على غير المتوقّع، تلاحظ الأم أن طفلها الأكبر قد أصبح أكثر عصبيةً؛ بل إنه تحوّل إلى شخص متسلّط، وذلك مع قدوم المولود الجديد للعائلة. ولذلك فهو يبدأ في تقليد الأم من ناحية إلقاء الأوامر، أو يبدأ في الصراخ على إخوته الصغار ويطلب منهم تنفيذ أوامره؛ معتقداً أنه السلطة الأبوية في البيت.
على الأم أن تعرف أنّ وجود طفل جديد في العائلة، يحوّل الطفل الأكبر خصوصاً، إلى شخص بحاجة للتعامل معه بحكمة وصبر؛ حتى يتجاوز مرحلة التسلُّط وليصبح قائداً حكيماً. وفيما يلي اهم الاسباب:
الغيرة من المولود الجديد
اعلمي أن هناك أسباباً مرتبطة بالتطوُّر العصبي لدى الطفل؛ فيجب أن تراعيها، تؤدي إلى أن يتغير سلوك الطفل الأكبر مع وجود طفل جديد. وهذه الأسباب تكمن في عدم نضج المنطقة المسؤولة عن التنظيم العاطفي، والتي تعرف بـ”prefrontal cortex”. وحيث إن هذه المنطقة تنمو ويكتمل نموُّها بشكل تام حتى يصل الطفل إلى سن المراهقة. ولذلك ففي مرحلة دخول سن المراهقة، سوف تلاحظين أن طفلكِ قد استطاع أن يفرّق بين أسلوب التحكُّم بالآخرين، وأسلوب التحكُّم فيهم.
لاحظي أنه من الخطأ أن تعتقدي أنّ طفلكِ الأكبر سوف يساعدكِ في العناية بالأطفال الأصغر سناً؛ بل على العكس تماماً؛ لأن الطفل الأكبر كان يرى نفسه محور الكون، ولكن مع قدوم طفل آخر؛ فهو لا يستطيع أن يستوعب أنّ حب الأم يتسع لأكثر من طفل، وأن الحب والحنان يمكن أن يُقتسم بين الأبناء، وأن هذه غريزة وفطرة تتفوّق فيها الأمهات.
توقعي أن يهرع إليكِ طفلكِ الأكبر لكي يشكو إليكِ من تصرفات إخوته الآخرين، مثل أن يقول لكِ: انظري لابنتكِ الصغيرة، لقد لوّثت الحائط بالألوان، أو أن يقول لكِ: انظري، لقد بلل طفلكِ الصغير ثيابه. وهو يرى أنه أفضل سلوكاً من إخوته؛ فهو لا يرسم على الحائط، كما أنه يقضي حاجته في الحمام وبمفرده.
اعلمي أن طفلكِ الأكبر ليس أنانياً مع قدوم طفل جديد؛ بل هو بحاجة لكي يتأكد منكِ، أنه لازالت لديه مكانته الأولى. وهو يريد بتصرفاته أن يقول لك: أريد أن أبقى كما كنتُ. وفي هذه الحالة يأتي دوركِ لكي تُشركيه في معظم أمور البيت، مع ملاحظة أنه غير قادر على المساعدة المتكاملة؛ فيكفي أن يقوم بخطوة مثلاً، ثم تقولين له: أشكرك، سوف أكمل الباقي، وهكذا.
لاحظي أنه يمكنكِ التقليل من أعراض تسلُّط الطفل الأكبر، من خلال تهدئة جهازه العصبي بعبارات محفّزة تؤكّد على إمكانياته واعترافك بقدراته، والتأكيد له أن القيادة ليست حرباً ولا صراخاً، كما أن حبكِ له كما هو، ومكانته ثابتة ولم تتغير لديكِ، بمعنى أن الحبل العاطفي الذي تكوّن بينكِ وبينه كأول طفل شعرت معه بالأمومة، لازال ممتداً؛ فهو يسعد كثيراً حين يسمع لقب “الكبير”، أو حين يسمع الآخرين يكنّونك باسمه.
خصصي وقتاً خاصاً لك ولطفلكِ الأكبر؛ بعيداً عن باقي الأطفال، واتركي له سراً صغيراً لكي يشعر بقيمته، وتعاملي معه على أساس أنه المهم. ولكن ليس معنى ذلك أن يظلم باقي إخوته الذين هم بحاجة للرعاية والاهتمام والتعلُّم على مبادئ أساسية في حياتهم، مثل: أن يتعلموا ارتداء ملابسهم بأنفسهم، ودخول الحمام من دون تبليل سراويلهم، وهكذا.