من الفخار إلى الفهد.. رحلة فنية تُبهج الطفولة

الأنيميشن الإيراني.. من بداياته الفنّية إلى رحلته العالمية

الوفاق: دخلت صناعة الأنيميشن في إيران مرحلة واعدة، تجاوزت فيها إطار التلفزيون لتصل إلى السينما العالمية مع التركيز على الجودة العالية والإنفتاح.

أسبوع الطفل في إيران، يُقام هذا العام تحت شعار «الأطفال، بهجة الحياة»، وذلك في الفترة من 7 إلى 13 أكتوبر 2025 في جميع أنحاء إيران، وفي إطار فعاليات هذا الأسبوع الذي يشمل مهرجانات وعروضاً خاصة للأطفال، تبرز صناعة الأنيميشن الإيرانية كواحدة من أكثر المجالات الفنية تطوراً وتأثيراً في السنوات الأخيرة.

 

 

من بداياتها التاريخية إلى عروضها الدولية اليوم، أثبتت الرسوم المتحركة الإيرانية قدرتها على الجمع بين الإبداع، الرسالة، والجاذبية الجماهيرية، وبدأ أنيميشن «يوز» الإيراني عرضه تزامناً مع العام الدراسي الجديد في إيران، كما تم عرضه أمس الأربعاء بصورة مميزة للأطفال بمناسبة يوم الطفل. ففي هذا التقرير، نتطرق إلى بعض أفلام الرسوم المتحركة البارزة يإيران مع نظرة إلى تاريخ الأنيميشن في إيران.

 

 

من «شهر سوخته» إلى «الشاشة الفضية»

 

 

يعود تاريخ الأنيميشن في إيران إلى أواخر خمسينيات القرن العشرين، حين انضم فنانون كبار مثل نورالدين زرّين‌كلك وفرشيد مثقالي إلى هذا المجال. وفي عام 1971، تأسست «آسیفا إيران»، التي انضمت لاحقاً إلى «آسیفا العالمية»، ما أتاح للفنانين الإيرانيين الانفتاح على التجارب الدولية؛ لكن المفاجأة التاريخية تكمن في أن أول محاولة لتصوير الحركة في التاريخ تعود إلى إيران، حيث اكتُشفت قطعة فخارية في مدينة «شهر سوخته» تعود للعصر البرونزي، تحمل رسومات متكررة لغزال وشجرة، تُعدّ أول أنيميشن بصري في العالم، ما يضع إيران في قلب التاريخ البصري للحركة.

 

 

«یوز».. الفهد الذي عاد إلى هُويّته

 

 

يُعدّ فيلم «یوز» من أبرز إنتاجات الأنيميشن الإيرانية الحديثة، وهو ثمرة تعاون بين مركز أنيميشن سورة وشركة ویستامدیا، من تأليف وإخراج رضا ارجنغي، وإنتاج إحسان كاوه. بدأ عرضه في سبتمبر 2025، بالتزامن مع بداية العام الدراسي الجديد، ولاقى استقبالاً جماهيرياً واسعاً، حيث تجاوز عدد مشاهديه 115 ألفاً خلال أسبوعين فقط، محققاً مبيعات قاربت 9 مليارات تومان.

 

 

الفيلم يحكي قصة فهد إيراني يعيش حياة فاخرة في نيويورك؛ لكنه يشعر بالإغتراب عن جذوره وهويته الأصلية. هذا الشعور يدفعه إلى خوض رحلة مليئة بالتحديات والمواقف الكوميدية والدرامية، بحثاً عن وطنه وأصالته. الرحلة ليست جغرافية فحسب، بل روحية وثقافية، تعكس صراع الهوية والانتماء في عالم سريع التغير.

 

 

«الفتى الدلفيني».. من الخليج الفارسي إلى روسيا

 

 

فيلم «الفتى الدلفيني» من إخراج محمد خيرأندیش، يُعدّ من أنجح أفلام الأنيميشن الإيرانية على الإطلاق. شارك في إنتاجه فريق يتراوح عدده بين 150 إلى 200 شخص، واستغرق العمل عليه عامين. وقد حصل على لقب «أكثر فيلم سينمائي إيراني مبيعاً للأطفال والناشئة» في عام 2022، وحقق نجاحاً دولياً لافتاً.

 

 

تدور قصة الفيلم حول فتى صغير يعيش في أعماق البحر إلى جانب الدلافين؛ لكنه يشعر بالفضول تجاه العالم البشري. فيقرر الخروج إلى اليابسة، وهناك يواجه تحديات كبيرة في التكيف مع الحياة الجديدة، ويكتشف قيماً مثل الصداقة، الشجاعة، والبحث عن الذات. الفيلم يجمع بين الخيال والمغامرة، ويُقدّم تجربة بصرية ممتعة للأطفال.

 

 

عُرض الفيلم في 2700 صالة سينما في روسيا، ونال جائزة «آرتك»، ومن المقرر عرضه في دول مثل كوريا الجنوبية، إسبانيا، تايوان، منغوليا، إندونيسيا، الصين، ودول الخليج الفارسي.

 

«الطفل الذكي».. نمر مازندران يخطف القلوب

 

فيلم «الطفل الذكي» يُعدّ من أكثر أفلام الأنيميشن الإيرانية جماهيرية، حيث استطاع أن يجذب الأطفال والبالغين على حد سواء، بفضل تصميم شخصياته الجذابة، وعلى رأسها شخصية «نمر مازندران» بصوت الفنان هومن حاجي‌عبداللهي.

 

تدور القصة حول طفل ذكي يعيش في قرية صغيرة، ويواجه تحديات يومية تتطلب منه استخدام ذكائه ومهاراته لحل المشكلات. من خلال مغامراته، يتعلم الأطفال أهمية التفكير، التعاون، والاعتماد على النفس. وقد حطم الفيلم الرقم القياسي لأكثر أفلام الأنيميشن مبيعاً في إيران.

 

«فيل شاه»

 

تدور أحداثه حول فيل صغير يُدعى «شاه»، يعيش في غابة مليئة بالحيوانات، ويحلم بأن يصبح قائداً. يواجه تحديات في طريقه نحو القيادة، ويتعلم دروساً في المسؤولية، الصداقة، والعدالة. الفيلم جذب أكثر من 1.3 مليون مشاهد، وحقق نجاحاً في لبنان، إلى جانب إطلاق لعبة إلكترونية ومنتجات تجارية مثل القرطاسية والدمى.

 

«لوبتو»

 

يُعرف بـ «عالم الألعاب الإيراني»، من إخراج عباس عسكري، وتدور قصته حول طفل يعيش في مدينة كرمان، ويكتشف مصنعاً سرياً للألعاب القديمة. من خلال مغامراته، يتعلم أهمية التراث، الإبداع، والعمل الجماعي. وحقق ارباحاً جيدة وشارك في مهرجانات دولية، ونال جوائز فنية وتقنية.

 

«بنيامين»

 

تدور القصة حول طفل يُدعى بنيامين يعيش في زمن قديم، ويخوض مغامرة لإنقاذ والدته من الأسر. خلال رحلته، يواجه أعداء ويكوّن صداقات، ويتعلم الشجاعة والتضحية. الفيلم من إنتاج فناني كاشان بقيادة محسن عنایتي، شارك في مهرجانات دولية، ونال جوائز في جامايكا ونيجيريا، وكرّم في مهرجان فجر السينمائي.

 

الرسوم المتحركة القصيرة.. بوابة الإبداع

 

لطالما كانت الأنيميشنات القصيرة وسيلة للتجريب الفني، ونافذة للمبدعين لاختبار أفكارهم. وقد ساهمت في انطلاق مسيرة العديد من الفنانين، وقد اتبع العديد من الفنانين الشباب هذا النهج لتحقيق أحلامهم، ويُؤمل أن يسهم ذلك في نمو صناعة الأنيميشن في إيران مستقبلاً.

 

بعد تجاوز مرحلة التأسيس، دخلت صناعة الأنيميشن في إيران مرحلة واعدة، تجاوزت فيها إطار التلفزيون لتصل إلى السينما العالمية مع التركيز على الجودة العالية والإنفتاح.

 

المصدر: الوفاق