موناسادات خواسته
في أجواء الذكرى السنوية الأولى لإستشهاد الشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، تتعالى الأناشيد وتنبض القلوب بذكراهم الطاهرة. في هذه اللحظة التاريخية، حيث تختلط الموسيقى بالدم، والقصيدة بالوفاء، أجرينا حواراً وجدانيّاً ملحميّاً مع المنشد اللبناني الأستاذ “محمد محيدلي”، رئيس كورال أوركسترا “شمس الحرية”، الذي إستطاع أن ينسج من الكلمات أناشيد تُلامس القلوب وتُحيي القيم، جامعاً بين الأصالة والحداثة، وبين الحماسة والروحانية، يكشف في الحوار عن دور الفن المقاوم، وعن الأعمال التي خُلّدت في ذاكرة الأمة، وعن كيفية تحوّل الألحان إلى سلاح، والكلمات إلى رايات. وفيما يلي نص الحوار:
الفن المقاوم.. ذاكرة الأبطال وأصوات الخلود
بداية، سألنا الأستاذ “محمد محيدلي” عن دور الفن وأناشيد المقاومة في تخليد ذكرى أبطالها وقادة المقاومة، فقال: لا شك أن للفن الملتزم الهادف المقاوم دوراً كبيراً في تخليد أسماء القادة العظام ونشر ذكرهم ومواقفهم ومقاماتهم الإنسانية والسلوكية وحتى السياسية والميدانية، ولقد كنّا طوال عشرات السنين ننتج الأناشيد التي تشيد بقادة المقاومة، شهداء كانوا أم أحياء، ولا سيما سماحة الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله الذي لطالما تغنى بذكره المنشدون والفِرَق الإنشادية طوال السنوات الماضية حتى حفرت هذه الأناشيد في وجدان جمهور المقاومة الذي بات يرددها في كل ميدان وعند كل إستحقاق.
حضور الشهيدين.. أرواح لا تغيب
بعد ذلك تطرقنا إلى الحضور الروحي للشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، في الذكرى السنوية الأولى لإستشهادهما، وسألنا الأستاذ محيدلي عن تأثيره، فأجاب قائلاً: منذ إعلان نبأ إستشهاد الأمينين العامين سماحة السيد حسن نصرالله وصفيه الهاشمي، بدأ الناس يشعرون بحضورهما على الصعيد الروحي والنفسي والعاطفي، وحتى على المستوى السياسي والعسكري، فإن من المؤكد أن هناك تأثير كبير لدم القائد وروحه وتاريخه المشرق المليء بالإنتصارات والنقي المصفى من كل أشكال التآمر والخداع، فإنه لا شك سيكون مؤثراً في نفوس المقاتلين والمحبين والبيئة الحاضنة لهذه المقاومة بمستوى تأثير حضوره الجسدي، حتى في وجه الأعداء والمتآمرين الذين يرون يوماً بعد يوم حضور السيدين القوي في نفوس شعبه ليكون ذلك سداً منيعاً في وجه الذل والضعف والخضوع.
ألحان الوداع
أما حول الأعمال الملحمية التي قام بإنجازها الأستاذ بعد إستشهاد الشهيدين، وأعمال أوركسترا “شمس الحرية” يقول محيدلي: خلال فترة الحرب كنت في طور إعداد نشيد وجداني لسماحة السيد قبل شهادته وقد وضعت عليه اللمسات الأخيرة وقبل البدء بإطلاقه وقعت الحرب الأخيرة وجرى ما جرى حتى وجدت نفسي أقوم بتعديل بعض الكلمات ليصبح هذا النشيد مناسباً لرحيله، إسم النشيد “سيد الكل” باللغة العربية واللهجة اللبنانية المحلية.
وفور عودتنا من النزوح باشرنا مع أوركسترا “شمس الحرية” بتنفيذ ثلاثة أوبريت، الأول “سيد الضوء” من كلمات الشاعر السيد محمد ترحيني، وألحان و توزيع أ. محمد عليق، والثاني “إني أحبكم” من كلمات شاعر المقاومة الحاج أنور نجم وألحان وتوزيع المايسترو أ.عبده منذر، والثالث “وريد الأحزان” من كلمات الشاعر أ. نبيل عسّاف وألحان نخبة من موسيقيي الأوركسترا وتوزيع أ. ستاذ روي ناشف، وسيتم بإذن الله عرض هذه الأناشيد في الحفل الخاص بسنوية السيدين الشهيدين في منتصف الشهر الجاري.
كما كان لي شرف المشاركة مع الأستاذ أحمد همداني في نشيد أطلقه للمناسبة نفسها بعنوان “خذ كل العمر” سيقدم إن شاء الله في العرض الكشفي الكبير في مدينة “كميل شمعون” الرياضية بتاريخ ١٢ من الشهر الجاري. هذه أبرز مشاركاتنا في فعاليات ذكرى رحيل السيدين الشهيدين.
موسيقى الوداع.. “سيّد الأمة”
ثم سألنا الأستاذ محيدلي عن رأيه حول موسيقى “سيد الأمة” للأستاذ الإيراني “كارن همايونفر”، فقال: لا زالت تهز وجداني تلك الموسيقى التي كانت مصاحبة للنعش الطاهر يوم خرج إلى الناس، شعرت وكأن الدنيا من حولي تعزف هذا المزيج من الحزن والغضب والعزة، إنها موسيقى “سيد الأمة” للموسيقار الإيراني المبدع “كارن همايونفر”، الذي كان من المقرر أن يحضر معنا في فعاليات الذكرى السنوية وكنت مسروراً جداً للقائه ومتشوقاً لإكتشاف ما عنده ومتأملاً لتبادل الخبرات والنصائح.. ولكني لست مطلعاً على برنامج زيارته او على أي تعديل طرأ عليها.. لنرى ذلك في حين حصوله إن شاء الله.
الكلمة والفن سلاح
وأخيراً حول المهمة التي على عاتق الفنانين لمواجهة الكيان الصهيوني يقول الأستاذ محيدلي: الكلمة والقصيدة واللحن والنشيد سلاح لطالما حاربت به الأمم غُزاتها.. وطور من أطوار الثقافة بل هو هوية الأمة الثقافية والتي بفضل الله تعالى وجهد أصحاب الشأن بلغ في لبنان هذا المستوى درجة عالية من التأثير والقبول.
ولاقت طوال عشرات السنين هذه الأنشودة محبة ورواجاً وهو ما ينبغي المحافظة عليه وتطويره بكل الأساليب والدفع بعجلة الإنتاجات الفنية سيّما المرئية والمسموعة منها إلى الأمام والإستفادة من كل الإمكانات في العصر الحديث سيّما الذكاء الإصطناعي لتحويله إلى مادة دفاعية تقف فيها الأمة في وجه كل ما يهدد وجودها ومقدساتها.