وفي كلمته خلال المؤتمر الذي يشارك فيه الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء دول ومسؤولون من مختلف الدول، أشار النائب الأول لرئيس الجمهورية إلى قدرة إيران في مجال النقل وتحقيق رقم قياسي بلغ 20 مليون طن من البضائع، مؤكداً على وجهة نظر الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشأن النقل الإقليمي والدولي القائم على التفاعل والمشاركة وتجنب أي منافسة؛ موضحاً إن إيران وفرت المنصة اللازمة لدول الجوار للوصول إلى الأسواق العالمية.
وقال النائب الأول لرئيس الجمهورية: إن أمريكا حطمت طاولة المفاوضات بدعمها للكيان الصهيوني، بل وتدخلها المباشر في العدوان والهجوم على المنشآت النووية السلمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأثبتت عدم ثقة العالم بوعود الولايات المتحدة والتزاماتها. وأضاف: إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تبادر بالحرب قط؛ لكنها ستواجه المعتدي بكل قوتها، وستدافع عن وحدة أراضيها، وستطالب بتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية الناجمة عن اعتداءات الكيان الصهيوني والولايات المتحدة على شعبها وبنيتها التحتية التنموية.
كما أشار عارف إلى جرائم الكيان الصهيوني في غزة، المنطقة الأكثر حصارًا على وجه الأرض، وقال: إن استهداف صفوف الجوعى الذين ينتظرون لقمة عيش وشربة ماء ومساعدات إنسانية يُعدّ مثالًا صارخًا على جريمة الحرب والجريمة ضد الإنسانية، ويجب أن يحاسب المجتمع الدولي والمدافعين عن حقوق الإنسان الكيان الصهيوني وأمريكا على سفك دماء آلاف الأبرياء في مصائد الموت في مراكز توزيع المساعدات، ووفاة مئات الأطفال والنساء وكبار السن نتيجة نقص الأدوية والغذاء والماء في غزة.
*إطلال إيران على المياه المفتوحة
وقال النائب الأول لرئيس الجمهورية: يرتبط ربع البلدان النامية غير الساحلية الـ32 في العالم، وهي 8 دول: جمهورية أفغانستان الإسلامية، وجمهورية أرمينيا، وجمهورية أذربيجان، وجمهورية كازاخستان، وجمهورية قيرغيزستان، وجمهورية طاجيكستان، وتركمانستان، وجمهورية أوزبكستان، بعلاقات جيدة في مجال النقل مع إيران.
وأردف: أتاح وصول إيران إلى المياه المفتوحة وقربها من عدد من البلدان غير الساحلية فرصا قيّمة للتبادل التجاري، وقد شكّل التاريخ الطويل للحضارة والثقافة المشتركة عاملاً في تضامن وتكامل دول المنطقة، وشهدت شعوب هذه البلدان تبادلات اقتصادية وتجارية وثقافية واسعة النطاق وتعايشًا سلميا على مدى قرون.
وأوضح: قد أخذت إيران ودول العبور الأخرى في المنطقة على عاتقها جزءًا من التزام المجتمع الدولي بتقليل تأثر البلدان غير الساحلية ومساعدتها على خفض تكلفة التجارة وتيسير وصولها إلى الأسواق العالمية. وذكر: من خلال تطوير البنية التحتية للنقل في البلاد، وفرت جمهورية إيران الإسلامية الأساس اللازم للدول المجاورة للاستفادة من هذه القدرة لتسهيل التجارة والتنمية الاقتصادية والوصول إلى الأسواق العالمية وتحقيق النمو المستدام.
*التعاون الإقليمي والدولي
وتابع عارف: يوفر التعاون الإقليمي والدولي، إلى جانب هذه الإمكانات، فرصًا هائلة لتطوير النقل والترانزيت في المنطقة، وسيؤدي توسيع التعاون الحدودي والاستثمارات المشتركة إلى قفزة نوعية في مجال النقل والترانزيت، مما سيؤدي إلى تطوير وتعزيز الأمن الجماعي للجميع، وحققت إيران رقما قياسيًا بلغ 20 مليون طن من بضائع الترانزيت العام الماضي، هذا النجاح هو ثمرة تعاون وثيق مع دول المنطقة.
وأكمل: لحسن الحظ، على الصعيد الدولي وفي المحافل العالمية، يتواصل التعاون الوثيق بين إيران وتركمانستان لتعزيز السلام والاستقرار والمساهمة في التنمية المستدامة في المنطقة، حيث تدعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية سياسة الحياد التي تنتهجها تركمانستان، مما يتيح لها فرص فعّالة لتسوية النزاعات الإقليمية والدولية، وقال: نحن على استعداد لإنشاء مراكز لوجستية ومراكز عبور لهذه الدول في الموانئ الجنوبية لإيران. وأضاف: تسعى الجمهورية الإسلامية، في إطار التعاون متعدد الأطراف، بما في ذلك منظمة التعاون الاقتصادي (ECO)، واتفاقية عشق آباد للاتحاد الاقتصادي، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي (منظمة شنغهاي للتعاون)، وغيرها من الاتفاقيات الإقليمية والدولية متعددة الأطراف، إلى مواكبة دول منطقة آسيا الوسطى والقوقاز في تهيئة الظروف اللازمة والمؤاتية للتنمية المستدامة في قطاع النقل.
*التعددية مبدأ أساسي في العلاقات الدولية
وأردف موضحاً: التحديات العالمية مترابطة، ولا تستطيع البلدان ذات مستويات التنمية المختلفة مواجهتها بمفردها، ويمكن حلها من خلال التعاون والشراكة الجماعية والإقليمية والدولية، وتُعد التعددية مبدأً أساسياً في العلاقات الدولية وشرطاً أساسياً لتحقيق الأهداف الإنسانية المشتركة. إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مع تأكيدها على أهمية مبدأ التعددية، تعتبر العقوبات الجائرة والتدابير القسرية الأحادية الجانب عقبة أمام تحقيق الدول لحقها في التنمية، وتشيد بعدم تعاون الدول المستقلة مع مثل هذه التدابير غير القانونية والمخالفة لحقوق الإنسان.
*ايران تسعى لتطبيقات نووية سلمية
ولدى لقائه مع أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أكد عارف، التزام البلاد بجميع القوانين والمقررات الدولية، قائلاً: أمريكا لم تستنتج قط أن إيران تسعى لتطبيقات نووية سلمية. وأشار محمد رضا عارف، إلى العدوان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مؤكدًا: “نحن نلتزم بجميع القوانين والمقررات الدولية، ولم تستنتج أمريكا قط أن إيران تسعى لتطبيقات نووية سلمية، بل رافقت الكيان الصهيوني في عدوانه على الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الحرب الأخيرة”. وأضاف: “قبلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، ورغم أننا مهددون بالحرب باستمرار، فإن إيران دولة متحضرة تسعى للسلام ولم تبدأ الحرب أبدا”. ولفت إلى أن الجمهورية الاسلامية الايرانية تبدي قلقها من أن تصبح هذه الاعتداءات على مختلف الدول اتجاهًا سائدًا، وأن تُزعزع استقرار المنطقة. وقال: لو اتخذت الأمم المتحدة إجراءً أنسب، لما شهدنا هذه الأحداث والمآسي في فلسطين وغزة اليوم.
وأضاف: نتوقع من الأمم المتحدة اتخاذ إجراءات فعّالة ومضاعفة لردع الكيان الصهيوني في هذا الصدد، وقد أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية دائمًا تعاونها ودعمها للأمم المتحدة من أجل إحلال السلام في العالم، ونتوقع أن تُدين الأمم المتحدة ظاهرة “إيرانوفوبيا” التي ينتهجها الغرب.
*لأرمينيا مكانة خاصة في سياسة الجوار
ولدى لقائه، مساء الإثنين، بالرئيس الأرميني “واهاكن خاتشاطوريان”، على هامش المؤتمر، أكد عارف ضرورة تعميق وتوسيع العلاقات بين إيران وأرمينيا في مجالات بناء الطرق، والطاقة، والبيئة، والترانزيت والمواصلات، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، قائلاً: لأرمينيا مكانة خاصة في سياسة الجوار للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأن العلاقات بين طهران ويريفان مبنية على أسس تاريخية وثقافية وحضارية متينة لا تنفصم.
واعتبر الروابط التاريخية والثقافية العميقة بين البلدين قد أفضت في السنوات الأخيرة إلى اتجاه حيوي ومتصاعد في العلاقات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وقال: إن المشاورات بين مسؤولي البلدين في مستوى جيد ومرضٍ، ونرحب باستمرار هذه المشاورات.
وأشار عارف إلى الإنجازات القيّمة التي حققها العلماء الإيرانيون والشركات المعرفية في مجالات التقنيات الحديثة، خاصة الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن الشركات الإيرانية، بالاستفادة من معرفتها وخبرتها الواسعة، وميزة الجوار والقرب الجغرافي، يمكنها أن تلعب دورًا هامًا في تنفيذ مشاريع البنية التحتية في أرمينيا في مجالات النقل وبناء السدود والمدارس والمجمعات السكنية، وأضاف: “تتمتع إيران بقدرات عالية، بصفتها خامس دولة في العالم في مجال بناء السدود، ويمكنها المشاركة في مشاريع بناء السدود في أرمينيا”.
*إيران تعارض التدخل في الشؤون الليبية
ولدى لقائه رئيس المجلس الرئاسي الليبي “محمد المنفي” على هامش المؤتمر، أكد عارف الحفاظ على وحدة ليبيا وسلامتها وسيادتها، قائلاً: نعارض أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية لليبيا، وموقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو الحوار الليبي-الليبي. وأضاف: إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية حولت التهديدات إلى فرص رغم العقوبات الخارجية الشديدة. وتابع: حققت إيران إنجازات عظيمة في مجالات العلوم والتكنولوجيا، فنحن مستعدون لتقديم خبراتنا إلى ليبيا بالنظر إلى تاريخ العقوبات ضد ليبيا.
وأشار إلى العلاقات العريقة والقواسم الثقافية والتاريخية المشتركة بين البلدين، والإمكانات الكامنة لتطوير العلاقات بينهما في جميع المجالات، والاستعداد لتعزيزها، لاسيما في القطاعات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية. وأكد أن الاتجاه التصاعدي في العلاقات السياسية وإعادة فتح سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في طرابلس، إلى جانب النمو في التبادلات الاقتصادية، یدل علی تقدم في العلاقات الثنائية.
*زيادة التفاهمات السياسية
ولفت إلى مقترح تفعيل اللجنة المشتركة كإطار لتعزيز التعاون وتبادل الخبراء والوفود رفيعة المستوى بين البلدين، مؤكدًا ضرورة تعزيز المشاورات بين إيران وليبيا والتأثير على مسار التطورات بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والعالم الإسلامي. وأعرب عارف عن ارتياحه لاستتباب الأمن النسبي في ليبيا الصديقة والشقيقة، معرباً عن أمله في الحل الكامل للقضايا الأمنية والسياسية في هذا البلد. وأضاف أن زيادة التفاهمات السياسية أمر ضروري لتعزيز مكانة البلدين في المنطقة، ومتابعة قضايا العالم الإسلامي والوصول إلى أرضية مشتركة دولية.
وأشاد بمواقف ليبيا في الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي استمرت 12 يوماً، وأدان جرائم الكيان الصهيوني الغاصب في غزة وتصعيد الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني وحرمانه من الماء والغذاء، داعياً إلى التحرك الجاد والفوري من قبل الدول الصديقة لمنع استمرار جرائم الكيان الصهيوني القاتل للأطفال.