ورأت أن “انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس كان، إذًا، خطوة مخططة مسبقًا تهدف إلى مضاعفة الأذى الذي يلحق بسكان غزة، من خلال مزيج من القتل الجماعي، وتدمير البنى التحتية الحيوية، والتهجير القسري، إلى جانب منع دخول المساعدات الإنسانية، وتحييد منظمات الإغاثة وخدمات الطوارئ القائمة. كل عنصر من عناصر هذا المخطط يُعدّ جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، والجمع بينها لا يمكن اعتباره إلا من أبشع الجرائم ضد الإنسانية، سواء من حيث النية الكامنة وراءه أو النتائج المترتبة عليه”، وأردفت “بما أن هذه الجريمة المروعة ما زالت تُرتكب حتى لحظة كتابة هذه السطور، وحتى وقفها عبر اتفاق تهدئة لا يضمن عدم تكرارها في المستقبل، وبما أن توقفها لا يعني العفو عنها، فمن الضروري محاولة فهم ما الذي يتيح استمرارها”.
بحسب روزِنفيلد، نظريًا، تمتلك مؤسسات الأمم المتحدة وهيئاتها التابعة الأدوات والآليات الكفيلة بمنع ارتكاب مثل هذه الجريمة، أو على الأقل وقفها وهي في مهدها، لا سيما أن كل عنصر من عناصرها يُعدّ خرقًا جسيمًا للقانون الدولي وللمواثيق التي وقّعت عليها “إسرائيل” ويُفترض بها الالتزام بها. ومن يتابع عن كثب يدرك أن “العالم لم يصمت” هذه المرة، على الأقل ليس مؤسساته الأهم. فمنذ الأيام الأولى للحرب، تُبذل جهود حثيثة داخل الأمم المتحدة لوقف جرائم الحرب “الإسرائيلية”، سواء في اللجان المختلفة، أو في الجمعية العامة، أو في مجلس الأمن. خلال الأشهر الـ21 الماضية، نشهد تحوّلًا في سياسة “إسرائيل”: من حرب تهدف إلى منع إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة، إلى حرب ترمي إلى منع الفلسطينيين أنفسهم من الاستمرار في الوجود داخلها”.
واعتبرت أن “ليس سكان غزة وحدهم من باتوا هدفًا مباشرًا ويواجهون أهوال الإبادة بكل فظاعتها، بل كذلك سكان الضفة الغربية. فقد تم تهجير نحو 40 ألفًا من سكان مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس من منازلهم في عملية تدمير غير مسبوقة أطلقها الجيش “الاسرائيلي” في كانون الثاني/يناير 2025 (في خضمّ وقف إطلاق النار في غزة)، من دون أن يُعرف متى ستنتهي. تمّ تفجير عشرات البيوت وتسويتها بالأرض، وتُهدد أوامر الهدم -التي رفضت المحكمة العليا التماسًا ضدها- مئات المنازل الأخرى. دُمّرت البنية التحتية بشكل كامل، وتُرك عشرات الآلاف من المهجّرين بلا مأوى ولا أفق”.
وختمت “نحن، معارضي الاحتلال في الداخل “الإسرائيلي”، من الجيل القديم والجديد، البقية الباقية من معسكر “السلام” الذي كان يومًا ما واسعًا ومفعمًا بالأمل، لم ننجح في وقف حرب الإبادة في غزة. لكن ما يفعله الجيش والمستوطنون في الضفة ما زال بالإمكان إيقافه. وهذه هي مهمّتنا الآن. فالتاريخ لن يغفر لنا إذا فشلنا فيها”.