وأعلنت منظمة الفضاء الإيرانية أن اتحاد “بريكس–GeoAI” سيدرس دور الذكاء الاصطناعي المكاني GeoAI في تعزيز التعاون التكنولوجي والتنمية المستدامة بين دول مجموعة “بريكس”.
وتتكون مجموعة “بريكس” من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا وإيران ومصر وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا؛ وهي دول اكتسبت مكانة مهمة في النظام الدولي في السنوات الأخيرة بوصفها اقتصادات صاعدة.
هذه الدول، إلى جانب تمتعها بقدرات اقتصادية وسكانية وتكنولوجية واسعة، تواجه تحديات متشابهة مثل التغيرات المناخية والأمن الغذائي والتحضر السريع والضغط على الموارد الطبيعية والفجوات في البنية التحتية. ويمكن للتعاون الوثيق بين أعضاء “بريكس” أن يكون استجابة فعالة لهذه القضايا وأن يوفر منصة لخلق نظام دولي جديد قائم على تعددية الأطراف والاستقلال التكنولوجي.
في هذا السياق، يلعب “الجيو-الذكاء الاصطناعي” دورًا محوريًا كواحدة من التقنيات الناشئة. ويُعد “الجيو-الذكاء الاصطناعي” مزيجًا من البيانات المكانية مثل “الصور الفضائية، وبيانات أجهزة الاستشعار، والخرائط الجغرافية” وخوارزميات الذكاء الاصطناعي مثل التعلّم الآلي والتعلّم العميق، مما يساعد في تحليل الأنماط المكانية، والتنبؤ بالأحداث، واتخاذ القرارات الذكية. كما إن قدرة هذه التقنية على اكتشاف الأنماط المعقدة، والتنبؤ بالأزمات، ودعم صياغة السياسات الذكية، جعلت منها أداة إستراتيجية لدول مثل مجموعة “بريكس”.
* دور “الجيو-الذكاء الاصطناعي” لمجموعة بريكس متعدد الجوانب:
أولاً، توفر هذه التقنية إمكانية الحكم القائم على البيانات، وتساعد الحكومات على اتخاذ قرارات أكثر دقة وشفافية بالاعتماد على البيانات المكانية والتحليلية.
ثانياً، يمكن أن يساعد “الجيو-الذكاء الاصطناعي” في تحسين البنى التحتية الحيوية مثل شبكات النقل والطاقة والخدمات العامة.
ثالثاً، تخلق هذه التقنية منصة للتعاون عبر الحدود في إدارة الموارد المشتركة، والتصدي للكوارث، ومكافحة الأوبئة.
رابعاً، يعزز تطوير “الجيو-الذكاء الاصطناعي” المحلي الاستقلال التكنولوجي لمجموعة بريكس ويقلل الاعتماد على المنصات الغربية.
ويستند رؤية اتحاد “الجيو-الذكاء الاصطناعي” لمجموعة بريكس إلى عدة محاور رئيسية. أولاً، إنشاء منصة مشتركة للبيانات المكانية ومنصة تحليلية تتيح تبادل البيانات، والتحليل الفوري، وتطوير النماذج المشتركة. ثانياً، إنشاء مراكز للبحث والابتكار في كل دولة عضو وفقاً للاحتياجات المحلية؛ على سبيل المثال، التركيز على الزراعة الذكية في الهند، والمرونة المناخية في البرازيل، أو المدن الذكية في الصين. ثالثاً، وضع إطار مشترك لحوكمة البيانات والذكاء الاصطناعي يؤكد على أمن البيانات، وشفافية الخوارزميات، والوصول العادل. رابعاً، الاستثمار في التعليم وتنمية رأس المال البشري من خلال البرامج التدريبية، والمنح الدراسية، وتبادل المعرفة بين الباحثين والمتخصصين.
ورغم هذه الفرص، فإن هناك تحديات مهمة تواجه الاتحاد. فمسألة ملكية البيانات والثقة المتبادلة من جهة، والاختلافات السياسية والاستراتيجية بين الدول من جهة أخرى، قد تعيق مزيداً من التعاون.
إضافة إلى ذلك، فإن الفجوات البنيوية والوصول غير المتكافئ للأقمار الاصطناعية، والمنصات السحابية، وأدوات الذكاء الاصطناعي، قد تؤدي إلى اختلال التوازن في مشاركة الدول.
كما أن عدم وجود معايير موحدة في تنسيقات البيانات وهندسة نماذج الذكاء الاصطناعي، ونقص القوى العاملة المتخصصة، والاهتمامات الأخلاقية والقانونية مثل حماية الخصوصية والوقاية من انحياز الخوارزميات، تمثل أيضاً عقبات مهمة أخرى.
وبشكل عام، يُعتبر “الجيو-الذكاء الاصطناعي” فرصة استراتيجية لمجموعة بريكس، لا تساعد فقط في حل التحديات المشتركة في مجالات المناخ، والتحضر، والأمن الغذائي، بل تعزز أيضاً قدرة هذه الكتلة على لعب دور أكثر بروزاً في الحوكمة العالمية للتكنولوجيا.
إن مستقبل التنمية الإقليمية والعالمية رهن بالاستخدام الذكي للبيانات المكانية والذكاء الاصطناعي، ومجموعة بريكس يمكنها من خلال التعاون والتكامل والابتكار، أن تخلق نموذجاً مستقلاً ومستداماً لعالم الجنوب.