في عالمٍ يضجّ بالصراعات والانقسامات، تبرز الزهرة كأبسط رموز السلام وأكثرها صدقاً. ومن قلب هذا الرمز، تنبثق لوحة «الزهور والرموز الوطنية للعالم» للفنانة الإيرانية “فاطمة آهي”، لتكون دعوة بصرية إلى التعايش، الاحترام، والعودة إلى جوهر الإنسانية. هذا العمل الفني لا يكتفي بجماله، بل يحمل رسالة عالمية تنبض بالحكمة؛ أن السلام يبدأ من الطبيعة، ويزهر بالفن، ويثمر في الحوار.
قالت الفنانة التشكيلية «فاطمة آهي»: هذه اللوحة تمثل رمزاً لنشر السلام، الصداقة، والاحترام، ليس فقط للطبيعة، بل لبعضنا البعض أيضاً. نحن نعيش في عالمٍ عطشان بشدة للحوار، والطمأنينة، والتعايش.
وأضافت آهي: منذ أكتوبر 2020، قررتُ أن أبدأ برسم لوحة بعنوان «الزهور والرموز الوطنية للعالم». أجريتُ دراسة لمدة عام قبل البدء، واستغرق تنفيذ اللوحة التي تبلغ أبعادها 180 × 120 سم عامين، وانتهيت منها في يوليو 2023.
وأوضحت الفنانة: في جميع الثقافات، وفي كل الجغرافيات، وفي قلب كل لغة، كانت الزهور دائماً تحمل رسالة مشتركة: السلام. ربما لا يوجد رمز عالمي ومقبول بلا حدود مثل الزهرة. الزهور لا تتكلم، لكنها مفهومة في كل مكان. ليست أعلاماً، ولا شعارات؛ بل تأتي من قلب الطبيعة وتحمل معها رسالة الطمأنينة، الصداقة، واللطف.
وتابعت آهي: الزهور تُذكّرنا بأن السلام ليس أمراً مجرداً؛ بل هو قرار يومي. قرار بأن نكون لطيفين في عالمٍ قاسٍ. قرار باحتضان الاختلافات، والعيش دون حاجة للهيمنة. ربما لو كان العالم اليوم أكثر شبهاً بالزهور، لكان أقل حروباً، وأكثر تسامحاً. في الحقيقة، السلام هو عملية داخلية وثقافية تبدأ من قلب الطبيعة، وتنساب في الفن، وتنتهي بالحوار والتفاهم المتبادل.
وقالت: نحن نعيش في عالمٍ يواجه أزمات بيئية معقدة، وعنفاً ممنهجاً، وانقسامات ثقافية. عندما نُنشئ صورة عن الوحدة، والتعاطف، والاحترام المتبادل، فإننا نُذكّر بأن الإنسان يمكنه أن يعيش دون هيمنة، في انسجام مع الأرض ومع الآخر.
رواية عن احترام التنوع الثقافي والسعي للسلام بين الشعوب
أوضحت آهي: في عمل «الزهور والرموز الوطنية للعالم»، تم السعي لتصوير الزهور والرموز الوطنية لكل بلد ضمن محيطه الجغرافي؛ وهو في الحقيقة سردٌ فني لاحترام التنوع الثقافي، والبيئي، وروح السعي للسلام بين الشعوب. هذا العمل، إلى جانب مظاهره الفنية، يحمل رسالة عالمية: ضرورة السلام، الصداقة، التعايش، والانتباه إلى البيئة الطبيعية المشتركة للبشر.
وأضافت: الزهور والرموز المستخدمة في اللوحة ليست مجرد عناصر زخرفية، بل كل منها يمثل جزءاً من ثقافة ومناخ تلك الأرض. النباتات المحلية تتناغم مع المناخ، والتربة، والدورات الطبيعية لأرضها. لا تحتاج إلى أسمدة كيميائية، أو ريّ كثيف، أو مبيدات صناعية. أي أننا عندما نلجأ إلى الغطاء النباتي المحلي، فإننا لا نحافظ على الجمال فحسب، بل نُسهم في الحفاظ على صحة التربة، وتقليل التآكل، وخفض تلوث مصادر المياه.
وأوضحت: الزهور والرموز المستخدمة في اللوحة ليست للزينة فقط. على سبيل المثال، وردة المحمدي هي إحدى الرموز الوطنية لإيران، وقد ارتبطت منذ القدم بالثقافة، والتقاليد، والطقوس الإيرانية. من خلال تصوير هذه الزهرة في قلب إيران، أردتُ أن أقول إن هذه الزهرة، رغم رقتها ولطافتها، تتمتع بأعلى درجات التحمل في الظروف الصعبة. وردة المحمدي، بالنسبة لي، ترمز إلى الشعب الذي، رغم كل الصعوبات عبر التاريخ، صمد وخرج دائماً مرفوع الرأس، محافظاً على هذه الحضارة العريقة لآلاف السنين.
وأكدت آهي: أؤمن بأن الفن هو آخر معقل للأمل في عالم اليوم، وإذا استطاع الفنان أن يُذكّر المتلقي، ولو للحظة، بالطبيعة، والإنسانية، واللطف، والاحترام للآخر، فقد أدّى رسالته بشكل صحيح.
عرض «الزهور والرموز الوطنية للعالم» على برج آزادي
قالت الفنانة التشكيلية: تم عرض عمل جداري بعنوان «الزهور والرموز الوطنية للعالم» أمس الجمعة 18 يوليو من على واجهة برج آزادي، بالتعاون مع وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، وزارة الخارجية، مؤسسة رودكي، والمجمع الثقافي الفني لبرج آزادي.
وأضافت آهي: يُقام هذا البرنامج الثقافي الفني بهدف نشر رسالة السلام والتضامن العالمي، وهو فرصة لإعادة النظر في دور الفن في تعزيز التواصل بين الشعوب.