ليشمل مؤسسات إعلامية ومنظمات حقوقية، مما أدى إلى تصدع في الخطاب السياسي التقليدي الذي كان يُبرر دعم الاحتلال الصهيوني. حول هذا الموضوع حاورت صحيفة الوفاق الخبيرة في علم الاجتماع السياسي الدكتورة ليلى صالح، فيما يلي نصّه:
فبعد الدعم المباشر لدول مثل فرنسا وبريطانيا وحتى ألمانيا والتغاضي عن الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني، بدأت ترفع انتقادات للانتهاكات الصهيونية، لاسيّما سياسات الحصار والتجويع الممنهجة ضدّ المدنيين الفلسطينيين ما يؤشر إلى تحول ملحوظ في مواقف عدد من الدول الأوروبية الرئيسة تجاه حرب الإبادة التي يشنّها الكيان المؤقت على قطاع غزة المستمر لأكثر من عام ونصف.
أمّا اليوم، ونحن أمام شواهد مباشرة مهولة لم يشهد لها تاريخ الإنسانية نظير بأن تتحالف كبريات الدول على عدوان بعناصر قوة خشنة اقتصادية، تقنية، عسكرية، وناعمة ترهيب وتجويع، وتشريد وتهجير بالقضاء على كل البُنى التحتية الحياتية في جرائم منظمة غير قابلة للدحض والتكذيب بفبركة اعتاد الإعلام التقليدي الغربي على صناعتها، على شعب يقاوم الاحتلال، لابدّ أن يعكس تراجعاً في قدرة الأنظمة على صناعة الوعي الجمعي لجمهورها. وتضيف الدكتورة صالح: إن المؤسسات الإعلامية الكبرى التي لطالما شكّلت أداة للهيمنة الناعمة، تواجه اليوم أزمة ثقة غير مسبوقة، شبكات مثل CNN وBBC باتت تُتَّهم بالتضليل أو الإنحياز الفج، فيما تصعد منصات بديلة يقودها نشطاء وصحافيون مستقلون تكشف وقائع المجازر في غزة بلا رقابة أو تحريف، ما أنتج تناقضاً بين الخطاب الرسمي والضمير الشعبي. وتلفت الدكتورة صالح إلى أن هذا التناقض دفع بعض الدول الأوروبية باتخاذ خطوات دبلوماسية وقانونية تُشير إلى بوادر تراجع في نمط الدعم التقليدي الذي حظي به الكيان المؤقت منذ اندلاع الحرب على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وكما أشرنا سابقاً أعلنت سبع دول أوروبية، في 16 أيار/ مايو 2025، بيانًا مشتركًا دعت فيه إلى إنهاء فوري للحصار المفروض على غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بلا قيود، وسط دعوات متزايدة لربط العلاقات مع الكيان المؤقت بمدى التزامها بالقانون الدولي واحترام حقوق الشعب الفلسطيني.