الفن في خدمة الذاكرة والنهج

ريشة الوعي المقاوم.. لوحات تُخلّد سيد شهداء الأمة

الوفاق: الذكرى السنوية لإستشهاد سيد شهداء الأمة لم تكن مجرد مناسبة، بل كانت لحظة ثقافية فارقة، شارك فيها الفنانون كجنودٍ في معركة الوعي، حاملين راية "لن تسقط"، ومرسّخين أن الدم لا يُمحى، بل يُخلّد.

في لحظةٍ تتجاوز حدود الزمان والمكان، يقف الفن شاهداً على الدم، وناطقاً باسم الوجدان. الذكرى السنوية لاستشهاد سيد شهداء الأمة لم تكن مجرد محطة تأبينية، بل تحوّلت إلى مشهد ثقافي حيّ، حيث امتزجت الريشة بالرمز، والنغمة بالحقيقة، واللون بالوفاء. في حضرة الشهادة، يصبح الفن أكثر من تعبير، إنه مقاومة ناعمة، وذاكرة لا تموت، وخطابٌ يعيد تشكيل الوعي الجمعي للأمة.

 

 

شارك الفنانون في صياغة سردية ثقافية جديدة، تتجاوز البُعد التأبيني نحو التأسيس الرمزي، وتُعيد إنتاج صورة الشهيد كقائد حيّ في ضمير الشعوب. هذا المقال يتناول قراءة تحليلية لهذه المشاركة الفنية، ويستعرض كيف تحوّل الفن إلى فعل مقاوم، وإلى ذاكرة نابضة في حضرة الشهادة.

 

 

في الذكرى السنوية لاستشهاد سيد شهداء الأمة، تحوّلت الساحة الثقافية إلى فضاءٍ نابضٍ بالحياة، حيث التقت الذاكرة الشعبية مع التعبير الفني، لتعيد إنتاج صورة الشهيد في وجدان الأمة، لا كرمزٍ غائب، بل كقائدٍ حيّ في الوعي الجمعي.

 

 

الفن كأداة مقاومة

 

 

لم يكن الفن في هذه الذكرى مجرد وسيلة تعبير، بل تحوّل إلى فعل مقاوم، يواجه النسيان، ويؤسس لثقافة الوفاء. من الجداريات إلى الأوبريت، ومن الورش التفاعلية إلى المعارض الرقمية، شارك الفنانون في صياغة سردية جديدة للشهادة، تتجاوز البُعد السياسي لتلامس الروح والوجدان.

 

فعاليات الذكرى السنوية الأولى

 

انطلقت الفعاليات تحت شعار “إنا على العهد”، وامتدت من 25 أيلول حتى 12 تشرين الأول، وتشمل فعاليات ثقافية فنية مختلفة، منها إضاءة صخرة الروشة في بيروت بصورتي الشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، ضمن عرض بصري وفني مهيب.

 

يوم تلفزيوني وإذاعي طويل تشارك فيه أكثر من 70 فضائية وإذاعة، بتنظيم من اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية.

 

مسيرات كشفية وشعبية في مختلف المناطق اللبنانية، جسدت التلاحم الشعبي مع نهج المقاومة، إقامة ورشات فنية كورشة “إن دماءك ثورة”، ففي هذا المقال نتطرق إلى نبذة مختصرة عن اللوحات الفنية التي تم إنجازها في هذه الورشة.

 

 

لوحات فنية.. الذاكرة البصرية للشهادة

 

أُقيمت ورشة  “إن دماءك ثورة” كمحاولة لتحويل دم الشهيد إلى رمزٍ ثوري بصري. شارك فيها فنانون شباب من مختلف التخصصات، وقدموا أعمالاً تجريدية وتفاعلية، أبرزها لوحات تُجسّد لحظة الانفجار كولادة جديدة للوعي المقاوم.

 

التصاميم الفنية من ورشة “إن دماءك ثورة” التي نفذتها خلية خط في أجواء الذكرى السنوية الأولى لشهادة سيد شهداء الأمة شكّلت مساحة فنية نابضة، حيث امتزجت الريشة بالوجدان، وتحولت الدماء إلى رموز بصرية تعبّر عن الصمود والولادة من جديد. اللوحات التي أُنجزت في هذه الورشة لم تكن مجرد أعمال تشكيلية، بل كانت صرخات لونية تنبض بالوفاء، وتعيد رسم ملامح القائد في ذاكرة الأمة، مؤسِّسةً لخطاب فني مقاوم يتجاوز اللحظة نحو الأبد،  فنذكر بعضها فيما يلي:

 

– لوحة “إن دماءك ثورة”: هناك لوحتان تحت هذا العنوان، الأولى للفنان “علي خريباني” يرسم فيها صورة الشهيد السيد حسن نصرالله وتحتها ساحة النضال ومكتوب في اللوحة “إن دماءك ثورة”.

 

أما اللوحة الثانية للفنان “حسن فرحات” وهي أيضاً صورة سيد شهداء الأمة بأسلوب الرسم والخط ومكتوب تحتها “إن دماءك ثورة”.

 

– لوحة “السيد نهجنا”: أما هذه اللوحة للفنانة “زينب شكر” و هي ترسم صورة سيد شهداء الأمة وفي مركزها جنود المقاومة والزهور والحمائم، وترسم نهج المقاومة على نهج الشهيد السيد حسن نصرالله.

 

– لوحة “خيارنا المقاومة”: للفنانة “بتول موسى قصير”، نشهد فيها صورة الشهيد نصرالله ورجال ونساء المقاومة ، وقد كتب في اللوحة: “معنى المقاومة أن يختار الإنسان طريقاً يعدّه الطريق الحق، والطريق الصحيح ويسير فيه، ولا تستطيع الموانع والعقبات صدّه عن السير في هذا الدرب وإيقاف مسيرته”.

 

– لوحة “سيبقى صوتك يصدح”: للفنان “علي بسام”، التي تحتوي على صور مختلفة من سيد شهداء الأمة منذ شبابه حتى استشهاده، وتم فيها كتابة “قطعا سننتصر”.

 

– لوحة “لم ترحل”: للفنانة “سارة إسماعيل”، وهي تعبر عن شخص يحمل صورة الشهيد السيد حسن نصرالله.

 

– لوحة “يا حبّاً في قلب مجاهد”: للفنان “حسن فنيش” وهي صورة السيد حسن نصرالله و مكتوب فيها : “يا حباً في قلب مجاهد يولد ثورة”.

 

– لوحة “على النهج باقون”: للفنانة “غدير رعد”، وهي ترسم يد سيد شهداء الأمة رافع في يده السلاح والشعب على طريقه يهتف.

 

– لوحة “عصارة فضائل لبنان”: للفنان “محمد علي كركي” وهو يرسم صورة الشهيد نصرالله كميدالية ذهبية على علم لبنان. وهناك لوحات كثيرة أخرى في هذا المجال.

 

 

لوحات خطية

 

وهناك لوحات تم إنجازها بالخط، منها:

 

– لوحة “سيد الأمة”: للفنان ريان مصطفى، كتب فوقها “رافع راية المقاومة” وفي وسطها مكتوب “سيد الأمة” وعلى جانبها “إنه من سنخ العزاء على أبي عبدالله الحسين(ع)، وتحتها في التقويم نشهد تاريخ استشهاد سيد الأمة بالنقطة الحمراء الدامية، وهي 27 سبتمبر.

 

 

 

 

– لوحة “سنمضي في درب الجهاد”: للفنان رضا قصير، وكتب فيها بخط جميل على أسلوب الرسم “سنمضي في درب الجهاد، حتى النصر في ركاب الامام المهدي(عج) أو الشهادة في رحاب الامام الحسين(ع)”.

 

– لوحة “لن تسقط الراية”: عمل فني بصري يجسّد قبضة يد ترتفع من ركام الانفجار، تحمل راية مكتوب عليها “ما تركتك يا حسين”، في إشارة إلى استمرارية النهج رغم الاستهداف.

 

 

من التوثيق إلى التأسيس

 

ما يميز هذه الذكرى هو انتقال الفن من مرحلة التوثيق إلى مرحلة التأسيس. لم يعد الفن مجرد أرشيف بصري، بل أصبح أداة لتشكيل الهوية الثقافية للمقاومة. الفنانون لم يكتفوا بتخليد صورة الشهيد، بل أعادوا إنتاجها في سياقات جديدة، تربط بين الماضي والحاضر، وتؤسس لمستقبلٍ لا يُنسى فيه القادة.

 

 

معركة الوعي

 

 

في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتُهدد فيه الذاكرة، يثبت الفن المقاوم أنه الحارس الأمين للوجدان الجمعي. الذكرى السنوية لإستشهاد سيد شهداء الأمة لم تكن مجرد مناسبة، بل كانت لحظة ثقافية فارقة، شارك فيها الفنانون كجنودٍ في معركة الوعي، حاملين راية “لن تسقط”، ومرسّخين أن الدم لا يُمحى، بل يُخلّد.

 

 

المصدر: الوفاق

الاخبار ذات الصلة