ومع دخول البئر التاسع في مرحلة الإنتاج، دخل ملف تطوير هذه المرحلة الحدودية مرحلة جديدة. ووفقاً لمسؤولي صناعة النفط والغاز، مع تشغيل هذا البئر، وصلت الطاقة الإنتاجية اليومية للغاز من المرحلة 11 إلى أكثر من 22 مليون متر مكعب؛ وهو رقم يحمل أهمية خاصة من النواحي الفنية والاقتصادية والاستراتيجية.
أهمية المرحلة 11 في معادلات الطاقة
تُعرف المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي، بسبب موقعها الحدودي والمشترك مع حقل القبة الشمالية القطري، لسنوات كواحدة من أكثر المشاريع الغازية حساسية في إيران.
وكل خطوة تطويرية في هذه المرحلة لا تضمن زيادة الإنتاج فحسب، بل تحمل أيضاً دلالة جيوسياسية واضحة لإدارة الموارد المشتركة. والآن مع إضافة البئر التاسع، أظهرت إيران قدرتها على الاستخراج المستدام من القسم الحدودي، وتمكنها من الحفاظ على حصة أكبر من الاحتياطيات المشتركة.
وأكّد خبير في مجال الطاقة: تمتلك المرحلة 11 أهمية جيوسياسية خاصة بسبب طابعها الحدودي واشتراكها مع حقل القبة الشمالية القطري. وكل زيادة في الإنتاج من هذه المرحلة تعني تثبيت حصة إيران من أكبر حقل غازي في العالم.
وأضاف عباس قاسمي: هذا الإجراء لا يقتصر أهميته على تأمين إمدادات الغاز الشتوية للبلاد بشكل مستدام فحسب، بل يرسل أيضاً رسالة واضحة في المعادلات الإقليمية حول القدرة التقنية وإرادة إيران للحفاظ على الموارد المشتركة.
وتابع: تشغيل الآبار الجديدة في المرحلة 11 يُظهر القدرات المحلية في تطوير الحقول المشتركة؛ وهو إنجاز يمكن أن يعزز دور إيران في دبلوماسية الطاقة في المستقبل.
توفير إمدادات مستدامة لفصل الشتاء
جاءت الزيادة في الإنتاج اليومي للغاز التي تجاوزت 22 مليون متر مكعب في وقت تستعد فيه البلاد لمواجهة أشهر الشتاء الباردة مع ارتفاع استهلاك الطاقة.
هذه الزيادة في الإنتاج تعزز معامل موثوقية شبكة الغاز الوطنية وتخفف الضغط على محطات الكهرباء والصناعات.
ويعتقد الخبراء أن هذا الإنجاز يمكن أن يساهم في تحقيق التوازن بين العرض والطلب في الشتاء المقبل، ويقلل من حدة انقطاعات التيار الكهربائي أو انخفاض ضغط الغاز في بعض المناطق.
وقال خبير آخر في مجال الطاقة: زيادة الإنتاج من المرحلة 11 تعني زيادة معامل موثوقية شبكة الغاز الوطنية.
وأضاف محمد جوانمردي: في ظل الظروف التي يصل فيها الاستهلاك المنزلي والصناعي إلى ذروته في فصل الشتاء، يمكن لكل مليون متر مكعب إضافي من الإنتاج أن يمنع انخفاض الضغط في الشبكة ويغطي احتياجات الصناعات ومحطات الكهرباء.
وتابع: هذه الطاقة الجديدة، بالإضافة إلى تقليل العجز الغازي محلياً، ستوسع قدرة إيران على إدارة الطلب وحتى تعزيز صادرات المنتجات الغازية في المستقبل.
رمز الاكتفاء الذاتي والقدرات المحلية
النقطة المهمة الأخرى هي أن تطوير المرحلة 11 تحقق بعد سنوات من الانتظار دون مشاركة الشركات الأجنبية، وبجهود الخبراء الإيرانيين فقط.
مغادرة الشركات الدولية بسبب العقوبات، أتاحت فرصة لتوظيف المعرفة المحلية في مجالات الحفر، تركيب معدات رأس البئر، وإدارة الإنتاج.
بدء الإنتاج من البئر التاسع يعكس في الواقع نضج الصناعة النفطية والغازية الإيرانية تقنياً؛ نضجاً مهد طريق التقدم رغم ظروف القيود.
الأبعاد الإقليمية ودبلوماسية الطاقة
لا يقتصر زيادة الاستخراج من المرحلة 11 على الإطار الداخلي فقط. فمن خلال تعزيز القدرات في هذا الحقل المشترك، ترسل إيران رسالة واضحة إلى الفاعلين الإقليميين: طهران لا تزال عازمة بشكل جدي على الحفاظ على الموارد المشتركة.
هذا الإنجاز يمكن أن يعزز مكانة إيران في المفاوضات ودبلوماسية الطاقة في المستقبل القريب، ويسهل أيضاً طريق تصدير المنتجات الغازية والبتروكيماوية.
وأعلن المدير العام لشركة بترو إيران، مشيراً إلى انتهاء مراحل الحفر والإكمال والتشبيك والمعالجة الحمضية لهذا البئر: مع ربط البئر SPD11B-09 بمنصة الإنتاج وإجراء الاختبارات التكميلية، تمت إضافة أكثر من 2 مليون متر مكعب يومياً من الغاز الخام إلى طاقة الإنتاج في هذا الموقع.
وأوضح تورج دهقاني أن إنتاج الغاز الغني في موقع SPD11B قبل دخول البئر التاسع إلى الخدمة كان 720 مليون قدم مكعب يومياً، مضيفاً: الآن مع تشغيل هذا البئر، وصلت طاقة إنتاج الغاز الغني في المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي إلى حوالي 800 مليون قدم مكعب يومياً، أي ما يعادل أكثر من 22 مليون متر مكعب.
كما أشار دهقاني إلى أن إجمالي الإنتاج التراكمي للغاز الغني من المرحلة 11 قبل بداية الحكومة الرابعة عشرة بلغ 137 مليار قدم مكعب، قائلاً: هذا الرقم زاد حوالي ثلاثة أضعاف مع حفر الآبار الجديدة حتى منتصف شهر أغسطس/آب من هذا العام، ليصل إلى 370 مليار قدم مكعب.
وفي الختام، أشاد المدير العام لشركة “بترو إيران” بأداء شركة بتروبارس كمقاول لهذا المشروع، مؤكداً أن تشغيل البئر الجديد يعد خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف التطوير في الحقل المشترك بارس الجنوبي وتحسين الاختلال الطاقوي في البلاد.
بدء الإنتاج من البئر التاسع في المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي لا يمثل مجرد خبر صناعي فحسب، بل يشكل نقطة تحول في مسيرة تحقيق الاكتفاء الذاتي وتثبيت موقع إيران في معادلات الطاقة الإقليمية.
الطاقة الإنتاجية الجديدة البالغة 22 مليون متر مكعب يومياً، تبعث أملاً جديداً في تأمين إمدادات الغاز بشكل موثوق داخلياً وتعزيز الدور الفاعل خارجياً.
هذا الإنجاز يظهر أنه رغم الضغوط الخارجية، فإن عجلة التطور في صناعة الغاز الإيرانية لم تتوقف فحسب، بل تسارعت بالاعتماد على القدرات المحلية.