لن نقبل بالهيمنة، وسنقف في وجه الاستكبار
في سياق متصل، قال محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى الإسلامي، خلال المراسم: إن هذا اليوم هو الذي أعلن فيه شعبنا بصوت عالٍ وواضح أنه لن يقبل بالهيمنة، وسيقف في وجه الاستكبار، هذا المبدأ هو الأساس الذي تقوم عليه سياستنا الخارجية، لأن العلاقات الدولية يجب أن تبنى على أساس المصالح الوطنية، فالدولة التي تفتقر إلى الاستقلال لا تملك لا العزة الوطنية، ولا المكانة، ولا القوة، ولا تقدماً مستداماً.
وأشار إلى ثلاثة أحداث تاريخية كبرى وقعت في يوم الثالث عشر من آبان، قائلاً: إن جوهر هذا اليوم هو مقاومة الشعب الإيراني للاستعباد والاستكبار، فمنذ انطلاق النهضة الإسلامية، وقف قائدنا الإلهي الإمام الخميني “رض” في وجه التبعية والإهانة الوطنية، ففي خطابه الشهير في عام 1964 بشأن قانون الحصانة، حذّر من بيع استقلال وعزة إيران. وبعد ذلك، نفى النظام الشاهنشاهي الإمام في العام نفسه، فكانت أساس نهضتنا منذ البداية “مناهضة الاستكبار”.
وقال قاليباف: إن طبيعة النظام الاستكباري لم تتغير حتى اليوم، فهم يغتالون علماءنا في قلب طهران ويظنون أن إيران القوية لا يجب أن توجد، وإن وُجدت فلا ينبغي أن تكون مستقلة، وأضاف: إن الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً أظهرت أن وجوههم تغيرت لكن وحشيتهم وعداءهم للشعوب الحرة، ولا سيما إيران، ما زالا على حالهما. إنهم يحاولون تبرير جرائمهم بمصطلحات مثل “الضربة الوقائية”، لكن الحقيقة أنهم يعادون إيران المستقلة والموحدة.
ولفت رئيس المجلس إلى عمق العداء الأمريكي التاريخي تجاه الشعب الإيراني، قائلاً: إن بعضهم يظن أن العداء الأمريكي بدأ منذ الاستيلاء على وكر التجسس، لكن هذه خدعة تاريخية. فالعداء بدأ منذ أن قرر شعبنا أن يمسك بزمام مصيره وألا يسمح لسفارات لندن وواشنطن أن تقرر مصير إيران. وتابع قائلاً: يسأل بعضهم لماذا يرفع الإيرانيون شعار “الموت لأمريكا”، لا يظنن أحد أن هذا الشعار صُنع في غرف التفكير، بل هو نابع من الذاكرة التاريخية والوجدان الجمعي للشعب الإيراني. إنه صرخة تجسد الغضب المكبوت في وجه الإهانة والخضوع، وليس شعار كراهية عمياء.
وأضاف: إن شعار “الموت لأمريكا” يعني الموت لمنطق الهيمنة، وليس الموت للشعوب. ففي يوم مقارعة الاستكبار نتحدث عن العقلانية في مواجهة الاستكبار، فهذا اليوم هو رمز الوعي الجمعي واليقظة التاريخية للأمة الإيرانية. وتابع قائلاً: لا شك أن الهدف النهائي للنظام الاستكباري هو الابتزاز وفرض السيطرة. واليوم يحاول رئيس الولايات المتحدة بذات العقلية القديمة أن يساوم على استقلال ورفاه الشعب الإيراني من خلال وعود كاذبة ومناورات سياسية. وختم رئيس مجلس الشورى الإسلامي، بالقول: لا ينبغي أن تُعاقَب أي أمة على استقلالها، ولا أن يُلام أي إنسان على إيمانه ومعتقده. طريقنا هو طريق القوة والعقلانية؛ طريق يبدأ بالإيمان، ويستمر بالعلم، ويُختتم بالعدالة.
جاهزون للردّ الحازم على أي تهديد
إلى ذلك، أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، في بيان بمناسبة اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي، بأن “هذا اليوم يجسد ذكرى أحداث مفصلية مهدت لانتصار الثورة الإسلامية في إيران”، وأكدت الهيئة، في بيانها، أن هذا اليوم يذكر بأحداث مصيرية مهدت لانتصار الثورة الإسلامية، منها نفي الإمام الخميني (رض)، ومجزرة طلاب المدارس عام 1978، واقتحام وكر التجسس الأمريكي “السفارة الأمريكية في طهران” وهي محطات شكلت منعطفا في نضال الشعب الإيراني ضد الاستكبار العالمي. وختمت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة بيانها بالتأكيد على، أن “أبناء القوات المسلحة يقفون صفا واحدا للدفاع عن إيران، مستمدين قوتهم من الإيمان بالله، وحكمة القيادة العليا، وثقة الشعب الإيراني، وهم جاهزون للرد الحازم على أي تهديد يستهدف أرض الوطن”.
اقتحام وكر التجسّس كان خياراً استراتيجياً
هذا كما أوضح حرس الثورة الإسلامية، في بيان صدره عنه بهذه المناسبة، أنّ وثائق وكر التجسّس كشفت بأنّ السفارة الأمريكية في طهران لم تكن مجرّد بعثة دبلوماسية، بل محطة تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية “CIA” تعمل بمهام أمنية وعملانية، وأضاف البيان: أنّ اقتحام وكر التجسّس كان خياراً استراتيجياً بين مسار المقاومة والعزّة والاستقلال، وبين طريق الخضوع والاستسلام، وإنّ تلك الوثائق بيّنت أنّ الدبلوماسية في العقل الأمريكي ليست وسيلة للتفاهم، بل غطاء للنفوذ والخداع والتآمر وجمع المعلومات للانقضاض عند الفرصة المناسبة.
وفي ختام البيان، دعا حرس الثورة الإسلامية “شرائح وأطياف الشعب الإيراني كافة، ولا سيّما الشباب المؤمن والثوري، إلى إظهار وحدة مقدّسة وخطى ثابتة في مواجهة الاستكبار العالمي، تماماً كما كان الحال في أيام الدفاع المقدّس ذات الـ12 يوماً، ليتبلور هذا الموقف أمام أنظار العالم أجمع”.
البيان الختامي
وتلا المشاركون في مسيرات اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي البيان الختامي للمسيرة، وفيما يلي نص البيان:
إنّ يوم الله الثالث عشر من آبان هو النقطة المحورية في المواجهة الخطابية بين الجمهورية الإسلامية والنظام الاستكباري العالمي، وهو تذكير بملحمة التلاميذ والطلبة الطلائعيين في ميدان الثورة، أولئك الأبطال الذين، اقتداءً بالمؤسس الكبير للثورة الإسلامية الإمام الخميني “رض” والقائد المعظم للثورة الإسلامية الإمام الخامنئي “دام ظله العالي”، حوّلوا هذا اليوم إلى معيار للعزة والثقة بالنفس والصمود الوطني في وجه الاستكبار.
واليوم، بعد نحو خمسة عقود من عمر الثورة الإسلامية المباركة، غيّرت القوة المنبثقة من عقيدة مقارعة الاستكبار العاقلـة موازين القوى في المنطقة والعالم لمصلحة جبهة الحق، ومنعت الولايات المتحدة المجرمة والكيان الصهيوني الفاشي من التفرّد في غرب آسيا.
واليوم، وفي لحظة المواجهة بين الحق والباطل، تقف غزة الصامدة – المحاصَرة في براثن وحشية الاستكبار الحديث – بسلاح الإيمان والإرادة الإلهية، موجّهةً ضربة قاصمة لا يمكن ترميمها إلى جسد الكيان الصهيوني العنصري واللاإنساني، فتعطّل بذلك حسابات ومخططات هذا الكيان المصطنع.
ونحن المشاركون في المسيرات الشعبية الشاملة ليوم الله الثالث عشر من آبان، متحدون وثابتون في مواجهة الاستكبار، ومعتمدون بثقة راسخة على النصر الإلهي، ومؤمنون بمبدأ مقارعة الاستكبار كأصل لا يقبل المساس، نعلن مواقفنا أمام العالم بصوتٍ واحد: الله أكبر – خامنئي قائدنا – الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل.
نحن المشاركون في هذه الملحمة الوطنية، إذ نؤكد دعمنا لكل الحركات الشعبية في مختلف أنحاء العالم ضد النظام الاستكباري، نؤكد كذلك مبدأ المقاومة الفاعلة ونرفض رفضاً قاطعاً أي شكل من أشكال التسوية أو الخضوع لهيمنة القوى الاستكبارية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني الفاشي، ونشدد على انعدام الثقة التام بالغرب.
ونرى أن صون المصالح الوطنية مرهون باستمرار نهج المقاومة ومتابعة استراتيجية تحييد العقوبات الاقتصادية الجائرة بفاعلية، كما نعتبر إدانة جرائم الحرب الصهيونية والدعم الحازم لجبهة المقاومة، ولا سيما للشعب الفلسطيني المظلوم وغزة الصامدة، مسؤولية جوهرية ووجودية للأمة الإسلامية.
نحن شعب إيران نرى أن الحفاظ على القوة الوطنية والاستقلال الشامل للبلاد مرهون بتثبيت دعائمها الداخلية، ونؤكد على الوحدة المقدسة والتماسك الوطني حول محور ولاية الفقيه ومصالح الوطن، مع الابتعاد الجاد عن النزاعات المفرقة.
كما نؤكد أن حق الشعب المشروع في تعزيز قدراته الدفاعية واستمرار استراتيجية الردع النشط أمر غير قابل للتفاوض، وندعو إلى ترسيخ الثقة بالذات في المجالين العلمي والتقني لتحقيق الاكتفاء الذاتي الاقتصادي، وإلى عرض منجزات إيران القوية بوعي وإدراك لرفع مستوى الأمل الاجتماعي.
نحن أبناء هذا الشعب نعتبر الطاعة المطلقة لولاية الفقيه رمز الحفاظ على هوية النظام ومحور وحدة القيادة في مواجهة التهديدات الاستراتيجية.
ونؤكد، إذ نجدد عهدنا الصادق مع قائد الثورة الإسلامية، على صيانة مبادئ الثورة الأصيلة وإرث الشهداء، لا سيما التلاميذ والطلبة الطلائعيين في ميدان مقارعة الاستكبار، ونعتقد أن مواصلة طريقهم هي الضمانة لبقاء الثورة وتحقيق أهدافها النهائية.
نحن شعب إيران نؤكد على الأولوية الاستراتيجية لمواجهة التهديدات الثقافية وحرب العدو المركبة والمعرفية، ونعتبر جهاد التبيين واجباً حتمياً لكشف حقيقة العدو وبث الأمل الفاعل.