في أجواء احتفالية غنية بالرمزية الثقافية، احتضنت مدينة تبريز فعاليات المؤتمر الدولي لتكريم الشاعر الإيراني الكبير محمد حسين شهريار، بمناسبة يوم الشعر والأدب الفارسي، الذي كان يصادف ذكرى رحيله. الحدث الذي امتد ليومي 17 و18 سبتمبر، جمع أدباء ومفكرين من ثماني دول، وشهد إطلاق برامج ثقافية متعددة، أبرزها إصدار موسوعة «تبریزنامه» الأدبية، وتدشين جائزة موسيقية مستوحاة من أشعار شهريار.
رئيس الجمهورية: شهريار حافظ راية الكبار
في رسالة مؤثرة وجّهها إلى المؤتمر، قال الرئيس مسعود بزشكيان: إن شهريار صان الراية التي حملها كبار الشعراء من رودكي وفردوسي إلى حافظ وسعدي، واعتبر تكريمه تكريماً لتراث الأدب الفارسي الزاخر بالقيم الإنسانية.
وتابع رئيس الجمهورية: إن ايران هي ارض الشعر والأدب والملحمة والعرفان والعشق، وفي هذا الخضم، فإن أمير الشعر الفارسي أبقى على سراج الشعر ومرآته لا سيما الغزل، منيراً في عصرنا.
وأضاف: “يمكن رؤية إيران الإسلامية في شعر شهريار، تلك التي تضم جميع الأذواق والتنوعات”، مشيداً بديوانه الذي يعكس حب الوطن، والإبداع، والعشق، والتوحيد. واختتم الرئيس رسالته بقصيدة للشاعر الراحل، تحمل رسالة حب الحياة.
وزير الثقافة: شهريار جسر بين النخبة والناس
وفي كلمته خلال حفل الإختتام، وصف وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، سيد عباس صالحي، شهريار بأنه شاعر حيّ في وجدان الأمة، يجمع بين اللغة الكلاسيكية والعامية، وبين الشرق والغرب. وأكد أن شهريار كتب بلغتين الفارسية والتركية، بإبداع متوازن، وله جمهور واسع في كلتا اللغتين، مشيراً إلى أن أعماله مستلهمة من القرآن والأحاديث، وتحمل محبة عميقة للإمام علي(ع).
كما أكد صالحي على أن تبريز كانت وما زالت رمزاً للأدب والمقاومة، وأن الشعر في إيران ليس مجرد فن، بل هو روح البلاد، وجزء من هويتها الثقافية الممتدة من زرادشت إلى العصر الحديث.
وأضاف أن شهريار، بفضل إلمامه بالأدب الفرنسي، استطاع أن يخلق توليفة مزينة تجمع بين العاطفة الإيرانية والذوق الغربي، مما جعله جسراً ثقافياً بين الشرق والغرب.
برامج ثقافية وتكريمات رمزية
شهد المؤتمر إطلاق موسوعة «تبریزنامه» في خمسة مجلدات، أعدّها الشاعر والباحث صالح سجادي، باللغتين التركية والفارسية، توثق حضور تبريز في أدبيات الشرق. كما أعلن الناشط الثقافي علي بولاد عن جائزة بقيمة 10 آلاف دولار لأفضل عمل موسيقي مستوحى من أشعار شهريار، في خطوة تؤكد أن الثقافة والفن هما من يصنعان العالم.
وفي لفتة رمزية، زار الوزير صالحي “مقبرة الشعراء” في تبريز، حيث ووريَ الثرى شهريار إلى جانب أكثر من 400 شاعر بارز، ووضع الزهور على قبورهم، كما تابع أعمال الترميم الجارية في هذا المعلم الثقافي.
استمرار الفعاليات لعام كامل
من جهته أعلن الأمين العام للمؤتمر، علي أصغر شعردوست، أن الفعاليات ستستمر على مدار عام كامل، وتُختتم في الذكرى السنوية القادمة لوفاة شهريار، مؤكداً أن النقد البنّاء مرحّب به لتطوير العمل الثقافي.
من جهته، قال روح الله متفكرآزاد، عضو هيئة رئاسة البرلمان: إن شهريار أعاد إحياء الشعر الكلاسيكي، وأثبت أن الأدب الفارسي قادر على التعبير عن وحدة إيران بتنوعها القومي، مضيفاً: “يمكنك أن تكون تركياً أو عربياً أو فارسياً أو لُرياً وتسطع في سماء الأدب، كما فعل شهريار”.