رئيس الجمهورية، مُقيّماً العلاقات بين طهران وإسلام آباد بالجيّدة:

العدو يُخطّط لإثارة الفتن بين المسلمين.. وسنُفشل مُخطّطات الأعداء

الوفاق- يُجري رئيس الجمهوریة الإسلامية الإيرانية، الدكتور مسعود بزشكيان، زيارة إلى باکستان تلبية لدعوة رسمية من رئيس وزراء باکستان شهباز شريف، تزامنًا مع ذكرى تأسيس هذا البلد والذكرى الثامنة والسبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين إيران وباكستان، وفي ضوء تسارع التطورات الإقليمية والأحداث العالمية الأخيرة، زادت تبادل الوفود رفيعة المستوى بين البلدين، من أهمية زيارة الرئيس بزشکیان في الوقت الراهن.

وتستمر زيارة الرئيس بزشكيان لباكستان لمدّة يومين. وهذه الزيارة ستكون الثانية لرئيس إيراني إلى باكستان خلال العامين الماضيين. ففي نيسان/ أبريل 2024 زار الرئيس الراحل الشهيد السيد إبراهيم رئيسي باكستان لثلاثة أيام.

 

وكان قد وصل رئيس الجمهوریة يوم السبت، إلى مدينة لاهور التاريخية عاصمة إقليم البنجاب، على رأس وفد رفيع المستوى، في المحطة الأولى من زيارته الرسمية إلى باكستان.

 

وفي تصريح له خلال لقائه مع محمد نواز شريف رئيس الرابطة الإسلامية في باكستان لدى وصوله الى لاهور، عبر رئيس الجمهورية عن امتنانه لدعم الشعب الباكستاني وتضامنه معه خلال الحرب المفروضة لمدة 12 يوما، وقال: إذا اتحد مسلمو العالم، فلن يتمكن الكيان الصهيوني من استهداف الدول المستقلة بشكل منفرد. يجب أن نشكل كتلة واحدة ونلبي احتياجات الأمة الإسلامية بأنفسنا.

 

وفي هذا اللقاء، ألقى محمد نواز شريف كلمةً أشار فيها إلى الهجمات الأخيرة التي شنها الكيان الصهيوني على ايران، أشاد فيها بمقاومة الشعب الإيراني، وقال: “نقف إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وسنكون أقوى من أي وقت مضى في المستقبل”. لم يدافع الشعب الإيراني عن وطنه بمقاومته فحسب، بل أظهر أيضا وجهًا جديدًا وفخورًا لإيران. لم تكن هذه المقاومة مجرد مواجهة مع كيان محتل، بل كانت مواجهة شجاعة مع القوى العالمية. أحيا الشعب الإيراني تاريخه المجيد الممتد لآلاف السنين بمقاومته. نحن في باكستان نعتبر هذه المقاومة مصدر فخر واعتزاز لنا.

 

وأضاف: إن وجودي في المطار لاستقبال الرئيس الإيراني هو تكريمٌ لهذه المقاومة العظيمة. باكستان ليست جارةً فحسب، بل شقيقةٌ أيضًا للجمهورية الإسلامية الإيرانية، ونحن مهتمون بتطوير وتعزيز العلاقات في جميع المجالات.

 

وزار الوفد الإيراني الذي يترأسه رئيس الجمهورية في مستهل الزيارة مرقد الشاعر والكاتب الكبير في العالم الإسلامي العلامة “محمد اقبال لاهوري”، بعد لقاء رئیس الجمهوریة مع رئيسة الوزراء في إقليم البنجاب الباكستاني.

 

وعقب زيارة ضريح العلامة إقبال لاهوري، وقّع الرئيس بزشكيان أيضاً على سجل التعازي.

 

*زيارة مرقد العلامة “إقبال لاهوري”

 

واتّجه الرئیس “بزشکیان” يوم أمس إلى إسلام آباد بعد زيارة مرقد العلامة “إقبال لاهوري”. وسيلتقي في اليوم الثاني من الزیارة وبعد إجراء مراسم استقبال رسمية، برئيس الوزراء والرئيس الباکستاني ورئيسي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ في باكستان.

 

وقبيل مغادرته طهران قيّم الرئيس بزشكيان، العلاقات التجارية بين طهران وإسلام آباد بأنها جيدة، وذلك قبيل توجهه إلى باكستان، مؤكدا على أن هناك خطة لرفع حجم التبادلات التجارية الثنائية إلى 10 مليارات دولار سنويا.

 

وصرح الرئيس بزشكيان، السبت: إن العلاقات الطيبة والودية والعميقة بين إيران وباكستان مستمرة منذ تأسيس هذا البلد العزيز، وهذه العلاقات تشمل المجالات الاقتصادية، والعلمية، والثقافية، والحدودية، حيث توجد روابط وثيقة بين شعب إيران وأشقائنا الأعزاء في باكستان.

 

وأكد رئيس الجمهورية في ظل المصاعب والعدوان الجائر والمخالف للقوانين الدولية من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة على أرض إيران العزيزة، كانت باكستان من الدول التي أدانت هذا العدوان بشدة، وأعلنت أنها ستقدم كل أشكال الدعم الممكنة للحفاظ على وحدة الأراضي الإيرانية، وكذلك للحكومة والشعب الإيراني، وهذا موقف يستحق الثناء. وأشار إلى أن من أولويات هذه الزيارة تعزيز وتوسيع التجارة الحدودية برا وجوا وبحرا مع باكستان، مضيفا: إنه يمكن من خلال باكستان الوصول إلى طريق الحرير بين الصين وباكستان، والذي يمكن ربطه عبر إيران بأوروبا.

 

وأضاف الرئيس بزشكيان أن القضايا الأمنية والحدودية تحظى بأهمية كبيرة للجانبین، مؤكدا إجراء حوارات في هذا الصدد من أجل تحقيق الأمن الإقليمي من خلال التنسيق بين البلدين. وشدد على أن هدف ايران هو الحفاظ على الوحدة والانسجام بين إيران وباكستان، مضيفا: إن العدو يخطط لإثارة الفتن بين المسلمين، وبعون الله سنبذل جهدنا لإفشال مخططات الأعداء.

 

وكان في وداع رئيس الجمهورية، كل من ممثل قائد الثورة الإسلامية حجة الإسلام “محسن قمي”، والنائب الأول لرئيس الجمهورية “محمد رضا عارف”. في حين استقبلت رئيسة الوزراء في إقليم البنجاب الباكستاني “مريم نواز شريف” وعدد من كبار المسؤولين الباكستانيين، والقنصل العام الإيراني في لاهور “مهران موحد فر” الرئیس بزشکیان والوفد المرافق له.

 

*تحيا الصداقة بين إيران وباكستان

 

هذا وكتب وزير الخارجية الإيراني في مقالٍ بصحيفة “THE NEWS” بمناسبة زيارة رئيس الجمهوریة إلى باكستان: علاقاتنا مع باكستان لها مكانة خاصة؛ فهي متجذرة في قرون من التجربة الحضارية المشتركة، والتآزر الديني، والروابط الثقافية، والمصالح الاستراتيجية المتقاربة.

 

وكتب عباس عراقجي: إن أحد المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو تطوير علاقات قوية ومستقرة ومفيدة للطرفين مع الدول المجاورة وفي هذا الإطار، فان علاقاتنا مع باكستان لها مكانة خاصة؛ فهي متجذرة في قرون من التجربة الحضارية المشتركة، والتآزر الديني، والروابط الثقافية، والمصالح الاستراتيجية المتقاربة.

 

وأضاف: لا يمكن لإيران وباكستان بصفتهما دولتين مستقلتين تحتلان موقعاً استراتيجياً في القارة الآسيوية، الاستفادة من شراكة دائمة فحسب، بل تتمتعان أيضًا بالقدرة على لعب دور حاسم في مستقبل المنطقة. وقال: إن زيارة الرئيس ” بزشكيان” الحالية إلى باكستان تعد رمزًا لهذه الوتيرة السريعة في العلاقات الثنائية وتأتي هذه الزيارة في أعقاب تاريخ حافل بالتفاعلات رفيعة المستوى، بما في ذلك الزيارة التاريخية للرئيس الراحل الشهید إبراهيم رئيسي إلى إسلام آباد وزيارة رئيس وزراء باكستان “شهباز شريف” إلى طهران.

 

*التبادلات والمشاورات الدبلوماسية مستمرة

 

وقال: إن هذه التبادلات والمشاورات الدبلوماسية المستمرة بين كبار مسؤولي البلدين تتجاوز مجرد العلاقات الرسمية، وتدل علی توافق وتناغم استراتيجي عميق.وإن هذا التوجه یدل علی أن البلدين يرتقيان بعلاقاتهما إلى مستوى مؤثر في المعادلات الإقليمية بوعي ورؤية هادفة، وتشترك إيران وباكستان في حدود تمتد 900 كيلومتر، وهي ليست مجرد خط فاصل بين بلدين، بل جسرٌ يربط الأمم والحضارات منذ قرون.ولم تقتصر التبادلات على السلع فحسب عبر هذه الحدود، بل امتدت لتشمل الأفكار والأشعار والمعتقدات التي أبقت مجتمعاتنا حية حتى يومنا هذا.ومن عيد النوروز إلى التقاليد الصوفية المشتركة، خلقت هذه الروابط الثقافية والروحية شعورًا بالثقة والألفة الدائمة، وهو أساس التعاون السياسي والتقارب الديني.

 

*بناء شراكة اقتصادية قائمة على المرونة المتبادلة

 

وتابع قائلا: يمكن لإيران وباكستان بناء شراكة اقتصادية قائمة على المرونة المتبادلة، والتقدم التكنولوجي، والنمو الشامل من خلال مواءمة الآفاق والتنسیق بین هذه الآفاق. وقال إن هذا التعاون من شأنه أن يحقق تحولاً حقيقياً في حياة الشعبین، ويخلق فرص العمل، ويشكل نموذجاً للتنمية الإقليمية والمحلية.وأضاف: تقف إيران وباكستان صامدتان أمام الشبكات الإرهابية الناشطة في المناطق الحدودية بیقظة في وقت تُعرّض فيه التهديدات العابرة للحدود أمننا المشترك للخطر. وقال: إن التنسيق في مكافحة الإرهاب ليس خيارًا، بل ضرورة حتمية ويواجه البلدان تحديات استراتيجية أوسع، بما في ذلك أعمال عدوانية مزعزعة للاستقرار في المنطقة إلى جانب هذه التهديدات المحلية.

 

واستطرد قائلا: إن الإبادة الجماعية التي ارتكبها الکیان الصهيوني في غزة، واحتلاله لسوريا ولبنان، والاعتداءات غير المبررة الأخيرة على الأراضي الإيرانية، تدل علی الحاجة إلى رد مشترك ومنسق على القوى التي تسعى وراء خلق الفوضى وفرض الهيمنة. وأضاف: لا يمكن للحكومات المسؤولة أن تصمت أمام هذه التهديدات ولقد حان الوقت لتعزيز التنسيق الأمني واتخاذ موقف واضح وموحد في المحافل الدولية.

 

*الدعم الصادق من الشعب الباكستاني

وقال إن الدعم الصادق من الشعب الباكستاني کان مؤثرًا للغاية أيضًا وقد لاقت تعبيراتهم العفوية عن التعاطف صدىً عميقًا في قلوب المجتمع الإيراني، وشاهد الشعب الإيراني بامتنان المشاهد التي رفع فيها إخوانهم وأخواتهم الباكستانيون أصواتهم دعمًا لإيران. ولطالما وقف البلدان معًا للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في منظمة الأمم المتحدة، ونعمل على حل مشاكل الأمة الإسلامية في منظمة التعاون الإسلامي.

 

*زيارة الرئيس بزشكيان تجسيدٌ لتعزيز العلاقات الثنائية

من جانبه، اعتبر سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في إسلام آباد، ضمن توضيحه أهداف وبرامج الزيارة الرسمية للرئيس الايراني إلى باكستان، أن هذه الزيارة تُعدّ تجسيدا لتعزيز الروابط الثقافية العميقة بين إيران وباكستان، ودعم الجبهة المشتركة في العالم الإسلامي، بالإضافة إلى توسيع التعاون الثنائي من خلال توقيع عدد من الوثائق المهمة في مجالات مختلفة.

 

*زيارة تُجسّد صداقة الجيران

 

الى ذلك، أعرب عدد من أعضاء البرلمان الباكستاني، قبيل الزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى بلادهم، عن ترحيبهم بهذه الزيارة، مؤكدين أن حضور بزشكيان في باكستان بعد الانتصار في الحرب ضد الكيان الصهيوني يُعدّ بمثابة خيبة أمل للأعداء المشتركين، وتجسيدا حقيقيا للصداقة المتينة وغير القابلة للكسر بين الجارين.

 

وقد رحّب النخب السياسيون في باكستان بزيارة رئيس الجمهورية الإيرانية، واعتبروها في أعقاب انتصار الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الحرب التي استمرت 12 يوما مع الكيان الصهيوني، حدثا ذا أهمية كبيرة.

 

وقال عضو الجمعية الوطنية عن الجناح الحاكم في باكستان، ملك ابرار احمد،: “نحن سعداء جدا بهذه الزيارة، ونرحب بها، ونعتقد أن حضور رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بلدنا يُعدّ فأل خير لباكستان”.

 

بدوره، أعرب ممثل الأقلية الهندوسية في مجلس الشيوخ الباكستاني، السيناتور دنيش كومار، انه وبصفته سياسيا من محافظة بلوشستان، عن سروره بالزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية الاسلامية الإيرانية، قائلا: محافظتنا تُعد إقليما حدوديا مجاورا لإيران، ومن غيرنا يعرف مدى محبة وود شعب بلوشستان تجاه الشعب الإيراني!

 

ومن جهته، رحب عضو البرلمان الباكستاني عن حزب حركة الإنصاف (PTI)، شفقت اعوان، بكل حرارة برئيس الجمهورية الاسلامية الإيرانية، قائلا: نحن جاران قريبان من بعضنا، وإذا كانت هناك نواقص أو تقصيرات في مسار تطوير العلاقات، فعلينا أن نسعى لتعويضها.

 

المصدر: الوفاق