موناسادات خواسته
في إطار فعاليات أسبوع الطفل في إيران، انطلقت الدورة الأولى من مهرجان «شادبوم» أي «أرض السرور» في مصلى الإمام الخميني(رض) بطهران، تحت شعار «العَلَم مرفوع». يهدف المهرجان إلى ترسيخ احترام العَلَم الإيراني لدى الأطفال واليافعين من خلال أنشطة تفاعلية وثقافية ممتعة. يمتد الحدث الذي إنطلق منذ الثلاثاء 14 أكتوبر، لعشرة أيام ويضم أكثر من 100 جناح متنوع، منها 60 جناحاً للألعاب، 30 جناحاً لبيع المنتجات، و10 للأنشطة المتنوعة، موزعة على أربعة أقسام رئيسية: المهارات اليدوية، الألعاب الحركية، العروض المسرحية والموسيقية، والمنتجات الثقافية.
يستقبل المهرجان الأطفال من عمر ثلاث سنوات وحتى البالغين، ويتيح لهم المشاركة الفردية والعائلية في أجواء مبهجة مليئة بالفرح والحماس. من أبرز الفعاليات: ورشات الأوريغامي، صناعة العلم، ألعاب جماعية مثل «العَلَم مرفوع»، عروض موسيقية، وشخصيات محبوبة. كما يشهد المهرجان إقبالاً كبيراً على أجنحة الواقع الافتراضي، الذكاء الاصطناعي، الفخار، الطبخ، والرسم بالرمل، بالإضافة إلى الألعاب الرقمية والتفاعلية.
المهرجان يخلق بيئة نابضة بالحياة، حيث تتلاقى الألوان الثلاثية للعَلَم الإيراني مع ابتسامات الأطفال وهتافاتهم، ليجسد عالم الطفولة النقي والمبهج، ويؤكد على دورهم كصنّاع مستقبل البلاد، وبهذه المناسبة أجرينا حوارات مع المشاركين في المهرجان، وفيما يلي نصها:
إستخدام تقنيات الواقع الإفتراضي لتقديم المعارف الفلكية
بداية، يتحدث السيد «مرتضى بيوند زني» المدير الداخلي لمؤسسة «رصد السماء» عن أنشطة الجناح، قائلاً: عملنا يتمثّل في إنتاج محتوى فلكي، والنجوم في القرآن الكريم. في هذا المعرض، نستخدم تقنيات الواقع الإفتراضي والمعزز والتلسكوبات لتقديم المعارف الفلكية والدينية للأطفال. وضعنا تلسكوباً أو «منظاراً فلكياً» في ساحة مصلى الإمام الخميني(رض) لرصد الشمس نهاراً، وكوكب زحل بعد المغرب. وفي الجناح، عبر الواقع الإفتراضي، يقوم الأطفال بجولة في النظام الشمسي ويتعرفون على الآيات والعلامات والمباحث العلمية المرتبطة بالفلك والنجوم.
وفيما يتعلق بكيفية عرض الآيات القرآنية علمياً للأطفال، يقول بيوند زني: أنتجنا محتوى يتضمن 529 آية مرتبطة بالفلك والنجوم وحركة الأرض وغيرها في القرآن الكريم، وأدرجنا بعضها في مجلّدين من كتب الأطفال، مثل الآيات المتعلقة بدوران الأرض في كتاب «زمین تنها مكان زندكي ما» أي «الأرض هي المكان الوحيد لحياتنا»، حيث نتناول ست آيات حول هذا الموضوع. وفي قسم الواقع الإفتراضي، نعرض خمس آيات بشكل تفاعلي، حيث يدخل الأطفال عبر نظارات ثلاثية الأبعاد أي نظارة الواقع الإفتراضي إلى فضاء يشبه سفينة في الخليج الفارسي، وثم ينظرون إلى الأرض، القمر، مجرة درب التبّانة، النجوم والكواكب في السماء، ويتعرفون عليها علمياً، وتُعرض لهم الآيات المرتبطة بها مع شرحها، ويمكنهم المشي وخوض رحلة افتراضية في أعماق الماء أيضاً. مثلاً، آية «ألَم نَجعلِ الأرضَ مِهاداً» تُشرح بأنها تبين كيف نعيش في طمأنينة على الأرض، ونُظهر للأطفال تعليق الأرض، وغيرها من الآيات الكريمة.
أما عن كيفية تفاعل الأطفال يقول بيوند زني: كثيراً ما أشعر بالدهشة من ردود فعل الأطفال، وأنسى التعب وأشعر بالحماس، حين يدركون مدى إتساع الكون، وكم أشار الله تعالى لذلك في القرآن الكريم. حتى الأطفال الذين يتحفظون، حين نشرح لهم هذه الأمور، يسألون: هل حقاً ورد هذا في القرآن الكريم؟
وأخيرا يقول: نحن والعديد من المؤسسات العاملة في مجال الطفولة والقرآن، مدفوعون بالشغف لهذا العمل، وهو ما أبقانا على هذا الطريق. وإذا أُقيمت معارض كهذه، حيث يتعرف الأطفال على هذه الإنجازات ويكتشفون ما ورد في كتاب الله، فإنها تفتح آفاقاً جديدة لهم وللكبار أيضاً.
قبة هوائية تحت عنوان «آسمان نما»
أما مدير مركز «تا بيكران» أي «إلى اللانهاية» الفلكي السيد «محمدرضا قاسمي»، يتحدث لنا عن أنشطة أخرى في الجناح، قائلاً: عرضنا هنا قبة هوائية تحت عنوان «آسمان نما» أي «القبة السماوية» أو «بلانيتاريوم»، وهي مخصصة للكبار والصغار. يدخل الزوار إلى القبة، حيث يُحاكى مشهد السماء المليئة بالنجوم، وكأننا في مكان مظلم جداً، في صحراء أو جبال مظلمة، نرى السماء المرصّعة بالنجوم، وهو مشهد أصبح شبه حلم في أيامنا هذه. في هذه القبة، نرى النجوم، الكوكبات، وكواكب النظام الشمسي، ونتعلم تحديد الإتجاهات عبر «الدب الأكبر» وكويكبة «ملاقه» أي «بنات نعش الكبرى». وبما أننا لا نعاني من قيود الزمن، يمكننا التنقل زمنياً، ونشرح أيضاً كوكبة «ذات الكرسي» أو «M»، ونُظهر المجرّات المجاورة، السدم، ومواقع ولادة وموت النجوم. بعبارة أخرى، الأطفال هنا يسافرون في السماء، ويرون مختلف الأجرام السماوية وموضوعاتها، ويخوضون تجربة فريدة، إذ لا يمكننا عادة رؤية كل هذه الأجرام دفعة واحدة، لكن في «القبة السماوية» نراها ونتعلم عنها في آنٍ واحد.
ويتابع قاسمي: لدينا أيضاً جناح للرصد في ساحة مصلى الإمام الخميني(رض)، حيث يُستخدم تلسكوب «إج آلفا» لرصد الشمس وتوهجاتها، وفي الليل يمكن رؤية كوكب زحل الجميل.
رحلة عبر السماء
أما السيدة «زهراء أكبري»، خبيرة في شؤون الأطفال وعضو في الفريق التوجيهي للجناح، تأخذ الزوار في رحلة عبر السماء، وتقدم شروحات شاملة بلغة طفولية جميلة وبوجه بشّاش، مما يجعل التجربة جذابة للغاية. تبدأ الرحلة من مرج أخضر، حيث يستلقي الأطفال وينظرون إلى السماء (سقف القبة السماوية الهوائية)، ثم يتعرفون تدريجياً على الكوكبات، النجوم، السُدُم، والمجرّات.
إستخدام عنصر العَلَم في العديد من الألعاب
أما في جناح الألعاب التفاعلية، نلتقي بمسؤول الجناح السيد «علي أفشار»، فيشرح أنشطة الجناح قائلاً: الأطفال يشاركون في تحديات ذهنية عبر هواتف ذويهم، تشمل مهارات التركيز، الذاكرة، الاستنتاج، وغيرها. يتفاعلون مع شخصيات داخل اللعبة تحمل العلم، مما يُعزز ارتباطهم بالرمز الوطني.
أما عن توظيف العَلَم في الجناح، يقول أفشار: إستخدمنا عنصر العَلَم في العديد من ألعابنا، سواء في الخلفيات أو في المواد والعناصر داخل اللعبة، وحتى في ديكور الجناح والبالونات التي ترونها حول شاشة التلفاز، جعلنا الشخصيات «حاملة للعَلَم» ليشعر الطفل أنه هو أيضاً حامل للعَلَم، مما يُرسّخ الهوية الوطنية.
هذا المهرجان، وكل الأنشطة التي تدور حول هذا المحور، نأمل أن تُنبت في الأطفال بذوراً وجذوراً لهويتهم الوطنية المجيدة أكثر من أي وقت مضى.
تقديم ألعاب تعليمية مستوحاة من التراث
أما مسؤول جناح الألعاب الإيرانية و«تاكا غيمز» السيد «كربلائي» يتحدث عن عرض الألعاب الإيرانية في الجناح قائلاً: نُقدّم ألعاباً تعليمية مستوحاة من التراث، بما أن ألعاب الطاولة، رغم حداثتها، ومع دخول منتجين جيدين لهذا المجال، أعتقد أن لها مستقبلاً واعداً. مثلاً، لدينا لعبة «مرواريد صورتي» أي «اللؤلؤة الوردية» المخصصة للفتيات، والتي تُعلّمهن أي لباس يناسب أي مناسبة، وكذلك لعبة «زورخانة»، ولعبة «ريسه» أي «شريط الإضاءة»، التي تُذكّر الأطفال بالإحتفالات التقليدية الإيرانية، وتعليق الزينة في الأزقة، وتوزيع الشاي والحلوى، وتُقدّم هذه المفاهيم عبر آلية تصميم الألعاب لتعليم الأطفال.
تعريف الأطفال بالعَلَم الوطني وألوانه
وأخيراً نلتقي بالسيدة «زهراء سنجري» معلمة روضة أطفال بخبرة 27 عاماً، حيث تقول: في مهرجان «شادبوم»، وفي جناح الرسم، نهدف إلى تعريف الأطفال بالعَلَم الوطني وألوانه، ومنحهم يوماً سعيداً. عَلَمنا يحمل ألواناً جميلة ومبهجة، وعندما يأتي الأطفال للرسم، يركزون أكثر على اللون الأحمر، فيصبح هذا اللون «ملكة ذهنية» لديهم، مما يجعلهم يتعرفون على ألوان العلم منذ الصغر، وتترسخ في أذهانهم حتى الكبر.