بريطانيا تواجه ضغوطاً شعبية متصاعدة لمعاقبة الكيان الصهيوني فوراً

يواجه رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، ضغوطاً متصاعدة لاستدعاء البرلمان من عطلته بشكل عاجل، من أجل مناقشة «فرض عقوبات فورية» على  كيان العدو الصهيوني. وكتب عدد من كبار السياسيين من الأقاليم الخاضعة للندن، في إسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية، رسالة مشتركة، حثّوا فيها ستارمر على اتّخاذ إجراءات حاسمة لإنهاء «الإبادة الجماعية» في قطاع غزة. وأتت هذه الرسالة، التي حظيت بدعم شخصيات بارزة من أحزاب متعدّدة، استجابةً لمطالب شعبية ونيابية مستمرّة بفرض عقوبات على كيان الاحتلال ، وتعبيراً عن الاستياء من حملة التغوّل الحكومي ضد الاحتجاجات المؤيّدة لفلسطين.

 

ومن بين الموقّعين البارزين عليها، الوزيرة الأولى لإيرلندا الشمالية ميشيل أونيل، وزعيمة حزبَي «الاشتراكي الديمقراطي» و«العمل» كلير حنا، وزعيم «الحزب القومي الإسكتلندي» في وستمنستر ستيفن فلين، والزعيمة المشاركة لـ»حزب الخضر» الإسكتلندي لورنا سلاتر، وزعيم حزب «بلايد كامري» الويلزي رون أب إيورورث، وزعيمة كتلته في وستمنستر (مقرّ البرلمان البريطاني في لندن) ليز سافيل-روبرتس.

 

وممّا جاء في نص الرسالة، أن «الكارثة الإنسانية التي تتكشّف في غزة، هي من صنع البشر ويمكن تجنّبها»، وأن كيان العدو  «لا يعتمد القصف والتدمير المستمرَّيْن فحسب، بل ويخلق على نحو متعمَّد ظروفاً لتجويع السكان المدنيين. إن منع الغذاء والماء والإمدادات الطبية قد أدّى إلى ما تصفه وكالات الأمم المتحدة وخبراء الشؤون الإنسانية بأنه مجاعة بقرار؛ مجاعة تحصد الأرواح بسرعة وتلحق أضراراً لا يمكن إصلاحها بسكان يعانون أصلاً من صدمات سيكولوجيّة عميقة». وطالب الموقّعون، ستارمر، بإنهاء جميع مبيعات الأسلحة لكيان العدو، ودعم “تحقيقات دولية مستقلّة في جرائم الحرب المزعومة والجرائم ضدّ الإنسانية وأعمال الإبادة الجماعية في غزة”.

 

وشدّدوا على أنه يجب على بريطانيا استخدام «نفوذها الدبلوماسي للضغط من أجل إيصال الغذاء والماء والدواء والمساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى شعب غزة». كما نقلت صحف لندن عن النائبة ليز سافيل-روبرتس، قولها إن استدعاء البرلمان «سيمنح النواب الفرصة للتدقيق في الإجراءات غير الكافية للحكومة البريطانية في مواجهة أزمة دولية وإنسانية متزايدة، والمطالبة بخطوات فورية وحاسمة يمكن المملكة المتحدة من خلالها المساهمة في وضع حدّ للدمار».

 

ويأتي هذا التصعيد النيابي، بينما تتزايد حدّة الجدل الداخلي حول الإجراءات الحكومية ضدّ الناشطين المؤيّدين لتنظيم «الحركة من أجل فلسطين» (بالستاين آكشن)، والذي أذكاه أيضاً رفع ناشطين شكوى ازدراء محكمة ضدّ وزيرة الداخلية، إيفيت كوبر، باعتبار أنها ضلّلت الجمهور بقولها إن «بالستاين آكشن» تمّ حظرها «بسبب العنف ضد الأشخاص»، بينما تُظهر الوثائق القانونية أن القرار استند إلى إلحاق أضرار بالممتلكات، وتحديداً في مواقع شركة «أنظمة إلبيت» (Elbit Systems) الكيان لصناعة الأسلحة في المملكة المتحدة.

 

وكانت كوبر اعترفت علناً، في مقال لها في صحيفة «أوبزرفر» الأسبوعية، بأن كيان العدو  يرتكب «جرائم ضدّ الإنسانية»، مؤكدةً حقّ التظاهر ضدّ الوضع الكارثي في غزة، ومستدركةً بأن «هذا الحقّ لا يمتدّ إلى العنف والترهيب وإلحاق الأذى». إلّا أن ناشطين مؤيّدين لفلسطين، اعتبروا أن دفاعها عن حظر «بالستاين آكشن» في المقال نفسه، كان «مضلِّلاً».

 

وعليه، وجّهت منظمة «دافعوا عن هيئات محلّفينا» (Defend Our Juries)، رسالة إلى المدعي العام ريتشارد هيرمر، حذّرت فيها من أن تصريح الوزيرة يرقى إلى مستوى ازدراء المحكمة، لأنه «يمنع المحاكمات العادلة للمتهمين»؛ علماً أن شرطة العاصمة كانت اعتقلت ما يقرب من 600 متظاهر تجمّعوا في ساحة البرلمان، الأسبوع الماضي، للاحتجاج على حظر الحركة، ورفعوا لافتات تندّد بالإبادة في غزة. وقالت الشرطة إن المتظاهرين، ومن بينهم عشرات المتقاعدين من كبار السن، خرقوا «قانون مكافحة الإرهاب»، وأصبحوا عرضة لمواجهة عقوبات قد تصل إلى 14 سنة سجنية.

 

وفي سياق متّصل، حذّر مكتب رئيس الوزراء في «10 داونينغ ستريت»، من أن الكاتبة الإيرلندية، سالي روني، قد ترتكب جريمة إرهابية بعد إعلان نيّتها التبرّع بعوائد عرض أعمالها على تلفزيون «هيئة الإذاعة البريطانية» لدعم «الحركة من أجل فلسطين». وردّت روني بتحدٍّ، قائلة: «إذا كان دعم (بالستاين آكشن) يجعلني داعمة للإرهاب بموجب قانونكم، فَلْيكن».

 

ويجيء ذلك في وقت يستمرّ فيه الحراك المباشر ضدّ الشركات المتورّطة في تزويد كيان العدو  بالأسلحة؛ إذ حاصر نشطاء مدخل مصنع «ليوناردو» للأسلحة في إدنبرة للمرّة الثانية خلال شهر، ما أدّى إلى اعتقال شخصين بموجب قانون الإرهاب السيّئ الصيت. وكانت المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلّة، فرانشيسكا ألبانيز، اتّهمت الشركة بأنها «مكوّن رئيسي» من المجهود الحربي للكيان في غزة.

 

 

 

المصدر: وكالات