تتجدّد الضغوط الأميركية على المحكمة الجنائية الدولية، وهي المحكمة الدائمة الوحيدة لجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية في العالم، وذلك بعدما بلغت ذروتها مع إصدار الدائرة التمهيدية التابعة للمحكمة مذكرات توقيف بحق رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، في تشرين الثاني 2024، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأسفرَ هذا التصعيد المتجدّد في حملة الضغوط، التي تقودها إدارة دونالد ترامب، عن استقالة المحقّق البريطاني أندرو كايلي، المشرف على ملفّات جرائم الحرب في مكتب الادّعاء، من منصبه، بعدما طالته تهديدات وصلت إلى حدّ التهديد الشخصي والجسدي.
وتأتي استقالة كايلي بعد شهر ونصف الشهر فقط من تنحّي المدعي العام الدولي، البريطاني كريم خان، من منصبه، عقب توجيه اتهامات له بالتحرّش الجنسي بإحدى المحاميات في مكتبه. ويخضع خان حالياً إلى تحقيق داخلي في شأن هذه الاتهامات التي بدأت تنتشر بعد أيام قليلة من اكتمال تكوين الملف القضائي الذي وثّق بالأدلة الأولية ارتكاب العدو الصهيوني جريمة التجويع في قطاع غزة، والتي تُصنّف كجريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب بموجب القانون الجنائي الدولي.
وكشف كايلي، الذي عُيّن في آذار/ مارس 2024 لقيادة التحقيق الذي تجريه الجنائية الدولية في جرائم الحرب المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، في تصريحات إلى صحيفة «أوبزيرفر» البريطانية، أنه عاش معاناة شخصية من جرّاء التهديدات التي تعرّض لها، قائلاً: «كانت تلك أسوأ أشهر في حياتي». وشرح أنّ القضية القانونية «لن تكون سهلة»، خصوصاً أنّ كيان العدو غير موقّع على نظام المحكمة ولا يقبل اختصاصها القضائي، وسياسيّوه يُظهرون عداءً صريحاً تجاهها، في حين أنّ فلسطين عضو موقّع على «إعلان روما»، وبالتالي فإنّ المحكمة تتمتّع باختصاص قضائي على الجرائم التي تُرتكب في غزة، باعتبارها جزءاً من دولة فلسطين وفق القانون الدولي.