ومع دخول الكاراتيه إلى أولمبياد طوكيو 2020، كان هذا حلمًا خاصًا لها، فقد أمّلت في تحقيق أول ميدالية ذهبية فلسطينية في أولمبياد لوس أنجلوس 2028.
إلى جانب تفوقها الرياضي، حصلت نغم على ماجستير في التربية الرياضية، وأسست ناديا لتعليم الفتيات اللعبة في غزة، بهدف نشر الثقافة الرياضية بين الصغار.
لكن الأحلام لم تكتمل، وفي 17 ديسمبر/كانون الأول 2023، تعرض منزلها في مخيم النصيرات لغارة وحشية، مما أسفر عن إصابتها وبتر قدمها، لتستشهد لاحقًا إثر فشل محاولات علاجها.
لم تكن نغم الحالة الأولى، بل استكمالا لسلسلة من الانتهاكات الصهيونية المستمرة التي توثقها 75 عامًا من الاحتلال.
قدمت الحروب السابقة في غزة دلائل على الاستهداف المباشر للرياضيين. فقد أصيب الدراج الشهير علاء الدالي برصاص الاحتلال خلال مسيرات العودة الكبرى، إلى جانب 29 رياضيًا آخرين، بعضهم تعرض لبتر قدمه. كما تم اغتيال المدرب الشهير عاهد زقوت خلال حرب 2014، التي شهدت استشهاد 32 رياضيًا، بينما استشهد 300 رياضي خلال انتفاضة الأقصى.
جرائم موثقة
تظهر المحاولة الأولى للبحث والتوثيق الحجم الهائل للجرائم، والتي خلفت دمارًا كاملا للرياضة في غزة، دمارًا طال كل المرافق الرياضية تقريبًا، واستهدافًا طال الرياضيين من جميع التصنيفات.
وفي المحاولة الأولية للبحث، بدأنا بكرة القدم، وبأندية الدوري الممتاز في غزة خلال دوري عام 2023، الذي ضم حينذاك 12 فريقًا موزعين على مناطق القطاع من بيت حانون إلى رفح.
وبمراجعة صفحات فيسبوك للأندية، فإن المنشورات الوحيدة المتاحة هي منشورات النعي، للإداريين والطواقم الفنية واللاعبين بالفريق الأول والناشئين، من جميع الألعاب والأعمار.
وعلى سبيل المثال، فإن صفحة نادي هلال غزة نعت أول لاعب استشهد في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وآخر لاعب استشهد في 15 سبتمبر/أيلول 2025، وما بينهما لم يكن سوى نعي متواصل للاعبين وإداريين.
كما يظهر تصفح موقع الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم الأمر نفسه، حيث تمثل أخبار النعي النسبة الأكبر بين أخبار الاتحاد، مع تنوع لطبيعة الجريمة الإسرائيلية ومكانها.
ويتصدر النعي أسماء بارزة في الرياضة الفلسطينية، مثل سليمان العبيد، أو “بيليه فلسطين” كما يسمى، والذي أثارت وفاته اهتمامًا عالميًا واسعًا، وتنديدًا بالقتل الممنهج للرياضيين في غزة.
وطبقًا لأحدث أرقام الاتحاد، فقد قتلت إسرائيل أكثر من 774 من الرياضيين في غزة منذ انطلاق الحرب، بينهم عدد كبير من الأطفال.
كما دمرت إسرائيل نحو 285 منشأة رياضية، جرفت بعضها تمامًا، وقصفت بعضها، وحولت الملاعب إلى معسكرات اعتقال وتعذيب.
وفي أحدث إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي، بلغ عدد الرياضيين 894 رياضيًا، والمنشآت 292 بين ملعب وصالة رياضية ومقر إداري.
المنشآت الرياضية
يظهر تتبع المنشآت الرياضية في غزة، واقعا كارثيا، ودمارا كاملا طال كل المرافق تقريبا، حيث قصفت إسرائيل بعض الملاعب، وجرفت بعضها، وحولت البعض لمراكز اعتقال، كما دفعت موجات النزوح المتكررة المواطنين لبعض الملاعب كملجأ ينصبون فيها خيامهم.
ويوثق تتبع الملاعب عبر صور الأقمار الصناعية الدمار الكبير الذي لحق، بالمرافق الرياضية، من بينها منشآت عريقة عاشت وشهدت مباريات دولية وأحداثا بارزة.
ملعب فلسطين
يعد ملعب فلسطين هو الأشهر والأكبر في غزة، يتسع لنحو 10 آلاف مشجع، وتأسس عام 1999، وشهد المباراة التاريخية بين منتخب فلسطين ونادي الزمالك المصري عام 2000، كما استضاف نادي الوحدات الأردني حين واجه اتحاد الشجاعية في بطولة كأس الكؤوس الآسيوية.
وتظهر الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية في 29 سبتمبر/أيلول، تكدس الخيام في الملعب، وتحوله لمعسكر لاجئين، بعد دمار طال كل مرافقه بسبب القصف المستمر.
ملعب اليرموك
أحد أقدم الملاعب الفلسطينية، والذي تأسس في 1952، ويتسع لـ9 آلاف مشجع، ويستضيف مباريات العديد من أندية مدينة غزة في الدوري الممتاز، كما يستضيف العديد من الأحداث الاجتماعية والثقافية.
وتهدمت مرافق الملعب، ولم يتبق من معالمه ما يشير لصورته القديمة، التي عرفت لنحو 75 عاما، وتحولت مساحته لساحة تجمع النازحين.
وكان الملعب قد شهد في وقت سابق، تحويله من قوات الاحتلال ليصبح معسكر اعتقال، جمع فيها عشرات المواطنين لاعتقالهم والتحقيق معهم.
ملاعب منطقة السودانية
ضمت مناطق السودانية في مدينة غزة، عددا من الأندية الشهيرة، مثل نادي غزة ونادي الهلال، وقد اختفت معالمها تماما في صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 29 سبتمبر/أيلول.
ملعب بيت لاهيا
يعد ملعب بيت لاهيا من أكبر ملاعب شمال القطاع، واستضاف لسنوات مباريات الدوري الممتاز، لفرق شمال غزة، لكنه تعرض لعدة استهدافات منذ بداية الحرب.
وطال الدمار مرافق النادي، واختفاء كل المساحة الخضراء، وغياب أي وجود للنازحين، في ظل القصف الإسرائيلي المستمر على المنطقة، والتي تقع ضمن مناطق الإخلاء الحالية.
ملعب بيت حانون
وفي شمال القطاع، تعرض ملعب بيت حانون وهو أحد أشهر ملاعب غزة، لدمار كامل، أسوة بباقي مدينة بيت حانون، التي تظهر الصور دمارا كاملا لمبانيها.
ملعب المدينة الرياضية/خان يونس
وكان ملعب المدينة الرياضية في خان يونس، شاهدا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الرياضة، حيث اجتاحته آليات الاحتلال وجرفته بالكامل خلال العملية البرية في خان يونس مطلع 2024.
ملعب رفح البلدي
يعد من أقدم ملاعب القطاع، وقد تأسس عام 1953، يتسع لـ5 آلاف متفرج، وتستخدمه أندية رفح في مبارياتها الرسمية.
وتحول في فترات طويلة لمركز إيواء نازحين، قبل أن تخلى المدينة بالتزامن مع اجتياحها بريا.
الملاعب الخماسية
لم يقتصر الدمار على الملاعب الكبرى والأندية المعروفة، بل طال مئات الملاعب الخماسية المنتشرة في أنحاء القطاع، والتي دمر أغلبها وتحول الكثير منها لأماكن نزوح.
وحسب ما وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فقد دمر منذ بداية الحرب أكثر من 300 ملعب خماسي.
وكانت الملاعب الخماسية قد انتشرت في غزة بشكل مكثف خلال السنوات الماضية، حيث أنشأتها الأندية الكبرى كمصدر إضافي للدخل، ثم امتدت لكل أنحاء القطاع، وصلت لبناء أحد الملاعب على سطح بناية، كما فعل نادي الصداقة الرياضي.
ومثلت الملاعب المعشبة صناعيا، فرصة للأطفال والشباب داخل القطاع لممارسة الرياضة في أجواء مناسبة، كما تطور الأمر ليأخذ طابعا تنافسيا، بعد إطلاق عدد من البطولات الرسمية لكرة القدم الخماسية، تحت إشراف اتحاد كرة القدم.
كما وثق المرصد تدمير 22 مسبحا، وتضرر وتدمير 28 مركزا رياضيا للياقة البدنية، وهي التي انتشرت في القطاع وحظيت باهتمام واسع من الشباب خلال السنوات الأخيرة.