سوريا.. فصائل متناحرة وسط هشاشة أمنية متفاقمة

تتصاعد التوتّرات بين الفصائل و"هيئة تحرير الشام" وسط هشاشة أمنيّة متفاقمة، تكشف تفكّك البنية الانتقالية في سوريا واحتمال انفجار صراعات مؤجّلة.

تثير جملة من القضايا الأمنيّة في سوريا، في الآونة الأخيرة، شكوكاً متزايدة حول «التركيبة الأمنيّة» التي قامت السلطات الانتقالية ببنائها، في محاولة لفرض سيطرتها على البلاد. وهي تركيبة تجمع في الوقت نفسه هيكلية فصائلية تعتمد أساساً على ولاء العناصر لقائد فصيلهم (الشيخ)، وأخرى مركزية تعمل بشكل منفرد، وتحاول بناء تحالفات مع القوى الإقليمية والدولية، الأمر الذي يخلق مشهداً معقّداً بين المستويين الفصائلي والمركزي، يهيّئ الأرض لانفجارات وأزمات متلاحقة.

 

 

على أنّ هذه الهيكلية، التي تُعدّ تطويراً لتلك التي شيّدتها «هيئة تحرير الشام» في إدلب، في أثناء مدّة سيطرتها على المحافظة (قبل أن تسيطر على الحكم في سوريا)، كانت آنذاك مناسبة لإدارة المحافظة في زمن الحرب. إذ استطاعت «الهيئة» وقتذاك ضمّ عشرات الفصائل تحت جناحها، لتشكّل جبهة موحّدة أتاحت لها إدارة إدلب، وضبط الأوضاع الداخلية فيها، وتحويل نفسها إلى «قوة ضاربة» في الشمال السوري، مع هامش واسع لقضم أو إنهاء أي فصيل يرفض الانخراط في بنيتها التنظيمية.

 

 

وخلافاً لتلك المرحلة، التي كانت تقتسم فيها الفصائل «الغنائم» في ما بينها، سواء عبر السيطرة على معابر التهريب أو عبر منحها بعض الاستثمارات، تُطرح اليوم شكوك جدّية حول إمكانية نجاح هذه التجربة ضمن مساحة أوسع (سوريا ككل). إذ إنّ الظروف الراهنة مختلفة؛ خصوصاً في ظلّ غياب الحرب، وتمسّك واشنطن، بالحوار لحلّ قضية الأكراد (ملف الإدارة الذاتية و«قسد»)، وتأمين الكيان الصهيوني «مظلّة حماية» للدروز في السويداء، وعدم وجود جبهات قتال داخلية أخرى، إلى جانب تمسّك السلطة الانتقالية ببناء نظام اقتصادي وسياسي وأمني مركزي، لا يمنح الفصائل هامش الحركة أو الامتيازات التي كانت تتمتّع بها في إدلب.

 

 

إلى جانب ذلك، تبرز معضلة الفصائل الأجنبية التي شكّلت سابقاً القوة الضاربة لـ«تحرير الشام» في إدلب. إذ تواجه محاولة السلطات الانتقالية ضبط هذه الفصائل، سواء عن طريق حلّها أو تنظيمها ضمن هيكلية وزارة الدفاع، عقبات عديدة، آخرها ظهور أصوات عديدة ترفض سلوك تلك السلطات في كل مرة يتعرّض فيها عنصر أجنبي إلى الاعتقال، وهو ما يتجلّى جانب منه في انتشار تسجيلات تثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

 

المصدر: العالم