حلقة الوصل الأساسية بين الاقتصاد الإيراني والأسواق الدولية

كم عدد المستشارين التجاريين الإيرانيين في العالم؟

في ظل تحول تنمية الصادرات غير النفطية إلى أحد أهم الاستراتيجيات الاقتصادية الحيوية للبلاد، أصبح دور المستشارين التجاريين في تعزيز هذا الهدف الوطني أكثر أهمية وإلحاحًا من أي وقت مضى؛ ونظرًا للقيود وتقلبات العوائد النفطية، سعت إيران في السنوات الأخيرة إلى رسم مسار جديد للنمو الاقتصادي وتحقيق عائدات عملة أجنبية مستدامة، وذلك بالاعتماد على القدرات المحلية، وتنويع الأسواق التصديرية، وزيادة التواجد في سلاسل القيمة العالمية.

وفي هذا السياق، يضطلع المستشارون التجاريون بدور حيوي كأذرع تنفيذية للدبلوماسية الاقتصادية الإيرانية لتحقيق هذه الأهداف، فهم يمثلون جمهورية إيران الإسلامية رسمياً في مجال التجارة الدولية، حيث تتلخص مهامهم الرئيسية في:

 

– تحديد الفرص الاقتصادية في البلدان المستهدفة.

 

– تسهيل التواصل بين رجال الأعمال الإيرانيين والشركاء الأجانب.

 

– تهيئة البنية التحتية اللازمة لتعزيز الصادرات وجذب الاستثمارات وتطوير التعاون الصناعي والتقني.

 

ويأتي ذلك في إطار الجهود الوطنية لتعويض النقص في الإيرادات النفطية من خلال تعزيز القطاعات الإنتاجية المحلية ودمجها في سلاسل القيمة العالمية، حيث أصبح المستشارون التجاريون حلقة الوصل الأساسية بين الاقتصاد الإيراني والأسواق الدولية.

 

وتشمل هذه المهام نطاقًا واسعًا من الإجراءات الاستراتيجية، بدءًا من: دراسة وتحليل الأسواق المستهدفة، وتقديم معلومات دقيقة للفاعلين الاقتصاديين المحليين، والمشاركة في المؤتمرات والندوات والمعارض الدولية المتخصصة، وتقديم الاستشارات للشركات الإيرانية لدخول أسواق جديدة، والتفاوض مع المسؤولين الاقتصاديين والتجاريين في الدول المضيفة لإزالة العقبات التصديرية، وذلك في إطار جهود شاملة لتعزيز التواجد التجاري الإيراني على الساحة الدولية.

 

بناءً على ذلك، قامت منظمة تنمية التجارة، في السنوات الأخيرة، بمضاعفة جهودها لتعزيز التواجد الفعال في الأسواق الخارجية من خلال تنفيذ برنامج مدروس لإرسال المستشارين التجاريين إلى الدول المستهدفة، مع التأكيد على استمرارية هذا النهج بكل عزم.

 

وحاليًا، يعمل أكثر من 23 مستشارًا تجاريًا إيرانيًا في عدد من الدول المختارة بعناية، تشمل العراق والصين وتركيا وصربيا والمجر وجنوب إفريقيا، وقد تم اختيار هذه الدول بناءً على معيارين رئيسيين: حجم التبادل التجاري الكبير مع إيران من جهة، ووجود إمكانات تصديرية واعدة وقابلة للتطوير من جهة أخرى.

 

وجاءت هذه الخطوة في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى تنويع القاعدة التصديرية للبلاد ومواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة، حيث يلعب المستشارون التجاريون دور المحفز الرئيسي لتعزيز التبادل التجاري والاستثماري بين إيران وهذه الأسواق الواعدة.

 

نشاط 23 مستشارًا تجاريًا

 

في هذا الصدد، صرح فرزاد بيلتن، المستشار الدولي لرئيس منظمة تنمية التجارة الإيرانية، قائلاً: يعمل حاليًا حوالي 23 من ممثلينا في دول مختلفة كمستشارين تجاريين، وتُعتبر هذه الدول في غالبيتها من الأسواق المستهدفة للصادرات الإيرانية، والتي تشمل دول الجوار؛ بالإضافة إلى دول بعيدة مثل الصين وجنوب إفريقيا وتركيا وصربيا والمجر.

 

وأضاف: يتركز عمل هؤلاء المستشارين على تعزيز العلاقات التجارية وتذليل العقبات أمام المنتجات الإيرانية، في إطار استراتيجية الدولة لتنويع الشركاء الاقتصاديين وزيادة الصادرات غير النفطية.

 

وتابع قائلاً: بناءً على الأهداف التجارية المحددة في منظمة تنمية التجارة وانسجاماً مع السياسات الكلية للبلاد في مجال الدبلوماسية الاقتصادية، يتم اختيار المستشارين التجاريين من بين الكفاءات المؤهلة سواء من داخل المنظمة أو خارجها، حيث يتم إرسالهم إلى الدول المستهدفة بعد الموافقة النهائية.

 

وأشار بيلتن إلى التركيز على الدول ذات الحجم التجاري الكبير مع إيران، وأوضح: لدينا أكثر من مستشار تجاري في بعض الدول، على سبيل المثال في العراق يوجد ثلاثة مستشارين في بغداد والبصرة وأربيل، كما يوجد ممثلان في الصين بمدينتي بكين وشنغهاي، وهذه السياسة مطبقة أيضاً على الدول المجاورة مثل أفغانستان وباكستان وروسيا وتركيا.

 

وتابع: تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز التواجد التجاري الإيراني في الأسواق الاستراتيجية وتسهيل التبادلات التجارية، حيث يتم توزيع المستشارين وفقاً للحجم التجاري والإمكانات الاقتصادية لكل دولة.

 

دور المستشارين التجاريين في المعارض

 

وحول الدور الفعال للمستشارين التجاريين في المعارض، قال المستشار الدولي لرئيس منظمة تنمية التجارة: تُعتبر المعارض من أهم الفعاليات التجارية في البلاد، ونحن ننظم سنوياً المعرض الدولي “إيران إكسبو”، والذي لاقى هذا العام إقبالاً كبيراً من التجار الأجانب.

 

وأضاف: هذا النجاح هو ثمرة جهود مستشارينا التجاريين وتعاون الأقسام الاقتصادية في السفارات والقنصليات عبر مختلف الدول. وتابع: يعمل مستشارونا على جذب المشاركين الأجانب وتسهيل مشاركة الشركات الإيرانية، مما يسهم في تعزيز الصادرات غير النفطية ويخلق فرصاً جديدة للتعاون الاقتصادي.

 

وأكمل بيلتن حديثه قائلاً: تم على هامش هذه المعارض إجراء مفاوضات عديدة أسفرت عن توقيع مذكرات تفاهم وعقود تجارية، كما تقوم منظمة تنمية التجارة بتقديم الدعم والرقابة والاستشارات اللازمة لشركاتنا للمشاركة في المعارض الدولية، سواء في الدول التي لدينا فيها مستشارون تجاريون أو تلك التي لا يوجد فيها مثل هذا التمثيل.

 

وأوضح: يعمل مستشارونا التجاريون أيضاً على دعوة الوفود التجارية الأجنبية لزيارة المعارض المحلية، بهدف تعريفهم بالطاقات الإنتاجية والتصديرية للبلاد، وأضاف مؤكداً: لا تقتصر مهام المستشارين التجاريين على تنظيم المعارض فحسب، بل يشمل نطاق عملهم مجالات متعددة تشمل: نقل معلومات السوق وتقديم الاستشارات للتجار الإيرانيين والأجانب، وجذب الاستثمارات الأجنبية، ومتابعة مشاريع الخدمات الفنية والهندسية، وإرسال معلومات المناقصات، وحل المعوقات البنيوية في مجالات الجمارك، النقل، البنوك والمواصفات.

 

وتابع: تلعب هذه الإجراءات دوراً محورياً في تسهيل عملية التصدير وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، حيث نسعى من خلال هذا النهج الشامل إلى خلق بيئة أعمال أكثر ملاءمة للشركات الإيرانية في الأسواق الدولية.

 

وقال بيلتن: يجب التأكيد على أن تعزيز دور المستشارين التجاريين وتوسيع نطاق شبكتهم أصبح ضرورة استراتيجية نظراً للأهمية المتزايدة لوظائفهم في تحديد الفرص التصديرية وإزالة الحواجز التجارية.

 

وأضاف: إن تطوير هذا الجانب من شأنه أن يمكن هذه الشبكة من لعب دور حاسم في تعزيز الصادرات غير النفطية، ورفع مستوى العلامة التجارية الوطنية، وترسيخ مكانة إيران في الأسواق الإقليمية والعالمية خلال المستقبل المنظور.

 

المصدر: الوفاق خاص