وفتحت التكنولوجيات القائمة على هندسة الأسطح النانوية في السنوات الأخيرة آفاقاً جديدة في تطوير المواد والطلاءات والمعدات الذكية.
ويُعدّ هذا المنتج نقطة تحول في توطين المعدات المخبرية المتقدمة وتعزيز القدرة التكنولوجية للبلاد. كما يحدد سلوك السطح على المقياس النانوي الأداء النهائي للمواد في مجالات مثل الطلاء والتغليف والطب وصناعة السيارات وحتى المعدات الإلكترونية المتقدمة. ومن ثم، تلعب أدوات قياس الخصائص السطحية بدقة –بما في ذلك زاوية التماس وشد السطح– دوراً محورياً في التقدم الصناعي والبحثي للدول.
وفي هذا السياق، يُشكّل تطوير جهاز محلي قادر على قياس هذه المعايير بدقة عالية مع الاعتماد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي خطوة كبيرة على طريق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي في إيران.
* من الفكرة إلى المنتج المعرفي؛ حكاية ميلاد ابتكار إيراني
تُعدّ شركة إيرانية اليوم أحد اللاعبين الجادين في مجال المعدات المخبرية المتقدمة؛ غير أن الطريق إلى المنتج النهائي لم يكن قصيراً.
ويقول عضو مجلس إدارة الشركة عن مصدر الفكرة: “جاءت الفكرة الأولية من أستاذ جامعي ضمن أعضاء الفريق. وبعد عودته من كندا، تشكّلت فكرة صنع جهاز مبتكر لقياس زاوية التماس في كلية الهندسة الميكانيكية بجامعة طهران، ليؤسس فريق شبابي هذه الشركة”.
وبحسبه، تشكّلت النواة الأولى للمشروع عام 2014، واستغرقت ثلاث سنوات من التطوير الأولي، حيث دخل أول منتج تجاري للشركة السوق عام 2017، وأُطلقت النسخة الأحدث –المجهزة بوحدة الذكاء الاصطناعي– عام 2024، لتصل عام 2025 إلى مرحلة التسويق الرسمي وحصولها على شهادة المقياس النانوي. هذا المسار الذي امتدّ عشر سنوات يُظهر الدعامة العلمية والهندسية القوية للمنتج.
* التصميم المعياري؛ ميزة استراتيجية للمستخدمين
يُعدّ التصميم المعياري أحد نقاط التميّز لهذا المنتج مقارنةً بنظائره الأجنبية، حيث تتمتع مكونات الجهاز بإمكانية الترقية والاستبدال والصيانة بشكل مستقل. وبحسب قوله، يتيح التصميم المعياري للمستخدم –في حال تعطّل جزء من النظام– استبدال ذلك الجزء فقط.
وفضلاً عن ذلك، يمكن تركيب وحدة الذكاء الاصطناعي على الإصدارات السابقة أيضاً، إذ يستطيع المستخدمون القدامى تحديث أجهزتهم إلى الطراز الجديد بمجرد ترقية برمجية واحدة، ولا تقتصر هذه الميزة على خفض التكاليف فحسب، بل تسهّل أيضاً وصول المستخدمين الإيرانيين إلى أحدث التقنيات.
* مقارنة مع النماذج الأجنبية؛ جودة مماثلة، سعر أقل بكثير
تُنتج أجهزة قياس زاوية التماس منذ سنوات بواسطة شركات بارزة مثل Krüss وBiolidng في أوروبا وآسيا، لكن وبحسب عضو مجلس إدارة الشركة، يُقدَّم هذا الجهاز بمستوى جودة مشابه، وبنصف إلى ثلث سعرها. وتتراوح أسعار النماذج الأجنبية بين 10 و12 ألف دولار، في حين يُطرح النموذج الإيراني بجودة معادلة وبنصف السعر في السوق. ومنذ عام 2018 وحتى الآن، بيع أكثر من 50 جهازاً للجامعات والمراكز الصناعية في البلاد، وسجّل أداءً ناجحاً حتى قبل إضافة الذكاء الاصطناعي.
وحتى أحد المستخدمين الذين لديهم خبرة في العمل بجهاز أجنبي في جامعة خارج إيران، أقرّ بأن النسخة الإيرانية أكثر سلاسة في الاستخدام User Friendly وخالية من الأخطاء البرمجية.
* توفير العملة و القيمة الاقتصادية
وأدّى توطين هذا الجهاز حتى الآن إلى توفير يقارب 2.5 مليون دولار من العملة الصعبة للبلاد، وينجم هذا التوفير ليس فقط من فارق سعر الشراء، بل من إلغاء تكاليف الجمارك والنقل والتركيب والتدريب وخدمات ما بعد البيع الأجنبية. ومع بدء التصدير، يمكن أن يتضاعف هذا الرقم عدة مرات.
* الإنتاج حسب الطلب؛ مرونة إلى جانب الجودة
ويتم إنتاج هذا الجهاز بشكل مخصص، دون قيود على الطاقة الإنتاجية، ويقول: “يُنفَّذ الإنتاج بناءً على طلب العميل، ويُسلَّم خلال ثلاثة أسابيع عمل، وبما أن المعرفة الفنية لدينا، فلا حدود للإنتاج”.
ويُعدّ هذا النموذج الإنتاجي منطقياً للمعدات المخبرية المتقدمة، كما يقلّل تكاليف التخزين ومخاطر المبيعات.
* آفاق التصدير؛ من المختبرات الإيرانية إلى السوق العالمية
وصُمّم النموذج التصديري لهذا الجهاز باسم CAG 100 Contact Angle Goniometer 100، وقد راعينا منذ البداية تصميم النموذج التصديري بحيث يُركَّب ويُستخدم بسهولة في أي بلد، دون الحاجة إلى فكّ البراغي أو إجراء تعديلات معقدة.
وإن الجودة العالية والتصميم المعياري والسعر التنافسي قد مهّدت الطريق أمام دخول هذه التقنية الإيرانية إلى الأسواق الخارجية.
* التآزر بين النانو والذكاء الاصطناعي
يُعدّ جهاز قياس زاوية التماس “جيكان” نموذجاً واضحاً للتآزر بين هندسة الأسطح النانوية والذكاء الاصطناعي في إيران.
وهذه التقنية تجمع بين الدقة العلمية والتطبيق الصناعي والابتكار البرمجي، مما يعزّز مكانة إيران في مجال المعدات المتقدمة.
الدعامة العلمية والهندسية، أكثر من عشر سنوات من البحث والتطوير وعدة مراحل اختبار ناجحة، دقة وتكرارية عالية مع إلغاء التدخل البشري واستخدام الذكاء الاصطناعي في معالجة الصور، تصميم معياري وقابل للترقية يسهّل الصيانة والتحديث وخدمات ما بعد البيع، توفير العملة وآفاق التصدير مع أكثر من 2.5 مليون دولار توفيراً حتى الآن وإمكانات تصديرية عالية، سهل الاستخدام ومحلي: أداء أبسط من النماذج الأجنبية مع دعم داخلي؛ نقاط رئيسية عن هذا الابتكار.
