كبري اميري
*استلام بيانات القياس عن بُعد
قمر «ناهيد ۲» هو قمر اتصالات تم تطويره بواسطة باحثين في الصناعة الفضائية الإيرانية بالتعاون مع منظمة الفضاء ومعهد البحوث الفضائية وشبكة من الشركات الناشئة المحلية. يُعدّ بناء وإطلاق هذا القمر الذي يزن حوالي ١١٠ كيلوغرامات خطوة مهمة في صناعة الفضاء الإيرانية لتحقيق الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وإنشاء منظومات اتصالات في المدارات المنخفضة (LEO) والمدارات الجغرافية الثابتة (GEO).
أُطلق «ناهيد ۲» في ٢٥ يوليو باستخدام الصاروخ الروسي «سويوز» ووُضع بنجاح في المدار المحدد، كما تم استلام أول بيانات القياس عن بُعد في محطة التحكم الأرضية التابعة لمنظمة الفضاء الإيرانية، مما يؤكد سلامة القمر وأداء نظام توزيع الطاقة بشكل صحيح.
وكشفت منظمة الفضاء الإيرانية عن خططها لتصميم وتطوير الأجيال القادمة من أقمار «ناهيد». وفي هذا الصدد، صرح رئيس المنظمة: سوف تُطلق سلسلة أقمار «ناهيد» قريبًا باستخدام الصاروخ المحلي «سیمرغ» لتوضع في المدار الجغرافي الثابت.
وأضاف حسن سالارية، الیوم السبت، أن «ناهيد ۲» هو قمر اتصالات طوره خبراء معهد البحوث الفضائية، وسيُستخدم لتوفير اتصالات أرضية. وأشار إلى أن هذا القمر هو الأول من سلسلة «ناهيد ۲» التي يتم إطلاقها، ومن الطبيعي أن تكون اختبارات الأنظمة الفرعية جزءًا من العملية.
وأكد أن نطاق الترددات المستخدم في هذا القمر هو «KU»، وهو نطاق متقدم يُستخدم للاتصالات عريضة النطاق ويوفر إمكانيات كبيرة لأقمار الاتصالات. وتابع: نأمل بعد اختبار الأنظمة الفرعية وأداء مختلف أجزاء القمر، أن نكون جاهزين لتصنيع نماذج مطورة ذات جودة أعلى.
وأشار إلى أن نماذج أخرى من هذا القمر ذات جودة أعلى قيد التطوير، موضحًا أن النموذج الثاني قد اكتمل بناؤه وسيتم إطلاقه باستخدام الصاروخ «سیمرغ». ولفت إلى أن «ناهيد ۲» وُضع في الفضاء باستخدام الصاروخ الروسي «سويوز» المعروف، والذي أُطلق من قاعدة «فوستوتشني» الروسية يوم ٢٤ يوليو، ووصل إلى مدار يبعد ٥٠٠ كيلومتر عن سطح الأرض بميلان ٩٧ درجة. وأضاف: مع استمرار الاختبارات، سنتجه في الأسابيع المقبلة نحو نماذج أكثر تطورًا وجودة.
وأوضح سالارية أن برامج تطوير الأقمار الصناعية للاتصالات في إيران تشمل خططًا متكاملة تغطي أجيالًا مثل «ناهيد ۳» و«ناهيد ٤» للوصول إلى المدار الجغرافي الثابث (GEO)، مشيرًا إلى العمل أيضًا على منظومات اتصالات عريضة النطاق في المدارات المنخفضة.
* التقييمات الأولية لقمر “ناهيد 2“
وصرح سالارية حول المدارات الأقمار الصناعية فوق الغلاف الجوي قائلاً: من الناحية الوظيفية، تُوضع الأقمار الصناعية الاتصالية على مسافة 36 ألف كيلومتر من سطح الأرض لتوفير تغطية اتصالية ثابتة نسبيًا على مستوى محلي. وأضاف: أما الأقمار منخفضة المدار فهي لأغراض الاستشعار، في حين تُستخدم الأقمار عريضة النطاق (Broadband) وضيقة النطاق (Narrowband) في شكل مجموعات (أبراج).
وأشار رئيس منظمة الفضاء إلى أن هذا القمر سيُحقَق في مدار منخفض والهدف هو اختبار الأنظمة الفرعية، وقال: نظرًا لأن هذا القمر يُصنع للمرة الأولى ضمن منظومات محلية، من الضروري إجراء تقييم دقيق لتصميماته.
* تطبيقات متنوعة
وحول استخدام الأقمار الصناعية لتوجيه الصواريخ بعيدة المدى، تحدث سالارية قائلاً: قمر «ناهيد» هو قمر اتصالي مخصص للنطاق العريض فقط، ومن المقرر إجراء اختبارات أولية عليه. وأكد أن معرفة الأقمار الصناعية وتقنيات الفضاء لها تطبيقات متعددة، مضيفًا: تركيز وزارة الاتصالات ينصب على الإنترنت وخدمات النطاق العريض للمواطنين، بينما يغطي برنامج باحثي الصناعة الدفاعية مجالات مختلفة.
* أول قمر اتصالي إيراني يعمل في نطاق “Ku”
من جانبه، أعلن وزير الاتصالات وتقنية المعلومات حول الإطلاق الناجح للقمر الاتصالي “ناهيد 2” ووضعه في المدار: “ناهيد 2 هو أول قمر اتصالي إيراني يعمل في نطاق Ku.”
وأكّد سيد ستار هاشمي، مساء الجمعة، على دور القمر في تطوير الخدمات الاتصالية، وكشف عن وظائفه في دعم اتصالات المناطق الريفية والمحرومة وتمهيد الطريق لبناء أبراج أقمار صناعية محلية. وأضاف: هذا القمر هو الأول من نوعه في إيران ضمن نطاق Ku، وقد وُضع في الخطة بهدف تطوير الخدمات الاتصالية.
وأشار وزير الاتصالات إلى مهام القمر قائلاً: إحدى المهام الرئيسية لـ«ناهيد 2» هي دعم اتصالات المناطق النائية والمحرومة، حيث يمكن أن يلعب دورًا فعالًا في تحقيق العدالة الاتصالية. كما وصف “ناهيد 2” بأنه منصة لتطوير أبراج الأقمار الصناعية المستقبلية للبلاد، مؤكدًا: سيُمهد نجاح هذه المهمة الطريق لتصميم وإنتاج أقمار مماثلة ضمن منصة واحدة، مما يتيح تشكيل أبراج أقمار صناعية.
* إنجاز فضائي بالتزامن مع المحادثات النوویة
وسائل الإعلام العالمیة قیّمت إطلاق إیران لقمر “ناهید ۲” الفضائي بالتزامن مع المحادثات النوویة في إسطنبول كإشارة من الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة إلى أن تقدمها العلمي لا يتوقف.
ونشرت وكالة “فرانس برس” خبر إطلاق قمر “ناهید ۲” علی رأس أخبارها، وكتبت: “ناهید ۲” هو أحدث إنجاز لبرنامج إیران الفضائي. وأشارت الوكالة إلى معارضة الأنظمة الغربیة للتقدم العلمي الإیراني، مضیفة: أن برنامج إیران الفضائي كان مصدر قلق للدول الغربیة منذ فترة طویلة.
من جانبها، سلّطت قناة “الجزیرة” الضوء علی تصمیم وإنتاج قمر “ناهید ۲” من قبل خبراء إیرانیین، وعرضت مشاهد من عملية الإطلاق. ورأت “الجزیرة” أن توقیت إطلاق القمر -قبل ساعات من بدء مفاوضات إیران مع ممثلي الثلاثي الأوروبي (بریطانیا، فرنسا وألمانیا)- أمرٌ له دلالته، مشیرةً إلى أن إیران كانت قد أطلقت أقماراً صناعیة بصواريخ محلیة في شهري دیسمبر وسبتمبر الماضیین.
أما “رویترز”، فنشرت تقریراً أشار إلى إطلاق إیران لقمر اتصالات، وكتبت: “وُضع القمر الصناعي الإیراني المصنّع محلیاً بنجاح في مدار الأرض”.
ونشرت “أسوشیتد برس” خبر الإطلاق الناجح لـ”ناهید ۲” من دون تعلیق، مع عرض فیدیو للإطلاق.
كما تناولت “یورونیوز” خبر وضع قمر “ناهید ۲” في المدار، مشیرةً إلى أن تعاون روسیا في إطلاقه جزء من الاتفاقیة الاستراتیجیة بین طهران وموسكو وتوسیع التعاون بینهما في المجال الفضائي. وذكرت القناة تأكید إیران علی تطویر قمر “ناهید ۳” الأكثر تقدماً، ونقلت عن محللین غربیین اعتبارهم أن إطلاق الأقمار من قبل إیران یهدف إلى تعزیز وجودها في الفضاء. وكتبت “یورونیوز”: إن إیران تسعی من خلال مشاریع مثل «ناهید ۲» إلى تحقیق الاكتفاء الذاتي في تكنولوجیا الفضاء وتطویر أدواتها البحثیة والتجاریة في هذا المجال.