تمّ تصنيع هذا العامل المساعد المركب، المُسمى Fe₃O₄@PmPDA@UiO-66-NH₂ باستخدام الجسيمات النانوية المغناطيسية، والطلاءات البوليمرية، والأطر المعدنية العضوية (MOF)، وقد أظهر كفاءة عالية جداً “90% إلى 96%” في وقت قصير في تخليق مركبات البيرازولوبيريميدين النشطة بيولوجيًا.
وتُظهر الفحوصات البيولوجية أن هذه المركبات، بالإضافة إلى تثبيطها لنمو خلايا سرطان الكبد HepG2، لها آثار جانبية ضئيلة على الخلايا السليمة، كما أن النشاط المضاد للأكسدة القوي “85% إلى 98%” والخاصية المضادة للبكتيريا الملحوظة ضد أنواع مثل المكورة العنقودية الذهبية والإشريكية القولونية، تُعد من الإنجازات الأخرى لهذا البحث التي يمكن أن تمهد الطريق مستقبلاً لإنتاج أدوية ومواد بيولوجية متقدمة.
وتُعدُّ تطوير طرق حديثة لإنتاج مركبات نشطة بيولوجيًا تمتلك خصائص علاجية متعددة في وقت واحد، أحد أكبر التحديات في العلوم الطبية والصيدلانية اليوم. فمن جهة، لا تزال الأمراض السرطانية من أبرز المعضلات الصحية العالمية، وهناك حاجة متزايدة لأدوية جديدة ذات آثار جانبية محدودة لمكافحتها.
ومن جهة أخرى، فإن تزايد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية الشائعة، والتأثير المدمر للجذور الحرة على صحة الخلايا، يؤكدان على ضرورة إيجاد مركبات ذات خصائص مضادة للبكتيريا ومضادة للأكسدة.
وفي هذا الإطار، تمكن فريق مشترك من الباحثين من فريق بحثي دولي من إيران وتايوان والصين من تصميم وتصنيع نانوكومبوزيت متعدد الوظائف يمكنه أحداث تحول كبير في إنتاج الأدوية الحديثة.
يتكون العامل المساعد Fe₃O₄@PmPDA@UiO-66-NH₂ من ثلاثة أقسام رئيسية تشمل: الجسيمات النانوية المغناطيسية لأكسيد الحديد “Fe₃O₄”، والبوليمر المغلف بولي “ميتا-فينيلين ثنائي الأمين”، والإطار المعدني العضوي UiO-66-NH₂.
وكانت عملية تصنيع هذا العامل المساعد النانوي متعددة المراحل ودقيقة. في الخطوة الأولى، تم تحضير الجسيمات النانوية المغناطيسية لأكسيد الحديد “Fe₃O₄” بطريقة الترسيب الكيميائي المشترك؛ وهي جسيمات توفر، نظرًا لخصائصها المغناطيسية، إمكانية فصل العامل المساعد وإعادة تدويره بسهولة. في الخطوة الثانية، تم بناء الإطار المعدني العضوي UiO-66-NH₂ من خلال الطريقة المائية الحرارية.
وتُظهر صور المجهر الإلكتروني الماسح الانبعاثي الميداني “FESEM” أن هياكل الإطار المعدني العضوي “MOF” مغطاة جيدًا بالطبقات البوليمرية والجسيمات النانوية، مما يخلق سطحًا حفازًا نشطًا وموحدًا. كما أكدت نتائج التحليل الحراري الوزني “TGA” الاستقرار الحراري العالي لهذا النانوكومبوزيت؛ وهو عامل يلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على الأداء الحفاز تحت ظروف التفاعل المختلفة.
وتم استخدام هذا النانوكومبوزيت في تفاعل ثلاثي المكونات لتخليق مركبات البيرازولوبيرانوبيريميدين؛ وهي فئة من المركبات غير المتجانسة النشطة بيولوجيًا التي جذبت اهتمامًا كبيرًا due لخصائصها الدوائية المحتملة. باستخدام 0.05 جرام فقط من العامل المساعد، اكتملت التفاعلات في غضون 15 إلى 80 دقيقة، محققة كفاءة ملحوظة تجاوزت 90%.
إلى جانب الكفاءة العالية، كانت الميزة المهمة الأخرى لهذه الطريقة هي بساطة خطوات التفاعل، وسهولة فصل العامل المساعد، وإمكانية إعادة استخدامه.
لكن أهمية هذا البحث لا تقتصر فقط على التخليق الفعال للمركبات الكيميائية، بل إن الخصائص البيولوجية للمركبات الناتجة كانت ملحوظة أيضًا، حيث أظهرت الاختبارات البيولوجية أن هذه المركبات تمكنت من تقليل معدل بقاء خلايا سرطان الكبد HepG2 بشكل ملحوظ، بينما كان لها تأثير سلبي طفيف على الخلايا الليفية السليمة “NIH/3T3”.
ويشير هذا إلى انتقائية مرغوبة لهذه المركبات في تثبيط الخلايا السرطانية وتقليل الآثار الجانبية على الأنسجة السليمة؛ وهو معيار بالغ الأهمية لتطوير أدوية السرطان المستقبلية.
بالإضافة إلى الخاصية المضادة للسرطان، أظهرت هذه المركبات أيضًا نشاطًا مضادًا للأكسدة قويًا، حيث أفادت نتائج الاختبارات بنشاط مضاد للأكسدة تراوح بين 85.3% و98.3%؛ وهو رقم يعكس قدرة عالية لهذه المركبات على مواجهة الجذور الحرة وتقليل الإجهاد التأكسدي. وهذه الخاصية مهمة بشكل خاص للوقاية من الأمراض المزمنة والالتهابية.
وأكد الباحثون أنه على الرغم من أن هذا الإنجاز كان ناجحًا للغاية على المستوى المختبري، إلا أن هناك تحديات تواجه تسويقه وإنتاجه على نطاق صناعي. ومن بين هذه التحديات الحفاظ على كفاءة العامل المساعد وانتظامه على نطاق أوسع، والحاجة إلى مزيد من الدراسات حول الاستقرار طويل الأمد والأداء في الظروف الفعلية.
كما أشاروا إلى أنه على الرغم من أن الاختبارات البيولوجية الأولية أظهرت نتائج واعدة، إلا أنه من الضروري إجراء دراسات متابعة على النماذج الحيوانية والسريرية لتوضيح الآلية الدقيقة لتأثير هذه المركبات.
يُعد هذا البحث، من خلال المزج المبتكر بين الجسيمات النانوية المغناطيسية، والبوليمرات الموصلة، والأطر المعدنية العضوية، بمثابة فتح جديد في طريق تخليق المركبات الدوائية وتطوير المواد متعددة الوظائف النشطة بيولوجيًا. كما إنه إنجاز لا يساهم فقط في تقدم علوم المواد والكيمياء الصيدلانية، بل يمكن أن يلهم في المستقبل القريب تصميم أدوية وعلاجات حديثة مضادة للسرطان، ومضادة للبكتيريا، ومضادة للأكسدة.