في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، لم تعد الألعاب مجرد أدوات للترفيه، بل أصبحت منصات تربوية وثقافية تحمل رسائل عميقة وتؤثر في تشكيل وعي الأجيال. إيران، رغم امتلاكها رصيدًا غنيًا من التراث الثقافي والفني، لا تزال تواجه تحديات كبيرة في ترسيخ صناعة ألعاب محلية ذات مضمون تربوي وهوية وطنية واضحة.
فعالية “بازيستا”، التي نظّمتها “حوزه هنري” في قسم شؤون الطفل والناشئة بالتعاون مع مؤسسات علمية وثقافية، تمثل خطوة جادة نحو تمكين الناشئة من تصميم ألعاب تجمع بين الإبداع والمحتوى الإيراني الإسلامي. هذا الحدث لم يكن مجرد مسابقة، بل منصة تعليمية وتربوية أتاحت للمشاركين التعبير عن أفكارهم وتحويلها إلى نماذج ألعاب واقعية، في محاولة لسد الفجوة بين الإنتاج المحلي والتأثير الثقافي العالمي.
إيران تمتلك بنية تحتية قوية
رئيس قسم شؤون الأطفال والناشئة في “حوزه هنري” علي جانباز، أشار إلى أن غياب الاستثمار الكافي في ألعاب الأطفال أدى إلى هيمنة النماذج الأجنبية على السوق، ما خلق تحديًا في الحفاظ على الهوية الثقافية. لكنه أكد أن إيران تمتلك بنية تحتية قوية في مجالات التصميم، الطباعة، والتغليف، ما يؤهلها لتطوير ألعاب مكتبية وبيئية قادرة على المنافسة إقليميًا وعالميًا.
من جهة أخرى، أكد جانباز على أهمية دمج الفنون المتعددة في تصميم الألعاب، معتبرًا أن هذه الصناعة ليست فقط ترفيهية، بل تحمل أبعادًا تربوية ونفسية، وتُسهم في تنمية المهارات الاجتماعية والمعرفية لدى الأطفال والناشئة.
ورغم التحديات المالية والبنيوية، فإن دعم المؤسسات الثقافية والمبادرات التعليمية مثل “بازيستا” يفتح آفاقًا جديدة أمام صناعة الألعاب في إيران. فالمستقبل لا يُبنى فقط بالتقنيات، بل بالقدرة على تحويل الثقافة إلى تجربة تفاعلية تُلهِم وتُربّي.
دور الألعاب في التربية والنمو المعرفي
وأشار جانباز إلى أن الألعاب تُعد أدوات قوية في تعليم وتربية الأطفال والناشئة، فهي لا تقتصر على نقل المفاهيم، بل تُسهم أيضًا في تعزيز المهارات المعرفية والنفسية. فالألعاب الفيزيائية مثل الألعاب المكتبية تُساعد في النمو الاجتماعي، تقوية مهارات التواصل، وحتى تطوير وظائف الدماغ التنفيذية.
الفن في تصميم الألعاب
كما أكد على أهمية دمج الفنون المختلفة في صناعة الألعاب، موضحًا أن الألعاب تُعد أعمالًا فنية متعددة الأوجه، حيث تتداخل فيها عناصر مثل التصميم الجرافيكي، التصوير، الكتابة، والموسيقى. وهذا ما يجعل صناعة الألعاب ليست فقط ذات قيمة فنية، بل ثقافية أيضًا.
إيران وصناعة الألعاب عالميًا
وفيما يتعلق بالمشهد العالمي، قال جانباز: إن دولًا مثل تركيا ودول الخليج الفارسي حققت تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال، ويمكن لإيران أن تنمو من خلال التبادل الثقافي والفني مع هذه الدول. وبفضل الإمكانات الثقافية والفنية التي تمتلكها إيران، يمكنها أن تلعب دورًا مهمًا في إنتاج ألعاب ذات محتوى إيراني وإسلامي.