هذا الفراغ ترك الفريق في حاجة ماسة إلى لاعب وسط يمتلك الخبرة والقدرة على التحكم في إيقاع المباريات، وهو ما دفع اسم رودري، نجم مانشستر سيتي ومنتخب إسبانيا، إلى صدارة اهتمامات النادي الملكي.
لكن مع تعقيدات الإصابة التي أبعدته عن الملاعب لمعظم موسم 2024-2025، وسعر انتقاله المرتفع، وتمسك مانشستر سيتي بخدماته، يبدو أن هذه الصفقة قد تتأجل إلى صيف 2026.
فراغ الوسط
ترك رحيل توني كروس بعد يورو 2024، الذي تلاه خروج لوكا مودريتش في صيف 2025، ريال مدريد أمام تحدٍ غير مسبوق.
فقد كان كروس، بتمريراته الدقيقة وقدرته على التحكم في إيقاع اللعب، إلى جانب مودريتش، برؤيته الاستثنائية وخبرته، بمثابة العمود الفقري للفريق لأكثر من عقد.
وكشف غيابهما عن هشاشة في خط الوسط، رغم وجود مواهب شابة مثل أوريلين تشواميني، وإدواردو كامافينجا، وفيديريكو فالفيردي، وجود بيلينجهام.
هؤلاء اللاعبون، رغم مواهبهم اللافتة، لا يمتلكون بعد القدرة على ملء الفراغ الذي تركه الثنائي الأسطوري، خاصة فيما يتعلق بالتحكم في إيقاع المباريات وتوزيع الكرات بدقة عالية.
وأدرك ألونسو هذه المشكلة مبكرًا، خصوصًا بعد الهزيمة المذلة أمام باريس سان جيرمان في نصف نهائي كأس العالم للأندية، فخلال تلك المباراة، عانى خط وسط ريال مدريد من عدم القدرة على مجاراة حركية وكثافة لاعبي وسط باريس فيتينيا، وجواو نيفيز، وفابيان رويز.
ودفع هذا الأداء المخيب ألونسو إلى المطالبة بضرورة تعزيز خط الوسط بلاعب من النخبة، يمتلك الخبرة والقدرة على تحمل الضغط في المباريات الكبرى.
هل رودري الحل الأمثل؟
يعتبر رودري، البالغ من العمر 29 عامًا، أحد أفضل لاعبي خط الوسط الدفاعي في العالم، وجعله دوره المحوري في نجاحات مانشستر سيتي تحت قيادة بيب جوارديولا، إلى جانب مساهمته في تتويج إسبانيا ببطولة يورو 2024، وفوزه بجائزة الكرة الذهبية في العام نفسه، هدفًا رئيسيًا لريال مدريد.
وأشاد توني كروس نفسه برودري، مشيرًا إلى أن غيابه عن مانشستر سيتي كشف مدى أهميته، حيث تراجع أداء السيتي بشكل ملحوظ خلال إصابته.
وفي مقابلة مع صحيفة “إل باييس”، وصف رودري بأنه “أساسي” في كرة القدم الحديثة، مشددًا على أن دوره غالبًا لا يُلاحظ إلا عند غيابه.
ويمتلك رودري كل الصفات التي يبحث عنها ريال مدريد: الاستقرار الدفاعي، والقدرة على قطع الكرات، والتمريرات الدقيقة، والخبرة في المباريات الكبرى.
إضافة إلى ذلك، فإن جذوره المدريدية (وُلد في العاصمة الإسبانية) وتصريحاته الأخيرة التي أبدى فيها احترامًا كبيرًا لريال مدريد، تجعل فكرة انتقاله مغرية.
وقال رودري في مقابلة سابقة مع “إل لارجيرو”، إنه “عندما يتصل نادٍ مثل ريال مدريد، يجب أن تستمع”، وهو تصريح أثار تكهنات حول استعداده للانتقال.
العراقيل والشكوك
على الرغم من جاذبية الصفقة، هناك عقبات كبيرة قد تؤخر حسمها إلى صيف 2026.
أول هذه العوائق هو إصابة رودري الخطيرة في الرباط الصليبي والغضروف في سبتمبر/ أيلول 2024، والتي أبعدته عن الملاعب حتى كأس العالم للأندية.
ولم تكن عودته في تلك البطولة مطمئنة تمامًا، حيث لعب 37 دقيقة فقط أمام الهلال قبل أن يتعرض لانتكاسة جديدة.
وتثير هذه الإصابة مخاوف ريال مدريد من المخاطرة باستثمار كبير في لاعب قد لا يستعيد مستواه السابق.
وفي سن الـ29، وبعد إصابة خطيرة، قد يكون من الصعب استعادة الثقة الكاملة في قدرات رودري البدنية.
ثانيًا، يعتبر السعر المطلوب لضم رودري عقبة أخرى، وتشير تقارير إسبانية، مثل تلك المنشورة في صحيفة “آس”، إلى أن ريال مدريد يفكر في تقديم عرض بقيمة 100 مليون يورو على الأقل.
هذا الرقم، رغم أنه قد يكون مغريًا لمانشستر سيتي، يثير تساؤلات حول القيمة الاستثمارية للاعب بعمر 29 عامًا وبعقد يمتد حتى 2027.
وإذا لم يجدد رودري عقده مع السيتي، قد يصبح متاحًا بسعر أقل في صيف 2026، عندما يتبقى عام واحد فقط على عقده، وهو سيناريو يفضله ريال مدريد الذي يشتهر باستراتيجيته في انتظار انخفاض أسعار اللاعبين مع اقتراب نهاية عقودهم.
ثالثًا، تمسك بيب جوارديولا برودري يُعد عاملًا حاسمًا، فالمدرب الإسباني، الذي وصف رودري بأنه “أحد أفضل لاعبي العالم”، أكد أن غيابه كان السبب الرئيسي في تراجع مانشستر سيتي الموسم الماضي، حيث فقد الفريق لقب الدوري الإنجليزي.
ولا يزال السيتي، الذي استثمر في لاعبين مثل نيكو جونزاليس وتيجاني رييندرز لتعزيز خط الوسط، يرى في رودري العنصر الأساسي في خططه، مما يجعل التفاوض معهم أمرًا معقدًا.
الصبر حتى 2026؟
على ضوء هذه العوامل، يبدو أن ريال مدريد يميل إلى تأجيل حسم صفقة رودري حتى صيف 2026.
هذا القرار يتماشى مع استراتيجية النادي في تقييم اللاعبين بعناية، خاصة بعد إصابات خطيرة.
وسوف تتيح فترة الانتظار للنادي مراقبة تعافي رودري ومدى قدرته على العودة إلى مستواه السابق، إلى جانب تقييم القيمة التعاقدية للاعب مع اقتراب نهاية عقده.
في الوقت نفسه، يواصل ريال مدريد البحث عن بدائل، حيث ظهرت أسماء مثل إنزو فرنانديز، وأليكسيس ماك أليستر، ونيكولو باريلا، لكن النادي يصر على أن أي صفقة يجب أن تكون للاعب من النخبة، ومضمون النجاح، مع الابتعاد التام عن التجارب أو المغامرات.
ويدرك تشابي ألونسو، الذي يواجه تحديات كبيرة في إعادة بناء خط الوسط، أن رودري قد يكون الحل الأمثل، لكنه يحتاج إلى ضمانات بشأن جاهزيته البدنية والقيمة الاقتصادية للصفقة.
في النهاية، قد يكون صيف 2026 هو اللحظة الحاسمة التي تحدد ما إذا كان رودري سيعود إلى مسقط رأسه ليقود ريال مدريد نحو استعادة هيمنته.