بقائي: لا وجود لمصطلح “آلية الزناد” في الاتفاق النووي

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إنّ مصطلح "آلية الزناد"(العودة التلقائية للعقوبات) غير موجود في نص الاتفاق النووي، موضحاً أن "الطرف الغربي اخترع هذا المصطلح ليبرّر إمكانية تفعيل آلية تسوية النزاعات في حال حدوث إخلال من أحد الأطراف، وصولاً إلى إعادة فرض قرارات العقوبات".

بقائي، أوضح في كلمة له أمام طلبة جامعة العلوم الإسلامية الرضوية في مشهد، أن العديد من التصريحات التي أدلت بها ويندي شيرمان – كبيرة المفاوضين الأمريكيين السابقة – حول ما يُعرف بـ«آلية الزناد» غير صحيحة، مشيراً إلى أن “مشكلة البعض أنهم يصدّقون كلام الأجانب ويجعلونه أساساً لتخطئة القوى الوطنية، بينما لا ينبغي أن تؤدي خباثة العدو ونكثه للعهود إلى التشكيك في أدائنا”.

 

 

وأضاف أن “في قضية السناب باك لم تكن هناك ثقة متبادلة، فالطرف المقابل لم يثق بنا ونحن كذلك لم نثق به. القول إن هذه الآلية فُرضت علينا غير صحيح إطلاقاً؛ فقد كانوا يقولون: ماذا لو أخلّت إيران بالتزاماتها؟ يجب أن نملك وسيلة لإعادة القرارات السابقة”.

 

 

وبيّن المتحدث باسم الخارجية أن “ضمانتنا كانت الأصول النووية التي بقيت بأيدينا، بينما أراد الطرف الآخر ضمانة لإعادة القرارات إذا خرجت إيران من الاتفاق”. وأكد أن “إيران نفذت التزاماتها بحسن نية، لكنها واجهت نقض العهد الأمريكي”.

 

 

وشدّد بقائي على أن نصّ الاتفاق النووي واضح ولا مجال لتفسيرات غربية، مضيفاً أن القرار 2231 قد انتهى فعلياً استناداً إلى قراءة قانونية ومنطقية، “لكن الطرف المقابل يسعى إلى إبقائه حيّاً”. وأشار إلى أن “اثنين من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وعدداً من دول حركة عدم الانحياز يعارضون تفسير الغرب، وهو ما يعكس مكانة إيران وقدراتها الدبلوماسية”.

 

 

وأكد بقائي أنه “في جميع تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يُذكر إطلاقاً أن البرنامج النووي الإيراني اتجه نحو الطابع العسكري”، مشدداً على أن “السلوك المتغطرس للولايات المتحدة أضرّ بالنظام الدولي، وتغيير اسم وزارة الدفاع الأمريكية إلى وزارة الحرب يُعبّر عن جوهر سياساتها العدوانية”.

 

 

العقل والمنطق يقتضيان أن نعزز أنفسنا أكثر من أي وقت مضى

 

 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إنّ الأحادية العدوانية للولايات المتحدة لا تهدد السلم والأمن الدوليين فحسب، بل تخلق نمطاً خطيراً من السلوك، مشيراً إلى أنّ “أمريكا تسعى اليوم، عبر إجراءات مختلفة من بينها حروب الرسوم الجمركية، إلى فرض هيمنة القوة والإكراه على العلاقات الدولية، وقد سقطت كل الأقنعة وأصبحوا يتحدثون بصراحة عمّا يضمرونه”. وأضاف: “لقد أثبتت إيران قدرتها على الصمود، لكن العقل والمنطق يقتضيان أن نعزز أنفسنا أكثر فأكثر”.

 

 

بقائي وخلال كلمته أمام طلبة جامعة العلوم الإسلامية الرضوية، أكد أن أبرز قضية دولية خلال العامين الماضيين كانت الكارثة الإنسانية في غزة والإبادة الجماعية في فلسطين المحتلة، موضحاً أن “رغم محاولات وسائل الإعلام الغربية التخفيف من حجم هذه الفاجعة، إلا أن أبعادها الإنسانية والسياسية ما زالت تجعلها في صدارة الأخبار العالمية”.

 

 

إيران منعت إعادة فرض القرارات الملغاة

 

 

وأوضح بقائي أن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من خلال الاستفادة من إمكانات القانون الدولي، تمكنت من منع إعادة تفعيل قرارات مجلس الأمن الملغاة، وهو إنجاز يعكس الوزن السياسي والمكانة العالمية لإيران، ودورها المحوري في صياغة المعادلات الدولية، وقدراتها الدبلوماسية الراسخة”.

 

 

وأضاف المتحدث باسم الخارجية، منتقداً سلوك بعض القوى الكبرى: “عندما تختار القوى العظمى نموذج استخدام القوة والعقوبات والتهديد، فإن الدول الصغيرة قد تحذو حذوها، مما يؤدي إلى تآكل النظام الدولي القائم على القانون”.

 

 

الملف النووي الإيراني لا يزال قضية محورية

 

 

وأشار بقائي إلى أن “التصريحات الأخيرة لبعض الشخصيات السياسية الغربية تُظهر اتجاهاً خطيراً قد يُهمش القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويُروّج لفكرة تحقيق السلام عبر القوة كمعيار زائف يقوم على منطق الهيمنة”.

 

 

ووصف بقائي أيضاً “التطورات الاقتصادية العالمية الأخيرة” بأنها تجسيد آخر لهيمنة القوة على العلاقات الدولية، قائلاً إن “الانتهاكات المتكررة لقواعد منظمة التجارة العالمية، وتغيّر الرسوم والسياسات الاقتصادية بقرارات أحادية أو حتى بتغريدات، تُعد مثالاً واضحاً على تراجع الضمانات المتعددة الأطراف في النظام الاقتصادي الدولي”.

 

 

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية على أن “القضية النووية الإيرانية ما تزال إحدى القضايا المحورية في السياسة الخارجية لإيران وعلى الساحة الدولية”، مشدداً على أهمية الدور الإقليمي والدولي الذي تلعبه طهران في الحفاظ على التوازن والاستقرار.

 

 

الصدام بين باكستان وأفغانستان لا يخدم المصالح الوطنية الإيرانية

 

 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إنّ الاشتباكات بين باكستان وأفغانستان لا تصب في مصلحة إيران الوطنية، مشدداً على أن “الخلافات الإقليمية، عاجلاً أم آجلاً، يجب أن تُدار وتُحل عبر الحوار، لأن استمرار النزاعات والحروب لا يخدم أيّ طرف في المنطقة، وخاصة إيران”.

 

 

وأضاف بقائي، أن “منطقة آسيا الوسطى والقوقاز تشهد حالياً درجة من الاستقرار النسبي، إلا أنّ الخلاف بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان يجب أن يُدار بحذر ومن خلال آليات فعّالة لمنع اتساع رقعة الأزمة”.

 

 

الوضع في بلاد الشام مقلق

 

 

ووصف المتحدث باسم الخارجية الوضع في بلاد الشام بأنه “مقلق”، موضحاً أن “التطورات خلال الأشهر السبعة أو الثمانية الماضية في سوريا أوجدت فرصة يستغلها الكيان الصهيوني لتعزيز نزعاته التوسعية وهيمنته في المنطقة”.

 

 

وأضاف بقائي أن “هذه التجربة تمثل درساً وتحذيراً في آنٍ واحد، إذ تُظهر أن الكيان الصهيوني لا يعترف بأي حدود في ممارساته، ولا يتورع عن ممارسة الضغوط والإهانات ضد الدول الساعية للاستقلال في المنطقة”.

 

 

وأشار إلى أن “كلّاً من لبنان وسوريا من بين الدول القليلة التي لا تزال أجزاء من أراضيها تحت الاحتلال، فيما يُضاف إلى ذلك جرائم الإبادة في غزة، وهو ما يشكل دليلاً صارخاً على غياب العدالة في النظام الدولي”.

 

 

أزمة استقلال السياسة الخارجية الأوروبية

 

 

وفي معرض تناوله للتطورات الدولية، حذر بقائي من أن العالم يشهد “عودةً إلى مرحلة كان فيها استخدام القوة أداةً أساسية في السياسة الخارجية”.

 

 

كما أشار إلى تصريحات المستشار الألماني الأخيرة، التي اعترف فيها ضمنياً بـ “عجز أوروبا وقلة حيلتها أمام السياسات الأمريكية”، موضحاً أن “المستشار أقرّ بأن الاتحاد الأوروبي، حتى لو امتلك الإرادة السياسية للتأثير في تطورات الشرق الأوسط، فإنه لا يملك الأدوات والإمكانات اللازمة لذلك”.

 

 

وأضاف بقائي قائلاً إن “هذه التصريحات تمثل دليلاً واضحاً على أزمة استقلال السياسة الخارجية الأوروبية وعمق التبعية البنيوية للدول الأوروبية تجاه الولايات المتحدة، وهي أزمة لم تُضعف العلاقات داخل أوروبا فحسب، بل أدت أيضاً إلى تراجع مكانة أوروبا في عملية صنع القرار على الساحة الدولية”.

 

 

المصدر: وكالات