في "يوم الوفاء لأهل الوفاء"ووسط مشهد شعبي حاشد

اليمن يودّع الشهيد الغماري على درب الفتح الموعود والجهاد المقدس

في صورة جسّدت وحدة الميدان والدم، ودّعت اليمن رئيس الأركان العامة الشهيد الفريق الركن محمد عبد الكريم الغماري، وسط حضور رسمي وشعبي واسع في ما أُطلق عليه "يوم الوفاء لأهل الوفاء".

بدوره أكّد مفتي الديار اليمنية العلامة السيد شمس الدين شرف الدين أن ما يقوم به العملاء والخونة من تعاونٍ مع العدو الصهيوني والأمريكي يُعد ردةً صريحة عن الإسلام وخروجًا عن صف الأمة.

في حين أشاد القائم بأعمال رئيس الوزراء بحكومة التصريف والبناء اليمنية، العلامة محمد مفتاح، بالمواقف الإيمانية والجهادية العظيمة التي جسدها الشهيد القائد هاشم الغماري

 

*وداع ممزوج بالحزن والفخر

وفي صباحٍ امتزج فيه الحزن والفخر، غصّت ساحات ميدان السبعين وجامع الشعب بالآلاف من اليمنيين الذين توافدوا منذ أولى ساعات الفجر البارد لتشييع الفريق الركن محمد عبد الكريم الغماري، القائد الجهادي الذي نذر حياته ومماته لله، وللذود عن المستضعفين في الأمة والدفاع عن فلسطين، فكان خير مستثمر على دروب الشهادة الموصلة للعزة والكرامة.

كانت الصور المرفوعة والرايات القرآنية تتمايل مع أصوات وهتافات الحشود، وكأن السماء نفسها تشارك في وداع بطل صنعته السماء بعناية الثقافة القرآنية وجوهر الرسالة الخاتمة، على نهج آل البيت عليهم السلام في الخروج على الظالمين والطواغيت في كل زمان ومكان.

كل شارع وكل ممر في صنعاء المؤدي إلى ميدان السبعين عج بالوجوه المتيقظة، ورجال الأمن، ومن كبار السن إلى الصغار، ومن زعماء القبائل إلى علماء الدين، ومن العسكريين إلى المواطنين العاديين، جميعهم متحدون في رسالة وفاء لا تضاهى، وترسم لوحة جديدة مشرقة لتاريخ يكتبه العظماء بدمائهم وتضحياتهم وصدقهم ووفائهم لله ولرسوله) ص) وللذين آمنوا.

وسط الميدان، عكس المشهد مراسيم روحية وجهادية متكاملة؛ فرق التشييع واللجان التنظيمية شكلت صفوفًا متراصة بعناية، والتوجيه المعنوي مستمر على أيدي الضباط المتطوعين، فيما تتردد في الميدان هتافات العهد على مواصلة الطريق الذي رسمه الشهيد الغماري.

وشدّد المشاركون على أن غياب القائد الغماري جسديًا لن يثنِ عزيمة القوات المسلحة اليمنية والشعب اليمني المجاهد العظيم، ولن يغيّر الموقف الوطني، وأن إرثه العسكري والتكتيكي سيستمر عبر تلاميذه وزملائه في قيادة المعركة.

ووصف الحاضرون الشهيد بأنه مهندس المعركة وحجر الزاوية في بناء الجيش اليمني الحديث، حيث جمع بين الاحتراف العسكري والبصيرة الاستراتيجية والبعد الإنساني الذي أكسبه احترام اليمنيين جميعًا، حتى من لم يلتقوه شخصيًا.

 

*مراسم تشييع مهيب

في التفاصيل، شهدت العاصمةُ اليمنية صنعاء، الإثنين، مراسمَ تشييع الشهيد الجهادي الكبير الفريق الركن محمد عبد الكريم الغماري في ميدان السبعين وجامع الشعب، وسط حضورٍ رسمي وشعبي واسع، غصّت به الساحات والمداخل المؤدية إلى الميدان.

وتوافدت الجموع منذ ساعات الصباح الأولى من يوم الإثنين، وهي تحمل صور الشهيد ورايات المشروع القرآني، في مشهد مهيب عبّر عن وفاء اليمنيين لقائدٍ أفنى حياته في بناء القوات المسلحة وتعزيز قدرات الردع والدفاع عن فلسطين والأمة.

وانطلقت المراسم في” يوم الوفاء لأهل الوفاء” بمشاركة مئات آلاف المشيعين القادمين من مختلف مديريات أمانة العاصمة ومحافظات الجمهورية، حيث تدفقت الحشود إلى مداخل الميدان وهي ترفع أعلام الجمهورية ورايات المشروع القرآني، فيما تواصلت الوفود الرسمية والشعبية والعشائرية والحزبية وصولًا إلى ساحات جامع الشعب وميدان السبعين.

ولم يكن المشهد مجرد توديعٍ للشهيد، بل تجديدًا للعهد والوفاء لقيم الجهاد والمقاومة؛ إذ بدت الاستعدادات التنظيمية واضحة من خلال لجان التشييع وتشكيل الصفوف والتوجيه المعنوي، بينما عبّرت المظاهر الشعبية الحاشدة والقبور الرمزية عن عمق الحزن وصدق الوفاء.

 

*المشاركون يعلنون الوفاء والعهد في كل ميادين النضال

وأكد المشاركون أن تشييع الغماري ليس وداعًا فحسب، بل إعلان عهدٍ ووفاءٍ متجدد في كل ميادين النضال، مشيرين إلى أن الشهيد مثّل نموذج القائد المخلص الذي كرّس حياته في سبيل الوطن وقضايا الأمة.

وأوضح ضباط تخرّجوا على يديه أنه كان أبًا ومعلّمًا بنى جيشًا عقائديًا مؤمنًا يمتلك خبرات وقدرات ميدانية نقلت القوات اليمنية إلى مستوى جديد في مواجهة قوى العدوان، مجددين العهد على مواصلة الدرب الذي رسمه حتى تحقيق النصر والفتح الموعود.

 

*كلمة لمفتي الديار اليمنية

في غضون ذلك أكّد مفتي الديار اليمنية العلامة السيد شمس الدين شرف الدين أن ما يقوم به العملاء والخونة من تعاونٍ مع العدو الصهيوني والأمريكي يُعد ردةً صريحة عن الإسلام وخروجًا عن صف الأمة، مشددًا على أن من يعرف بوجود متعاونٍ مع العدو ولم يُبلّغ السلطات الشرعية يُعد شريكًا في الجريمة.

وفي كلمته خلال مراسم تشييع الشهيد الجهادي الكبير الفريق الركن محمد عبد الكريم الغماري، أشار المفتي إلى أن هذا المصاب الجلل يأتي في إطار الابتلاء الإلهي الذي يصيب المؤمنين في طريق الله ونصرة المستضعفين، مستشهدًا بقوله تعالى: «وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ…».

وأوضح أن السكوت عن المجرمين والمتواطئين مع أعداء الأمة خيانةٌ دينية ووطنية، داعيًا إلى محاسبة كل من يثبت عليه التورط أو التستر، قائلاً : “من أحدث حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين”.

وبيّن المفتي أن من يتعاون مع العدو لا يجوز الدفاع عنه أو الشفاعة له، مؤكدًا أن من يفعل ذلك يكون قد شاركه في الإثم.

وختم العلامة شرف الدين كلمته بالدعاء للشهيد الغماري ورفاقه بأن يتقبلهم الله في عليين، مؤكدًا أن دماء الشهداء ستبقى منارةً تهدي الأحرار في طريق التحرر والكرامة حتى يتحقق وعد الله بالنصر.

 

*” الغماري صنع معادلة الردع والانتصار”

من جهته أشاد القائم بأعمال رئيس الوزراء بحكومة التصريف والبناء اليمنية، العلامة محمد مفتاح، بالمواقف الإيمانية والجهادية العظيمة التي جسدها الشهيد القائد هاشم الغماري، مؤكداً أن تشييعه يمثل محطة تاريخية تجسّد وفاء هذا الشعب لرجاله العظماء، وعنواناً للولاء الصادق لمشروع الشهادة والانتصار.

وفي كلمة ألقاها خلال مراسم التشييع، قال مفتاح: “نودّع اليوم رجلاً من كبار عظماء هذه الأمة، رجلًا تميّز بصفاء النية، وصدق الإخلاص، وسموّ الهدف”، مضيفاً: “لقد كان الشهيد الغماري في مقدمة الميدان، قائداً ومجاهدًا وصاحب بصيرة نافذة، لا يتأخر عن واجب، ولا يتوانى عن عطاء”.

وأشار إلى أن الشهيد الغماري كان من أبرز القيادات المؤسسة للهيكل العسكري الجديد في اليمن، وشكّل مع رفاقه في القوات المسلحة نموذجاً للولاء، والالتزام، والفداء.

وأكد أن استهداف الغماري من قِبل قوى العدوان لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة طبيعية لمكانته المؤثرة في صناعة الانتصارات، قائلاً: “يكفيه شرفاً أن أعداء الأمة جميعاً اجتمعوا على استهدافه، وهذه وحدها شهادة عظيمة على حجم هذا القائد الذي أرهق خصومه وألهم شعبه”.

وأوضح قادة سياسيون وعسكريون أن القدرة التكتيكية التي أظهرها الشهيد الغماري ورفاقه في المعارك البحرية والبرية والجوية أضرت بموازين القوى لدى الأعداء، وأجبرت القوى الكبرى على إعادة حساباتها الاستراتيجية، مؤكدين أن اليمن قادر على مواجهة أي اعتداء بفضل التخطيط الاستراتيجي والقيادة الجماعية التي رسخها الشهيد.

 

*مراسم الصلاة على جثمان الشهيد

وبدأت مراسم الصلاة على جثمان الشهيد في جامع الشعب، ثم نقل إلى ميدان السبعين لإقامة مراسم التشييع الرسمية، قبل مواراته في الثرى إلى جوار الشهيد الرئيس صالح الصماد، في لفتة رمزية تعبّر عن وحدة القادة الشهداء في درب الجهاد والكرامة.

وكانت القوات المسلحة اليمنية، قد زفّت الشهيد الغماري شهيداً على طريق القدس، مشدّدةً على أن “العدو الصهيوني سيدفع ثمن جريمته”.

وأشارت إلى أنّ “الغماري استشهد وهو في سياق عمله الجهادي وأداء واجبه الإيماني شهيداً سعيداً ضمن قافلة العظماء الشهداء على طريق القدس”، مشيرة إلى أن من بين الشهداء نجله حسين، البالغ 13 عاماً، وعدداً من مرافقيه الذين ارتقوا خلال العدوان على البلاد.

المصدر: الوفاق/ وكالات