حصل كهف «سنك شکنان» في جهرم على لقب أكبر كهف محفور يدويًا في العالم، لكن الكثير من الإيرانيين وحتى اهالي محافظة فارس لم يسمعوا باسمه أو عنوانه بعد.
تم تسجيل حوالي ثلاثة آلاف ومئتي موقع تراثي، غير ملموس وطبيعي في محافظة فارس ضمن قائمة الآثار الوطنية للبلاد، وتحتل هذه المحافظة المرتبة الأولى في البلاد من هذه الناحية؛ ومع ذلك، فإن عدداً محدوداً فقط من هذه المعالم أصبح شهيراً ودخل ضمن برامج زيارات السياح المحليين والأجانب.
في مكان غير بعيد من النسيج الحضري لمدينة جهرم، يقع أحد أكثر الآثار التاريخية الإيرانية إثارة للدهشة ؛ كهف هائل ببنية معمارية فريدة، هو نتاج جهود أجيال متعاقبة من نحّاتي الحجر المحليين، ويُعرف الآن بأنه أكبر كهف منحوت باليد في العالم.
يقع كهف «سنك شکنان» في جنوب مدينة جهرم، وهو أثر فريد يعود تشكله إلى العصر الصفوي. كان هذا الكهف في الأصل مقلعًا للحجارة البنائية، استمر استخراج الحجارة منه على مدى قرون، وكانت نتيجة ذلك إنشاء مساحة شاسعة ومنظمة في قلب الجبل.
للكهف حاليًا ١٢ مدخلًا، ويبلغ طوله حوالي ٢٠٠ متر، ويتراوح عرضه بين ٦٠ و١٣٠ مترًا، بمساحة إجمالية تبلغ حوالي ٢٠ ألف متر مربع. يوجد في داخله أكثر من ١٠٠ عمود حجري متين، مما يُسهم في متانة سقف الكهف،لم تحفظ هذه الأعمدة الهيكل من الانهيار فحسب، بل أوجدت أيضاً نوعاً من النظام الهندسي في الفضاء الداخلي يدهش الزوار. مثل هذا الطراز المعماري بهذا الحجم نادراً ما يُشاهد في أي مكان آخر من العالم.
يمكن اعتبار الكهف مثالاً بارزاً على دمج المعرفة الهندسية التقليدية، وفهم الجيولوجيا المحلية، وخبرة الأجيال العاملة. جيولوجيا المنطقة هي بحيث توجد بين طبقتين صلبتين طبقة واحدة لينة نسبياً وضعيفة المقاومة بسماكة حوالي خمسة أمتار. هذه الطبقة كانت الأساس الرئيسي لاستخراج الحجارة.
كهف «سنك شکنان» عبر الزمن
قام نحاتو الصخور في جهرم، من خلال فهمهم الكامل لهذه الخاصية الجيولوجية، باستخراج الحجارة بشكل مدروس. فبعد كل عشرة أمتار من الاستخراج، كانوا يتركون عموداً صلباً من الصخر حتى لا ينهار السقف. ونتيجة لذلك، تشكلت شبكة منتظمة من الأعمدة الضخمة جعلت من هذا الكهف شبيهاً بقاعة حجرية طبيعية.
بعض الأعمدة لم تُستخرج بسبب وجود شقوق وفواصل فيها، لأنها كانت تزيد من خطر الانهيار. هذا الحرص في الاستخراج يدل على مهارة تتجاوز مجرد عملية استخراج بسيطة؛ وكأننا أمام نوع من العمارة الصناعية التقليدية.
وقد تم تسجيل هذا الأثر القيم في قائمة الآثار الوطنية الإيرانية. وعلى الرغم من هذا التسجيل الرسمي، إلا أن الكهف لم يحظ بعد بالاهتمام الكافي من حيث التعريف والحماية والاستفادة السياحية. كما أن أغلب سكان محافظة فارس ليس لديهم معرفة كافية بهذا التراث الفريد. في حين أن محافظة فارس، بفضل معالمها التاريخية مثل مجموعة زندية، وحرم شاهجراغ، ومقبرتي حافظ وسعدي، وتخت جمشيد، وباسارغاد، تستقبل سنوياً ملايين السياح المحليين والأجانب. وفي هذا السياق، يمكن أن يكون هذا الكهف واحداً من أبرز المعالم السياحية في جنوب المحافظة؛ وخاصة بالنسبة للسياح المهتمين بالأعمال الهندسية تحت الأرض والتاريخية والتقليدية.
كهف «سنك شکنان» ليس مجرد منجم قديم أو ظاهرة جيولوجية؛ بل هو رمز للقدرة الهندسية، والعمارة التقليدية، والذوق الفني لأهل هذه الأرض عبر التاريخ. هذا الأثر الفريد الذي يحمل لقب «أكبر كهف محفور يدويًا في العالم»، يمكن أن يتحول مع الإدارة الصحيحة والاستثمار الموجه إلى رمز للسياحة المستدامة في جنوب إيران.
زيارة كهف جهرم سهلة ومتاحة لجميع السياح
وقال علي محمد لطفي بور رئيس إدارة التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية في جهرم: إن كهف جهرم يتمتع بموقع جيد، وزيارته سهلة ومتاحة لجميع السياح، يقع هذا الكهف ضمن حدود مدينة جهرم ويبعد أقل من 15 دقيقة عن وسط المدينة، والطريق المؤدي إلى الكهف معبد بالكامل ومناسب، والوصول إليه سهل للغاية.