وصرّح لاريجاني: أعتقد أن حزب الله وحركات المقاومة لديهم النضج السياسي الكافي، ويدركون جيداً ما هي المصالح التي يجب مراعاتها لبلدانهم، وليسوا بحاجة إلى وصاية، وإيران ليست دولة تهزها هذه الرياح كما يظن البعض.
وفيما يتعلق بالاتفاقية الأمنية مع العراق، قال لاريجاني: إن الهدف الرئيسي من هذه الاتفاقية هو منع أي جهة أو دولة من زعزعة أمن أحد البلدين، لذا فإن الفكرة الرئيسية وراء هذه الاتفاقية هي إرساء الاستقرار في العلاقات بين البلدين. وأضاف: نعتقد أن هذه الاتفاقية نموذج للتعاون الأمني يمكن تعميمه على دول أخرى، أي أن هدفنا هو أن تكون جميع دول المنطقة آمنة وقوية. وتابع: إن الشعب العراقي شعب شجاع وليس بحاجة إلى فرض إملاءات عليه؛ مضيفًا أنه “أجرى لقاءات متعددة في بغداد، وتم التطرق خلالها إلى موضوعات إقليمية”.
وقال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي: أنه تم توقيع مذكرة تفاهم أمنية مع العراق، هدفها عدم ترك مجال للآخرين للإخلال بأمن البلدين، مؤكدًا في الوقت نفسه أن “إيران تفكر بأمن المنطقة كافة”، معرباً عن “شكره للعراق لتقديمه الخدمة لزائري الأربعين”.
وتم توقيع الاتفاقية الأمنية بين إيران والعراق من قِبل علي لاريجاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وقاسم الأعرجي مستشار الأمن القومي العراقي، بحضور رئيس الوزراء العراقي أمس الأول.
*أساس للأمن المستدام في المنطقة
كما قال لاريجاني في مقابلة صحفية: إن الاتفاقية الأمنية بين إيران والعراق توفر أساساً لأمن مستدام لكلا البلدين. وأشار إلى التقارب العميق بين إيران والعراق، واعتبر الحضور الحماسي للزوار في مراسم الأربعين الحسیني(ع) رمزًا للرابطة غير القابلة للكسر بين البلدين. وأكد أنه لابد من تمهيد الأرضية للتعاون الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين البلدين بشكل أكبر، وأساسه خلق الأمن المستدام.
وقال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي: إن الاتفاقية الأمنية بين إيران والعراق توفر أساساً لأمن مستدام لكلا البلدين، ونأمل أن تنفذ هذه الاتفاقية بالكامل وأن تتابعها الأجهزة الأمنية المختلفة، كما تم وضع آلية لمراقبة تنفيذها، مما سيسهم إن شاء الله في استقرار الأمن بين البلدين. وأشار إلى المحادثات التي جرت بشأن التعاون الاقتصادي وإنشاء ممرات مشتركة، والتي يمكن أن يكون لها “نتائج جيدة” لكلا البلدين.
وأعرب لاريجاني عن ارتياحه لعزم الجانب العراقي على احترام الأمن المستدام لإيران، وقال: خلال المحادثات، شعرت أن هذا العزم موجود لدى أصدقائنا العراقيين، ونحن عازمون أيضاً، والاتفاق بشأن هذه القضية سيساهم كثيراً في تعزیز تعاوننا مع العراق في مختلف القطاعات.
*الترحيب بالحوار مع دول المنطقة ودعم جبهة المقاومة
وأشار لاريجاني إلى مقترح عقد اجتماع مشترك مع دول الخليج الفارسي والدول العربية، وقال: قدّم وزير الخارجية العراقي مقترحاً سبق طرحه، أي أنه بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية تم اقتراح مثل هذه الآلية حتى نتمكن من العمل على هذه القضية في المستقبل. وأضاف: نحن لا نعارض توسيع التعاون الأمني بين إيران ومختلف دول المنطقة ونرحب بهذه القضية.
وفيما يتعلق بنشاط جبهة المقاومة في المنطقة، قال: جبهة المقاومة جزء لا يتجزأ من شعوب المنطقة، وتسعى لتحقيق مصالحها وتعتبر كل مجموعة من هذه المجموعات ثروة وطنية في بلدها، ولديها فهم جيد للوضع، وتعرف ما يجب فعله في كل لحظة ومن هذا المنطلق، أعتقد أنه ينبغي بذل كل الجهود للحفاظ على هذه القدرة.
وكان قد دعا فؤاد حسين، وزير الخارجية العراقي، مساء الاثنين، خلال لقائه مع لاريجاني إلى عقد اجتماع مشترك بين إيران والعراق ودول مجلس التعاون الخليج الفارسي الست، بصيغة “6+2″، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمناقشة الوضع في المنطقة.
وأفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية العراقية، بأن حسين قال بخصوص العلاقات الثنائية ومشروع سكة حديد شلمجة-البصرة: “في هذا الاجتماع، نوقشت مسألة السكك الحديدية والتحديات التي تواجه تنفيذها، بما في ذلك إزالة الألغام وغيرها من العقبات، واتفقنا على أن يتابع الطرفان هذه القضايا من خلال المؤسسات المعنية لإيجاد حل مناسب”. كما أشار حسين إلى “فكرة مد هذا الخط الاستراتيجي من منطقة خسروي في إيران إلى خانقين وبغداد”، مضيفًا: “إن تنفيذ هذا المشروع من شأنه تعزيز العلاقات الاقتصادية وتنشيط السياحة الدينية، وهناك إمكانية مستقبلية لربطه بمشروع طريق التنمية”.
وأضاف البيان أن الجانبين استعرضا التطورات الإقليمية والأمنية، بما في ذلك الوضع في غزة، و”خطر احتلال الكيان الصهيوني لهذه المنطقة ومحاولة تهجير سكانها إلى مصر”، بالإضافة إلى “تهديدات الكيان بضم الضفة الغربية”. كما ناقشت المحادثات التهديدات الموجهة لإيران، والتطورات في سوريا، وتداعياتها على الاستقرار الإقليمي.
وأكد وزير الخارجية العراقي على “ضرورة إنشاء آليات مشتركة للتعاون الأمني على المستوى الإقليمي”، قائلاً: “ناقشنا أيضًا مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأمن الإقليمي، ومقترح عقد اجتماع 6+2 على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة”.
وفي ختام اللقاء، شكر لاريجاني حسين “على جهوده ومواقفه خلال حرب الكيان الصهيوني ضد إيران”، وأشاد “بسياسة العراق المتوازنة في العلاقات الدولية”.
*لاريجاني والمشهداني يبحثان تعزيز العلاقات
كما بحث أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لدى لقائه مع رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني، مساء الإثنين، ملف العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها. وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب العراقي، في بيان، أن “رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، استقبل، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني والوفد المرافق له، وبرفقة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي”.
و”أشاد لاريجاني بمواقف المشهداني تجاه إيران وفلسطين”، مؤكدًا، أن “وجود المشهداني كرئيس لمجلس النواب بخبرته المتراكمة له دورٌ كبير وملحوظ”، مجددًا “دعم إيران للعراق حكومة وشعبا”، وموجهًا “دعوة رسمية للمشهداني لزيارة إيران في أقرب وقت”.
وأوضح بيان المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب العراقي، أن “المشهداني رحّب بالوفد الزائر، إذ نقل تحيات الرئيس بزشكيان له”. وأكد المشهداني، حسب البيان، على “عمق العلاقة التي تجمع البلدين، اجتماعيًا وثقافيًا ودينيًا وسياسيًا”، ودان المشهداني “العدوان الصهيوني الأخير على إيران”، مثمنًا في الوقت نفسه “مواقفها تجاه العراق وشعبه”. وتابع البيان، أن “اللقاء ناقش أيضًا ملفّ العلاقات الثنائية وسُبل تعزيزها، كما بحث الأوضاع الإقليمية، وما تشهده الساحة الدولية من أزمات، وأبرزها الحرب الظالمة على قطاع غزة وتجويع شعبها”.
*زيارة تُبرز أهمية العراق في السياسة الخارجية الإيرانية
من جانبها، أعلنت السفارة الإيرانية في العراق، في منشور لها على حسابها الرسمي على موقع “إكس”، تعليقًا على زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إلى بغداد، أن هذه الزيارة وتوقيع مذكرة التعاون الأمني بين البلدين يُظهران أهمية العراق ومكانته الخاصة في السياسة الخارجية الإيرانية.
وزار أمين المجلس الأعلى للأمن القومي يوم أمس أيضاً، مواكب الخدمات لزوار الأربعين في الكاظمية، وتفقّد وضع الخدمات المقدمة للزوار في هذه المواكب.
وفي ختام زيارته للعراق، أعلن لاريجاني أنه سيبقى في بغداد حتى مساء الثلاثاء وبعدها يتجه إلى محطته الثانية في لبنان.