يصادف اليوم الأحد ذكرى ميلاد عالم، في قلب القرن العاشر الهجري، وُلد محمد بن حسين بن عبد الصمد الحارثي الجبعي العاملي، المعروف بـ «الشيخ البهائي»، ليكون أحد أبرز أعلام الفكر الإسلامي، جامعاً بين الفقه والفلسفة، والفلك والرياضيات، والأدب والهندسة.
من أشهر أعماله الأدبية كتاب «الكشكول»، الذي يُعدّ موسوعة فكرية وأدبية، جمع فيه الشيخ البهائي قصائد عربية وفارسية، حكايات، أمثال، ألغاز، تأملات فلسفية، وملاحظات فلكية ورياضية. لم يكن الكشكول مجرد تجميع، بل كان مرآةً لروحه المتأملة، حيث مزج فيه بين الزهد والتصوف، والنقد الاجتماعي، والوجد الشعري.
في الكشكول، نقرأ للشيخ البهائي قوله: «يا ريحُ، أقصِّ قصة الشوق إليك، إن ذهبت إلى طوس، فبالله عليك، قبّلي عني ضريح مولاي، وقولي: قد مات بهاؤك من الشوق إليك».
البلاغة والألغاز.. فن التعبير الغامض
امتاز الشيخ البهائي بأسلوب الإيجاز والتلميح، وكان بارعاً في فن الألغاز والتعمية، وترك وراءه ألغازاً لغوية شهيرة في العربية، تُظهر قدرته على اللعب بالكلمات والمعاني. كما ألّف كتاب «أسرار البلاغة»، الذي يُعدّ من أرقى ما كُتب في تحليل جماليات اللغة، واستنباط أسرار التعبير القرآني والشعري.
أشعار عربية وفارسية
نظم الشيخ البهائي شعراً باللغتين العربية والفارسية، وتنوّعت أغراضه بين: المديح النبوي، الوجد الصوفي، النصح والوعظ، مدح الإمام المهدي (عج)، قصائد غديرية، الغزليات، والمثنويات الفارسية مثل: الخبز والحلوى، الحليب والسكر، الخبز والجبنة وقد امتاز شعره بـالوحدة الشعورية، واللغة السهلة، والبناء الفني المتماسك، وكان يُراعي الوزن، الموسيقى الداخلية، والتقنيات البلاغية.كما له مؤلفات ادبية كثيرة، مثل الكشكول، أسرار البلاغة وغيرها.
قضى الشيخ البهائي أكثر من ثلاثين عاماً في السفر، زار خلالها مكة، المدينة، بغداد، النجف، مصر، الشام، القدس، سيلان، تبريز، مشهد، وكان يُعقد المجالس العلمية، ويُحاجج علماء المذاهب الأخرى، ويُدوّن تأملاته في رحلاته، مما أضفى على كتاباته طابعاً عالمياً وإنسانياً.