إنّ دور صناعة البتروكيماويات في الاقتصاد الإيراني بارز إلى درجة أنها تُعدّ أحد أعمدة الاستقرار والنمو الاقتصادي في البلاد، فهي تشكّل 25% من إجمالي الصادرات غير النفطية، ونحو 19 إلى 20% من القيمة المضافة للصناعة الوطنية.
وقال حميدرضا عجمي، مدير الاستثمار في الشركة الوطنية لصناعات البتروكيماويات بهذا الشأن: في السنوات الأخيرة تحديداً، تم تلبية نصف احتياجات البلاد من العملة الصعبة سنوياً من خلال صناعة البتروكيماويات، وبلغ هذا الرقم في المتوسط 12 – 13 مليار دولار، وقد تجاوز ذلك في بعض السنوات.
وأشار عجمي إلى أن 25% من الصادرات غير النفطية هي حصة صناعة البتروكيماويات، وفي بعض التقارير يُعلن عن هذا الرقم حتى 30%، كما أن 20% من إجمالي القيمة المضافة التي تتحقق في الصناعات الوطنية هي من نصيب صناعة البتروكيماويات الإيرانية.
وأضاف: طبيعة هذه الصناعة هي خلق القيمة المضافة، وإذا ما دققنا في سلسلة صناعة البتروكيماويات داخل البلاد بالكامل، فإن القيمة المضافة في كل طبقة من طبقاتها تصل إلى 50% وحتى 100%، لأن جوهر صناعة البتروكيماويات يكمن في خلق القيمة المضافة.
وبدأت فكرة إنشاء صناعة البتروكيماويات ومتابعتها في إيران منذ عام ١٩٥٠، واتُخذت الخطوات الأولى لتأسيس وحدات إنتاج الأسمدة والكيماويات في أواخر عام ١٩٥٨. وقد مهّد تشكيل المؤسسات المتخصصة والتخطيط المنظم لهذه الصناعة بعد انتصار الثورة الإسلامية الطريق لتطورها.
وتأسست الشركة الوطنية لصناعات البتروكيماويات في أوائل عام ١٩٦٠، ومنذ ذلك الحين تولّت هذه الشركة إلى حد كبير إدارة التطوير، وبناء المجمعات، ووضع السياسات في هذا القطاع.
في العقود التالية للثورة، لاسيما منذ عقدي ١٩٩٠ و2000، شهدت الطاقة الإنتاجية نمواً متسارعاً أدى إلى إنشاء مجمعات عملاقة. وفي بداية عام ٢٠٢٤، الذي يُعدّ انطلاقة البرنامج التنموي السابع، بلغت الطاقة 5/96 مليون طن، وها هي الآن على أعتاب ١٠٠ مليون طن.
وللوصول إلى الطاقة الإسمية البالغة ١٠٠ مليون طن في صناعة البتروكيماويات الإيرانية، تم استثمار أكثر من ٩٠ مليار دولار في هذه الصناعة منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية وحتى اليوم.
وتنتج صناعة البتروكيماويات الإيرانية طيفاً واسعاً من المنتجات الكيميائية الأساسية والبوليمرية، تُصنَّف في ثلاث فئات رئيسية: «المنتجات الأساسية» و«الوسيطة» و«التكميلية».
وتُعدّ الأوليفينات مثل الإيثيلين والبروبيلين والبوتاديين – التي تُستَخدم في إنتاج البوليمرات مثل البولي إيثيلين والبولي بروبيلين والمطاط الصناعي – والأروماتيكات مثل البنزن والتولوين والزيلينات (بارا-زيلين، أورثو-زيلين، ميتا-زيلين) – التي تُستَخدم في المواد الأولية لصناعات النسيج والبلاستيك والراتنجات والمنظفات – والميثانول، من المنتجات الأساسية في البتروكيماويات.
وتُعدّ مجمعات كبرى مثل بتروكيماويات نوري، وبوعلي سينا، وبندر إمام، وجم، ومارون، وشازند أراك، وخارك المنتجين الرئيسيين للمواد الأولية الأساسية في هذه الصناعة.
وتُعدّ الجليكولات مثل إيثيلين جليكول، ودي إيثيلين جليكول، وتراي إيثيلين جليكول – التي تُستَخدم في إنتاج مضاد التجمد، والبولي إستر، والراتنجات – والأمونيا وأملاح الأمونيوم مثل اليوريا الحبيبية “غرانول” واليوريا البريلية – التي لها تطبيقات في الأسمدة الكيميائية والصناعات الدوائية – والستايرين ومشتقاته مثل مونومر الستايرين SM – الذي يُستَخدم في إنتاج البولي ستايرين، والمطاط الصناعي – وفينيل كلورايد وPVC مثل مونوفينيل كلورايد VCM وبولي فينيل كلورايد PVC – الذي يُستَخدم في الصناعات الإنشائية، والأنابيب والوصلات، والطلاءات – والبروبيلين ومشتقاته مثل أكسيد البروبيلين والبولي بروبيلين – الذي يُستَخدم في صناعة التغليف وقطع السيارات – من المنتجات الوسيطة الرئيسية التي تُنتَج في صناعة البتروكيماويات الإيرانية.
يمكن تصنيف المنتجات النهائية وسلسلة التكميل في الصناعات النهائية “المنتجات التحويلية” في المجموعات التالية:
– مجموعة البوليمرات Plastics & Polymers مثل البولي إيثيلين PE، والبولي بروبيلين PP، والبولي ستايرين PS، وPET، التي تُستَخدم في التغليف، والأدوات المنزلية، وقطع السيارات.
– مجموعة الراتنجات واللصقات مثل الإيبوكسي، والفينوليك، واليوريا-فورمالدهيد، التي تُستَخدم في صناعات الطلاء، والطلاءات، والأثاث.
– مجموعة المطاط والإلاستومرات مثل البوتاديين، وSBR، وBR، التي تُستَخدم في صناعة الإطارات والقطع الصناعية.
– مجموعة الأسمدة والمواد الكيميائية الزراعية مثل الأمونيا، واليوريا، وسلفات الأمونيوم، التي تُستَخدم في الزراعة.
– مجموعة السرفكتانتات والمنظفات مثل LAB وLAS، التي تُستَخدم في المنظفات والمطهرات.
– مجموعة الكحوليات والمذيبات مثل الإيثانول، والإيزوبروبانول، والميثانول، التي تُستَخدم في الصناعات الدوائية، والمطهرات، والوقود.
وخلال السنوات الأخيرة، ورغم العقوبات والعوائق الدولية، كانت صناعة البتروكيماويات الإيرانية أحد القطاعات التي تمكنت من الحفاظ على صادراتها إلى حد كبير، بل وزيادتها في بعض السنوات، مما أدى إلى تحقيق إيرادات جيدة وعوائد عملة صعبة للبلاد.
وفي العام الماضي، بلغت صادرات المنتجات البتروكيماوية 2/29 مليون طن بقيمة حوالي ١٣ مليار دولار، فيما بلغت المبيعات الداخلية الصافية 1/13 مليون طن بقيمة حوالي ١١ مليار دولار؛ أي أن صناعة البتروكيماويات حققت في العام الماضي مباشرة إيرادات قدرها ٢٤ مليار دولار.
وأعلنت الشركة الوطنية لصناعات البتروكيماويات ووزارة النفط عن برامج لإضافة نحو ٣٥ مليون طن إلى الطاقة الإسمية خلال فترة خمس سنوات “برنامج التنمية السابع”، بهدف الوصول إلى حوالي 5/131 مليون طن طاقة إسمية بنهاية عام ٢٠٢٨. وتشمل هذه الحزمة زيادة الطاقة في البوليمرات، والبروبيلين، والإيثيلين، والأروماتيكات، واستكمال سلاسل الوسيطة والنهائية “المنتجات التحويلية”.
وتمتلك إيران طاقات هائلة في المواد الخام والبنية التحتية الأساسية؛ لكن لكي تصبح لاعباً ذا قيمة مضافة أعلى في السوق العالمية، يجب التركيز على استكمال سلسلة القيمة، وجذب الاستثمارات الأجنبية أو الشركاء التكنولوجيين، وتحسين إدارة الصادرات، وتطوير أسواق جديدة.
إن تحقيق الأهداف الكبرى “مثل ١٣١ مليون طن طاقة إسمية” يتطلب إدارة منسقة بين القطاعين الحكومي والخاص، وجذب التكنولوجيا والاستثمار، وإصلاحات هيكلية في مختلف قطاعات هذه الصناعة.